عاجل

تصفيق حار وانبهار بصري.. الجمهور يحيي عودة الفخراني بـ «الملك لير»

في ليلة أشبه من ليالي ألف ليلة وليلة، وفي مشهد أقرب إلى الحلم، قدم النجم يحيى الفخراني أداء استثنائيا على خشبة المسرح القومي أعاد به وهج المسرح الكلاسيكي بـ”الملك لير”، مؤكدا أنه لايزال سيد الخشبة بلا منازع.

شهدت القاعة في الليلة الثالثة للعرض حضورا جماهيريا كثيفا، تفاعل مع كل مشهد من مشاهد العرض في حالة من الانبهار البصري الكامل، ضمن رؤية إخراجية متميزة للمخرج شادي سرور، الذي قدم معالجة جديدة ومعاصرة لنص ويليام شكسبير، وقدم الفخراني شخصية “لير” بروح ملحمية مزجت ببراعة بين القوة والضعف، وبين الحكمة والجنون، ليخطف الأنظار بأدائه المتقن وانفعالاته الصادقة، مؤكدا استحقاقه للقب “الملك لير المصري”. 


هذه ليست المرة الأولى التي يقدم فيها النجم يحيى الفخراني “الملك لير”، فقدم نسخته الأولى على المسرح القومي في أوائل الألفينات مع المخرج الراحل أحمد عبد الحليم، ثم عاد ليقدم نسخته الثانية على المسرح الخاص عام 2019 مع المخرج تامر كرم، واليوم عاد مجددا ليقدمها على القومي وهو في عامه الـ 80، وكأن الزمن لا ينقص من توهجه الفني بل يزيده وهج وحكمة، فقد بلغ في أدائه ذورة النضج، مجسدا مأساة “لير”ببراعة جعلنا نرى شكسبير بعين مصرية.  


ورغم الطابع التراجيدي العميق الذي يحمله نص “الملك لير” فإن يحيى الفخراني استطاع أن يدخل لحظات من البهجة بخفة ظله المعتادة  دون أن يخل بجوهر العمل، بإشارته الذكية ونظراته الساخرة في توقيتات محسوبة، ونجح أن يخفف حدة المأساه أحيانا، ويمنح الجمهور فرصة للإبتسامة وسط الدراما الطاغية، فكانت ضحكات الجمهور نابعة من عمق الشعور.


وعلى المستوى الرؤية الإخراجية، فقد برع المخرج الكبير شادي سرور في تقديم معالجة جديدة ومعاصرة، حافظ فيها على عمق وروح النص الأصلية دون أن يجعله بعيدا عن المتفرج العربي وتميز العرض بتوزيع متفرد وذكي للمشاهد، وحركة الممثلين المدروسة  بكل دقة إلى جانب توظيف محكم لعناصر الإضاءة، والموسيقى، والديكور وتصميم الملابس التي جاءت براقة جذبت الأنظار، والاستعراضات والمكياج التي بدت جميعها في حالة انسجام كأنها كيان واحد ينبض على خشبة المسرح. 


إلى جانب الأداء الأسطوري ليحي الفخراني جاء الأداء الجماعي لفريق العمل متكاملا، وقد لفتت الأنظار بشكل كبير الممثلات الثلاث اللواتي جسدن شخصيات بنات الملك، حيث جاء اختيارهن موفقا ومعبرا فبرعت كل من إيمان رجائي”ريجان” وأمل عبد الله “جونريال” في دور الإبنتين القاسيتين فيما قدمت لقاء على”كورديليا” الابنه الصغرى، بعدا إنسانيا عميقا فكانت رمزا للحب الصادق فبدت النقطة المضيئة في حياة “لير”المظلمه. 


ولم يغب الفنان طارق الدسوقي عن دائرة الإبداع ، فقدم دورا رائعا بإتزان وأداء ناضج من خلال شخصية “جلوستر”أحد اعمدة المملكة، ويعد احد ابرز نقاط القوة في العرض.

كما برع عدد من الفنانين أيضا في تجسيد شخصياتهم بإحافترية واتقان واضح فجاء أداء محمد العزايزي متميزا في دور”الدوق كورنوال”، بينما أبدع تامر الكاشف في تقديم شخصية “إدجار”، ولفت أحمد عثمان الأنظار بتجسيده الحي لدور”إدموند”، أما الفنان عادل خلف فقدم دور”بهلول” المهرج بطابع خاص جمع بين الحكمة والسخرية، وأضاف القدير حسن يوسف وحازم صلاح “الامير برجندي” أداء داعما أصفى على العمل تنوعا وتوازنا .

وقد شهد عرض”الملك لير” إقبالا لافتا بحضور عدد كبير من رواد المسرح، وحظى بإشادة واسعة كان أبرزها من وزير الثقافة الدكتورأحمد فؤاد هنو، الذي أعرب عن فخره وسعادته بعودة النجم يحي الفخراني للوقوف على خشبة المسرح القومي ليقدم رائعة “الملك لير” برؤية جديدة ،مشيدا بجودة العرض ورؤية المخرج شادي سرور، وبأداء الفريق الكامل من ممثلين ومصممي ديكور وأزياء وإضاءة. 


وأثنى الوزير بشكل خاص عل الأداء المتفرد للفنان الكبير يحيي الفخراني، الذي قدم شخصية الملك لير بإحساس عميق وبراعة فنية فائقة، مؤكدا أن ماقدمه يعكس طاقته الإبداعية المتجددة وقدرته الاستثنائية على اعادة اكتشاف النص المسرحي بروح معاصرة. 


تعد “الملك لير” واحدة من أعظم كلاسكيات المسرح العالمي للكاتب الإنجليزي الشهير ويليام شكسبير، حيث تجسد إحدى أعظم المأسي في الأدب الإنجليزي، وتحكي قصة ملك يخطئ في تقدير حب بناته ليواجه الخيانة والجنون والندم في ملحمة تراجيدية خالدة تحاكي صراع السلطة والإنسانية، العرض من إنتاج المسرح القومي بقيادة الدكتور ايمن الشيوي. 


ويضم العرض فريقا محترفا من صناع المسرح أسهم كل منهم في تقديم تجربة بصرية وسمعية متكاملة حيث وضع الموسيقى التصويرية الفنان أحمد الناصر، وإضاءة محمود الحسيني”كاجو”، ديكور د.حمدي عطية، تصميم ملابس علا علي، استعراضات ضياء شفيق، تصميم مكياج إسلام عباس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى