الكيل بمكيالين في كرة القدم المصرية… الطريق إلى الانحدار

في عالم الرياضة، تعد العدالة ركيزة أساسية لضمان التنافس الشريف، لكن حين تُغيب هذه العدالة، تتحول الملاعب إلى ساحات صراع مشحونة بالظلم والإحباط. هذا تمامًا ما يحدث في كرة القدم المصرية ، حيث بات الكيل بمكيالين سمة واضحة تهدد مستقبل اللعبة وتنزع عنها روحها الحقيقية.
اتحاد الكرة وازدواجية المعايير
كثيرًا ما يُتهم اتحاد الكرة المصري باتخاذ قرارات متناقضة، تفتقر إلى الحياد والاتساق. ففي الوقت الذي يُعاقب فيه نادٍ على تجاوزات بسيطة بسرعة البرق، يُغض الطرف عن تجاوزات أكبر من أندية أخرى، وكأن القوانين وضعت لتطبق على البعض دون الآخر. هذه الازدواجية لا تُضعف فقط الثقة في المنظومة، بل تكرّس الإحساس بالظلم لدى الأندية والجماهير.
التحكيم تحت المجهر
التحكيم في مصر ليس بعيدًا عن هذه الفوضى. قرارات مثيرة للجدل تتكرر، وغالبًا ما تصب في مصلحة أندية بعينها، مما يثير الشكوك حول الحيادية والنزاهة. ورغم وجود تقنية الـVAR، لا تزال الأخطاء التحكيمية المؤثرة تثير الغضب، وسط تساؤلات عن جدوى التكنولوجيا إن لم يُحسن استخدامها.
الإعلام.. شريك في الانقسام
الإعلام الرياضي في مصر غالبًا ما يتورط في تغذية هذا التحيز. بعض القنوات والبرامج باتت تتبنى روايات محددة، وتكيل الاتهامات أو تتجاهلها بحسب اسم النادي، لا بحسب الحقيقة. والنتيجة: جمهور مشحون، ومناخ عام مسموم، وصورة مشوهة لكرة القدم المصرية.
الجماهير بين الغضب واليأس
الجماهير لم تعد تكتفي بدور المتفرج، بل أصبحت الصوت الأعلى في كشف مظاهر الظلم والازدواجية. ومع ذلك، فإن استمرار تجاهل مطالبها أو تسفيه مخاوفها يدفعها للعزوف عن المدرجات وفقدان الشغف باللعبة، ما ينذر بخطر أكبر على مستقبل الدوري المحلي.
النتيجة: انحدار مستمر
في ظل هذا المناخ المتوتر، يصبح من الطبيعي أن تنحدر الكرة المصرية. تراجع في الأداء الفني، خروج مبكر من البطولات القارية، وتقلص فرص التمثيل المشرف للكرة المصرية على المستوى الدولي. لأن اللعبة حين تُدار بالهوى، تفقد جوهرها وتتحول إلى وسيلة لخدمة المصالح لا لتكريم الموهبة والجهد.
لذلك العدالة ليست رفاهية في كرة القدم، بل هي شرط أساسي لنهضتها واستمرارها. وعلى القائمين على الكرة المصرية أن يدركوا أن الكيل بمكيالين، وإن نفعهم مؤقتًا، فهو يسوق اللعبة نحو هاوية لا خروج منها إلا بإصلاح جذري يعيد للمنظومة نزاهتها وللجمهور ثقته.