” معاك يا قائد” جملة قد تكون معتادة بين إثنين في أي مجال حينما يكون هناك مجال للإختيار حول أي قرار أو رأي أو مصير .. ولكن هذه الجملة التي نطق بها الشهيد طيار ملازم أول باسم محمود شبل لقائده الرائد الشهيد محمد السيد سليمان قبل استشهادهما في حادث سقوط الطائرة أمام شاطئ راس البر ليست كأى جملة .. بل هي قصة وحدوتة ورواية عظيمة .
“معاك يا قائد” خرجت علي لسان الشهيد باسم لتعني أنه أختار شرف الشهادة والإخلاص بدلا من الحياة ومافيها وهو مدرك أنه لا نجاة له في حال تمسكه بهذه الجملة .
أي نوع من البشر هذا الذى يمثله الشهيد باسم وكان في مقدوره أن يقفز ناجيا بحياته عندما طالبه قائده بالقفز بعد أن تعطلت الطائرة وبات الموت وشيكا لا محالة ، أكيد هذا الشهيد البطل فضل الشهادة عن أن يخرج حيا وهو يرى قائده يضحي بحياته من أجل حماية الناس على أرض راس البر ، لأنه في تصوري لن يسامح نفسه أبدا على تركه قائده وطائرته ، وهذا النوع من البشر لا أظنه موجودا إلا عند من لديه دين وأخلاق وعقيدة .. وإنتماء حقيقي للجيش المصري العظيم بكل عبقريته ووطنيته .
أيضا هذه الوطنية وحب الوطن والإحساس بالمسؤولية كانت هي المعيار الوحيد الذى دفع القائد الشهيد محمد السيد سليمان يتخذ قراره بأن تكون التضحية والشهادة فوق البحر وليس فوق الأرض حيث توجه بطائرته بعيدا عن العمران حتى لا تسقط الطائرة على الأرض المعمورة بالسكان والمصطافين ، وكان وقتها يمكنه سريعا أن يقفز وينجو بنفسه ومعه رفيقه الشهيد باسم ولكنه فضل أن يستكمل طريقه للبحر ليكون مشهد بطولتهما هناك .
مافعله الشهيدان بعد تعطل طائرتهما يؤكد لنا أن جيشنا العظيم بخير .. وأن مصرنا بأمان بوجود مثل هؤلاء الأبطال الذين لا يتوانون لحظة في التضحية بحياتهم من أجل وطنهم ، هؤلاء المخلصون الرائعون لديهم عقيدة لا أظن أنها موجودة عند جنود جيوش أخرى .. وقوة الجيوش ليس فقط في وجود أسلحة حديثة أو أمكانيات ضخمة أو بالكثرة وإنما القوة في روح الجندي وعقيدته ووطنيته وإخلاصه وإنتمائه .. فما فائدة الأسلحة بدون روح من يستخدمها وعقيدة يدافع عنها .. ؟! كل الحروب السابقة منذ فجر التاريخ تؤكد ذلك .
مصر بإذن الله محمية بجيشها العظيم .. وبجنودها ” خير أجناد الأرض” .. وبشعبها الذى مهما إختلف إلا إنه على قلب رجل واحد في حب الوطن الغالي .. جينات دماء المصريين عامرة بكروموسومات نادرة تعني أن الأرض والعرض لا تفريط فيهما ، ولا تقبل أن يدافع عنهما إلا المصري الأصيل .. والمصري فقط .
كل التحية والإحترام والتقدير والحب لجيشنا العظيم وجنوده وكل قياداته.. وتحيا مصر دائما وأبدا حتى تقوم الساعة .
