مقالات

الحياة قصيرة… فلا تضيّعها في غلٍّ أو أحقاد

بقلم – أشرف محمدين

في زحام الحياة، ومع تراكم الأيام والخذلان والخيبات، قد تمتلئ القلوب بما لا يُحتمل…
مشاعر غل، أحقاد قديمة، ذكريات مؤلمة، وكلمات عالقة لم تُقال أو تُنسى.

لكن… هل يستحق الأمر أن نحيا بهذه الطريقة؟
هل نعيش العمر نحمل أوزانًا في قلوبنا، ونحرق أيامنا بنار لم تُطفأ منذ زمن؟

الحياة أقصر من أن تُهدَر في حمل الأثقال الخفية.
أقصر من أن نُفكر فيمن آذانا، ونُعيد مشاهد الألم في ذاكرتنا كل ليلة.
أقصر من أن نُضيّع جمال حاضرنا بسبب وجعٍ قديم.

كل لحظة تمرّ دون أن نُسامح، دون أن نُحب، دون أن نبتسم، هي لحظة ضائعة من عمر لن يتكرّر.
نحن لا نملك ترف الانتظار… لا نملك رفاهية أن نؤجّل السلام الداخلي إلى الغد.

الغلّ يحرق صاحبه أولاً.
والحقد كالسمّ الذي نُجرّعه لأنفسنا، على أمل أن يتأذى به غيرنا.

أما التسامح؟
فهو شفاء…
هو القوة الحقيقية، أن تنجو من كل ما كان يؤلمك، دون أن تفقد نقاء قلبك.

وأن تختار السلام، لا لأنهم يستحقونه، بل لأنك تستحق أنت أن تعيش بهدوء.

ابتسم… حتى وإن لم يكن هناك ما يُضحك.
وسامح… ليس لأجلهم، بل لأجلك.
وأحب… رغم كل ما مررت به.

فالحياة لا تنتظر المتردّدين…
ولا تُكافئ الغاضبين…
ولا ترحم من قرر أن يبقى في سجن الماضي.

اختر أن تعيش بخفة، أن تُصافح الحياة من جديد، أن تُحب ذاتك وتُسامحها، وتمنحها فرصة ثانية لتكون بخير.

اللحظات الحلوة لا تأتي دائمًا من الخارج… أحيانًا تبدأ من قرار داخلي:
أنك مش هتعيش مكبوت، مش هتفضل مستني اعتذار، مش هتسمح للوجع القديم يسرق منك أيامك الجاية.

ومضة أمل في نهاية الطريق…

ربما اليوم قلبك مثقل… وربما تنهيدتك لا يسمعها أحد…
ربما شعرت أن الدنيا أغلقت أبوابها، وأنك وحدك في معركتك.
لكن صدقني، سيأتي يوم تبتسم فيه دون سبب، فقط لأنك أخيرًا تحررت.
تحررت من حمل الغضب، من ثقل الأسى، من بقايا جراح ما عادت تؤلمك لكنها كانت تُعطلك.

الذين سامحتهم لن ينتقصوا من كرامتك… بل ستربح أنت راحة البال.
والذين أحببتهم بصدق، حتى وإن لم يبقوا، فقد زادوك نضجًا ونقاء.

اختر الخير، حتى في عالمٍ لا يُجيد التقدير…
ازرع السلام، حتى لو عاد إليك متأخرًا…
ولا تنسَ نفسك… لا تنسَ أن تُحبها، أن تُربّت عليها، أن تقول لها:
“أنتِ قوية بما يكفي لتنهضي من كل ما كاد يكسرها.”

حتى وإن كنت مُنهكًا… لا تنسَ أن تحاول.
حتى وإن كنت موجوعًا… لا تنسَ أن تُنقذ نفسك.

فالحياة لا تنتظر…
إما أن نعيشها بحبٍ، ورضا، وتسليم…
أو نتركها تمرّ ونحن نُفتش فيها عن شيءٍ ضاع لأننا تأخرنا عن التسامح، أو عن الحب، أو عن أن نكون بخير.

لذلك… دع قلبك يصفو، ودع روحك تبتسم.
لأن الله يرى… ويُعوض.
ولأن الحياة، رغم كل شيء، ما زالت تستحق أن نعيشها بخفة، بصدق، وبحب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى