مقالات

الرجولة لا تُقاس بالمال… بل بالمروءة

بقلم – أشرف محمدين

في زحام المفاهيم المغلوطة، طَفَت على سطح المجتمع جملة تردّدت كثيرًا حتى أصبحت، للأسف، من “الحِكم” الشعبية المتداولة:
“لا يعيب الرجل إلا جيبه”.
جملة تختصر الرجولة في عدد أوراق، وتُقلل من قيمة المبادئ، وتُسطّح أعماق النفس البشرية إلى مجرد رصيد في البنك.

لكن الحقيقة؟
هذه الجملة في قمة التفاهة.

الذي يعيب الرجل حقًا هو:
• قلة تربيته.
• هشاشة أخلاقه.
• نفاقه.
• خيانته للثقة.
• خلوّه من المروءة والحياء.
• تخليه عن مسؤوليته كإنسان قبل أن يكون “ذكرًا”.

الرجولة ليست “ماركة” تُلبس، ولا رقمًا يُكتب في كشف المرتب.
الرجولة موقف وشهامة وأمانة واحتواء.
الرجولة أن تكون ظلًّا لمن تحب، وسندًا لمن يحتاج، وقلبًا حيًا في زمن التصنّع.

المال لا يُصلح ما أفسده الطبع

نعم، المال وسيلة ضرورية للحياة، لكنّه لا يُشتري التربية، ولا يُزرع الرحمة.
فكم من رجلٍ يملك الملايين، لكنه مفلس من الإنسانية…
وكم من بسيط الدخل، غنيّ بالقلب والكرامة.

الرجل الحقيقي لا يُقاس بجيبه، بل:
• بقدرته على كبح غضبه.
• بحفظه للسر.
• بحُسن تعامله مع من هم أضعف منه.
• بكلمته التي إن وعد وفى، وإن أحب أخلص.

إعادة تعريف الرجولة

نحتاج أن نُربّي أبناءنا وبناتنا على معايير أرقى:
• أن الرجولة أن تقول “أنا آسف” في موضع الاعتذار.
• أن الرجولة ألا ترفع صوتك على امرأة، ولا تخذل صديقًا، ولا تطعن من وثق بك.
• أن الرجولة قيم تُمارس لا مظاهر تُتاجر بها.

وفي الختام…

الرجولة ليست صفةً بيولوجية، بل قرار أخلاقي يتخذه الإنسان كل يوم.
والكرامة لا تُقاس بالفواتير، بل بالأفعال في لحظة الاختبار.

فلنكفّ عن ترديد مقولات تحطّ من قيمة الإنسانية، ونزرع في الجيل القادم فهمًا أعمق للحياة.
لأن المجتمعات تنهار حين نُزيّف المعايير، وتُبعث من جديد حين نُعيد الحق لمكانته.

فعلًا…
يعيب الرجل فقط… ما يعاب في ضميره.

لكن…
كما أن الرجولة ليست مالًا، فإن الأنوثة الحقيقية ليست طمعًا مقنّعًا.
المرأة التي ترى الرجل فقط من خلال حسابه البنكي، وتُغفل روحه، وتُهمّش خلقه، وتزدري إنسانيته…
ليست “سيدة” كما تدّعي، بل هي مجرد نسخة استغلالية، بعيدة كل البعد عن معاني الرقيّ والاحتواء.

السيدة الحقيقية تنظر للرجل بعين الرحمة، وتلمح في تعبه كفاحًا، وفي صمته رجولة، وفي احتوائه وطنًا.
لا تسأل كم يملك، بل تسأل: “هل هو أمين؟ هل هو صادق؟ هل يحترمني؟”

فكما أن الرجل يُحاسب على تقصيره في القيم،
فالمرأة التي تُسطّح الرجل إلى مجرد ممول… تُقصي نفسها عن عالم النساء الراقيات.

لنرتقِ جميعًا…
لنعِ أن المال زائل، لكن النُبل باقٍ.
أن العلاقة التي تُبنى على المصالح تنهار عند أول منعطف،
أما تلك التي تُبنى على الأخلاق، فتنبت كأشجار الزيتون… ثابتة، أصلها في الأرض، وفرعها في السماء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى