الأطباء.. توضيح لحقائق ورد على بعض المغالطات حول قانون المسئولية الطبية

كتبت جيهان عبد الرحمن
في ظل ما أُثير من جدل واعتراضات حول بعض مواد قانون المسؤولية الطبية، نرى أنه من الواجب توضيح الصورة كاملة، وتصحيح بعض المفاهيم المغلوطة التي تم تداولها مؤخرًا.
وقبل البدء نود التأكيد على أمر هام وهو أنه لا يوجد نص تشريعي في أي مكان في العالم كامل الأوصاف، وإنما تُصحّح التجربة مسارها دائمًا، والدليل على ذلك أن جميع قوانين الدولة، بل حتى دستورها، قد تم تعديلها مرارًا وتكرارًا، وتلك هي طبيعة التشريعات.
وتوضح نقابة الأطباء الآتي:
1- يُقال أن القانون لم ينص صراحةً على تغطية جميع التعويضات، ولا نعلم كيف ستكون وثيقة التأمين.
🔴 والحقيقة أن إدراج تلك السلبية ناشئ عن فهم غير صحيح واستباق للأحداث، حيث أن اللائحة التنفيذية ستوضح كيفية تعاقد مقدم الخدمة مع الصندوق أو شركة التأمين، وهل يرغب في تغطية كاملة أم جزئية، وكذلك الحد الأقصى للتغطية الذي يتحدد على أساسه قيمة الاشتراك.
وقد تُركت هذه المادة لرغبة مقدم الخدمة حسب احتياجه، حيث إن أطباء الباطنة – على سبيل المثال – لا يحتاجون تغطية كاملة كالتي قد يحتاجها أطباء الجراحة.. وبالتالي، تُرك الأمر خاضعًا لاختلاف وتنوع التخصصات ورغبة الطبيب.
2- (المادة 23): يُقال إن عبارة “مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد” قد فتحت الباب لتطبيق قانون العقوبات على الطبيب بأي مادة منه.
🔴 والحقيقة أن إثارة هذه النقطة تحديدًا تنم عن عدم إلمام بالتفسيرات القانونية ومبدأ مشروعية النصوص الجنائية.. والرد ببساطة هو أنه لا يوجد في أي قانون آخر تعريف للممارسات الطبية سوى قانون المسؤولية الطبية، ومن ثم لا مجال لإعمال نصوص قانون العقوبات على الممارسات الطبية، لعدم وجود تعريف لها خارجه.
أما عن هذه العبارة، فهي تُدرج في جميع القوانين الخاصة، ويتم النص عليها لأنه – على سبيل المثال – إذا وقع اعتداء على مقدم الخدمة الطبية بقصد الإرهاب، فلن يُعاقب مرتكب الجريمة بالعقوبة المغلظة إلا بوجود هذا النص، وإلا قد يُعاقب المعتدي الذي تسبب في وفاة مقدم الخدمة الطبية بستة أشهر فقط، لا بمقتضى قانون العقوبات.
- (المادة 25): تم التعويل على أن عقوبة الاعتداء على الفريق الطبي هزيلة.
🔴 والرد أن عبارة “مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد” قد أُدرجت لتتيح مجالاً لتطبيق العقوبات المغلظة حال وقوع تعدٍ عنيف على مقدمي الخدمة الطبية.
4- (المادة 26): تتعلق بالعقوبات على المحظورات المفروضة على الأطباء والمنشآت الطبية.
🔴 وفي التعليق عليها، تم نسيان – أو تناسى البعض – أن المسؤول عن المنشأة يُحاسب مثل الطبيب بذات العقوبة، وهذه المحظورات، بطبيعة الحال، لا يتجاوزها الأطباء، مثل الإقرارات وتهيئة المنشآت، حيث إنه من الواجب على الطبيب التأكد من ترخيص أي منشأة طبية يعمل بها، وأن يضمن موافقة المريض على الإجراء الجراحي في غير حالات الطوارئ.
5- (المادة 27) ووجود الغرامة بعد إلغاء الحبس والغرامة تُعد عقوبة جنائية.. ومع أن مجلس النقابة قد كافح لوضع المسؤولية الطبية في إطار المسؤولية المدنية لا الجنائية، إلا أن إصرار المشرع على هذا الإطار كان الحل محاولة تخفيض الغرامة، وقد تم تخفيضها من مليون جنيه إلى ما قيمة تترواح من ١٠ إلى ١٠٠ ألف جنيه كحد أقصى.
وبالنظر إلى القانون الحالي، حيث يُدفع كفالة تصل إلى مائة ألف جنيه مع تعريض الطبيب للحبس، فإن النص الجديد يُعد أفضل كثيرًا من الوضع الحالي، وسنتكاتف جميعًا لمحاولة تعديل النص ليُقر بأن المسؤولية الطبية مدنية.
6- (المادة 29) وعقوبة الشكاوى الكيدية، وقد أُثني عليها ونراها جيدة جدًا، حيث ستُسهم – على الأقل – في منع نسبة كبيرة من الشكاوى التي كان من الواضح أنها كيدية.
🔴 ختامًا: نرجو من كل زميل حريص على مصلحة الأطباء أن يتحرّى الدقة في تفسير النصوص، وأن يستعين بقانونيين ليكون تفسيره صحيحًا وإزالة أي سوء فهم للقانون.. ومع التطبيق وتكاتف الأطباء، سنراقب الوضع على أرض الواقع، ونعمل على تلافي كافة النقاط التي قد تظهر سلبياتها في التطبيق، إذ أن القوانين ليست كتبًا سماوية ويمكن تعديلها بحسب الأوضاع والظروف في حينها.
وفي النهاية، نسأل الله التوفيق في خلق بيئة عمل آمنة تُمكّن الأطباء من أداء عملهم على أكمل وجه، وتقديم أفضل رعاية طبية لمرضانا.