هناء عبد الفتاح .. من “هتشتغل حمار يا عم هريدي” إلى العالمية

في ذاكرة السينما المصرية، يظل مشهد الطفل الصغير في فيلم “الفتوة”، وهو يوجه جملته الشهيرة لفريد شوقي، محفورًا في أذهان المشاهدين. ذلك الطفل لم يكن سوى الدكتور هناء عبد الفتاح، ابن الفنان والإعلامي عبد الفتاح غبن، والذي بدأ رحلته في الفن طفلًا، ثم انقطع عنه ليعود لاحقًا كمثقف وأكاديمي ومترجم، وصولًا إلى المشاركة في أفلام عالمية.
البداية من السينما إلى الأكاديمية
شارك هناء عبد الفتاح وهو طفل في عدة أفلام، أبرزها “باب الحديد” و”عاشت للحب”، لكنه سرعان ما ترك التمثيل ليتفرغ للدراسة. التحق بأكاديمية الفنون، حيث تفوق أكاديميًا حتى أصبح معيدًا بها. ثم سافر في بعثة علمية إلى بولندا لدراسة الدكتوراه، وهناك قضى نحو عشرين عامًا، تزوج خلالها من سيدة بولندية، وساعدته هذه الزيجة في ترجمة ونقل الثقافة البولندية إلى العالم العربي، عبر مؤلفات حصلت على جوائز مرموقة.
موقف غيّر مسيرة عبد الله مشرف
كان الدكتور هناء عبد الفتاح سببًا في دخول الفنان عبد الله مشرف إلى معهد التمثيل في الستينيات. عندما التقاه مشرف على سلم المعهد وأخبره بأنه سيقدم اسكتش تقليد للفنانين في اختبارات القبول، نصحه د. هناء بعدم فعل ذلك، لأن اللجنة ترفض هذا النوع من الاختبارات. بدلًا من ذلك، أعطاه مشهدًا من مسرحية “هاملت” الشهيرة وطلب منه أن يؤديه بعدة طرق مختلفة، مما ساعد مشرف على النجاح وقبول اللجنة له.
إسهاماته الفنية وأعماله العالمية
رغم انشغاله بالأكاديمية، عاد هناء عبد الفتاح إلى التمثيل في بداية الألفية الجديدة، حيث شارك في عدة أفلام مع النجم عادل إمام، مثل “السفارة في العمارة” بدور الدكتور شهدي، و”الشبح” و”ابن القنصل”، وله أفيهات شهيرة مثل: “أنا خُلقت لكي أعترض”، و”شربتها يا كورديا”. كما ظهر في الفيلم الأمريكي الشهير Fair Game عام 2010، إلى جانب ناعومي واتس وشون بين، ليضع بصمته في السينما العالمية.
مسرح للصم والبكم.. وفنان لأجل البسمة
في سنواته الأخيرة، كرّس هناء عبد الفتاح جهوده لأصحاب الهمم من الصم والبكم، حيث قدم عروضًا مسرحية تعتمد على الأداء الحركي المبالغ فيه، لرسم البسمة على وجوه الأطفال من ذوي القدرات الخاصة، مؤكدًا أن الفن رسالة قبل أن يكون مجرد مهنة.
الرحيل بعد صراع مع المرض
في أكتوبر 2012، رحل الدكتور هناء عبد الفتاح بعد صراع مع مرض السرطان، تاركًا إرثًا فنيًا وأكاديميًا مميزًا. بموهبته وإبداعه، استطاع أن يكون جسراً بين الثقافات، وفنانًا قدم الكثير لجمهوره، سواء على المسرح، في السينما، أو حتى في قاعات التدريس. رحم الله هذا المبدع الكبير وأسكنه فسيح جناته.