مغالطات تاريخية فادحة بمسلسل معاوية يكشفها أستاذ السيرة النبوية

انتقد د. عبدالله معروف، أستاذ السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي وقوع المسؤولون عن مسلسل “معاوية بن أبي سفيان” فى الكثير من المغالطات التاريخية وكتب قائلا :
شاهدتُ الحلقة الأولى من مسلسل (معاوية) الذي يقولون إن تكلفته وصلت إلى 100 مليون دولار. حرصتُ على متابعة الحلقة مجرداً من أي انطباعاتٍ مسبقة وقلت في نفسي لعل هذا العمل يكون إضافةً حقيقية نحتاجها.
الانطباع العام:
مسلسل رديء من ناحية اللغة العربية البعيدة تماماً عن جزالة لغة ذلك العصر (هند تقول لوليدها معاوية: “أنت إنجازي الأعظم”.. ولا أدري منذ متى كانت قريش تستعمل هذه الكلمة).
التمثيل في غاية الضعف والهزالة، ويظهر فيه بوضوحٍ أسلوبُ المسلسلات المصرية التاريخية من خلال المبالغة السمجة في الانفعالات ومحاولة إظهار التعابير بشكل غير طبيعي ومبالغ فيه.
لا أدري من المسؤول عن الملابس في هذا المسلسل..! فمنذ متى كان العرب في مكة يلبسون القفطان العثماني وملابس العصر المملوكي؟!!
من الناحية التاريخية:
من الواضح أن الكاتب لا يعرف من التاريخ إلا ما يجده في بعض الكتب الحديثة، فقد أظهرَ في بداية المسلسل أن معاوية رضي الله عنه ولد في العام الثالث عشر قبل الهجرة (أي في السنة الأولى للبعثة)، وهذا كلام غير صحيح، لأن معاوية رضي الله عنه كان في الخامسة من عمره عند بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ، وبالتالي فقد ولد في العام الثامن عشر قبل الهجرة.. فالفارق خمس سنواتٍ كاملة..
كما أن المؤلف الجاهل جعل الهجرة إلى الحبشة تحدث في العام الرابع قبل الهجرة، أي العام التاسع للبعثة الذي كان فيه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في شِعبِ أبي طالبٍ خلال المقاطعة ، بينما يعرف أصغر طالبٍ في التاريخ الإسلامي أن هجرة الحبشة حدثت في العام الخامس للبعثة، فكيف خلط هذا الكاتب كل تلك الأحداث بهذه الفظاظة؟!
بحثت بعد مشاهدة الحلقة عن مؤلف المسلسل فوجدته صحفياً مصرياً لا علاقة له بالتاريخ من قريب أو بعيد.. ففهمت مدى الكارثة المحرجة التي وضع أصحاب هذا المسلسل أنفسهم فيها.
قارِن مقارنةً بسيطةً من حيث اللغة والانفعالات والملابس والديكور والموسيقى التصويرية والحبكة الدرامية بين هذا المسلسل من ناحية، والحلقة الأولى من مسلسل (عمر) من ناحية أخرى.. فسيتبين لك الفرق الهائل بين ذلك العمل العملاق، وهذا العمل القزم.. ووجدتُني في نهاية الحلقة أتحسر على مائة مليون دولار ذهبت هباءً كان يمكن أن تنتج شيئاً عظيماً لو وُسِّدَ الأمرُ لأهله.
ثم تفكرت في السبب، فلم أجد إلا صفاء النيَّة وكدَرَها.. فمن لم تكن نيّته صافيةً لم يكن عمله خالصاً.
ورضي الله عن آل البيت الكرام وعن الخلفاء الراشدين الأجلاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن أمير المؤمنين معاوية وعن جميع أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
