محمد سامي..هل هو السبب الوحيد في أزمة الفن؟

عندما أعلن المخرج محمد سامي اعتزاله المفاجئ، انطلقت موجة من التعليقات التي حملته وحده مسؤولية “إفساد” الذوق العام وانحدار مستوى الفن. لكن هل كان سامي هو المشكلة الحقيقية، أم أنه مجرد جزء من منظومة أكبر صنعت هذا الواقع؟
الجمهور… المنتج الخفي للفن
الفن ليس مجرد رؤية مخرج أو نص كاتب، بل هو انعكاس مباشر لذوق السوق. محمد سامي لم يعمل في فراغ، بل وجد جمهورًا يتابع أعماله، ومنتجين يتسابقون للتعاون معه، ونظامًا كاملاً يفتح له الأبواب. إذن، لماذا يتحمل الرجل وحده وزر صناعة لم يكن ليزدهر فيها لولا طلب السوق؟
بلطجة ودراما رخيصة مغلفة بالفن
قدم سامي أعمالًا تعتمد على الصوت العالي، المونتاج المتقن، والدراما الصاخبة، وهي وصفة نجحت جماهيريًا، لكنها كانت بمثابة مرآة تعكس ما يبحث عنه بعض المشاهدين: إثارة، بلطجة، خيانة، صراعات، وشتائم مغلفة بالفن. وبالتالي، لا يمكن الحديث عن “إفساد الفن” دون الاعتراف بأن الجمهور كان مشاركًا أساسيًا في رفع هذه الأعمال إلى قمة المشاهدات.
الاعتزال الحقيقي يبدأ من الجميع
إذا كان الفن بحاجة إلى إصلاح، فلماذا لا يعتزل كل من شارك في هذا النمط من الدراما؟ لماذا يهاجم البعض سامي بينما كانوا يعملون معه، ويجنون الأرباح من نجاح أعماله؟ الحقيقة أن “التغيير” لا يأتي من شخص واحد، بل من نظام إنتاجي كامل، ومن جمهور يطالب بفن مختلف، ومن صناع قرار يضعون معايير جديدة تحكم المحتوى الفني.
محمد سامي… ضحية أم متهم؟
لنكن واقعيين، محمد سامي لم يكن ملاكًا، لكنه أيضًا ليس الشيطان الوحيد في المشهد. هو مجرد مخرج عرف كيف يلعب على أوتار السوق، وأدرك جيدًا ما الذي يجعل العمل يتصدر التريند. فإذا كان الفن يحتاج إلى تصحيح مساره، فليكن الحل شاملًا، وليس مجرد تحميل شخص واحد المسؤولية، بينما يظل الآخرون يكررون نفس الأخطاء تحت أسماء مختلفة.