حزب الجبهة الوطنية وُلد كبيرًا في المشهد السياسي المصري والتحديات التي تواجهه

بقلم / وليد محمد عبد اللطيف

في وقت يشهد فيه المشهد السياسي المصري إعادة تشكيل لخريطة القوى الحزبية ظهر حزب الجبهة الوطنية ليعلن عن نفسه لاعبًا جديدًا لكن ليس كأي لاعب ناشئ بل كيانًا وُلد كبيرًا منذ لحظة ميلاده في 30 ديسمبر 2024 حاملاً شعار “مصر للجميع” ورؤية تقوم على الدمج بين خبرة القيادات السياسية المخضرمة وحيوية الشباب.
ولادة بحجم جماهيري واسع
لم يكن وصف الحزب بأنه “وُلد كبيرًا” مجرد جملة دعائية بل انعكاسًا لواقع ملموس. فمنذ الإعلان عن تأسيسه شهدت المحافظات المصرية توافدًا كثيفًا من المواطنين لتحرير التوكيلات والانضمام إلى صفوفه خاصة في البحيرة والدلنجات والأقصر حيث تحولت مقراته المؤقتة إلى ساحات تجمع جماهيري.
البرلماني هشام الشعيني وصف الحزب بأنه “قادر على المنافسة منذ يومه الأول” لامتلاكه رموزًا سياسية بارزة وخبرة برلمانية فيما اعتبر وائل زكريا الأمير أمين الحزب بالأقصر أن الجبهة الوطنية “وُلدت عملاقة بظهير شعبي قوي قادر على تلبية طموحات المصريين”.
رؤية متوازنة بين المعارضة والموالاة
ما يميز حزب الجبهة الوطنية عن كثير من الأحزاب الناشئة هو رفضه الدخول في ثنائية “الموالاة أو المعارضة” بالمعنى التقليدي. فهو يصف نفسه بأنه بيت خبرة سياسي يقدم الحلول ويشارك في صنع القرار ويقف في منتصف الطريق بين النقد البنّاء والدعم الإيجابي.
رئيس الحزب وعدد من قياداته شددوا على أن الهدف ليس الصدام مع القوى السياسية القائمة وعلى رأسها حزب “مستقبل وطن” بل إحداث توازن سياسي يمنح المشهد المصري تعددية حقيقية.
أولويات العمل الحزبي
منذ اللحظة الأولى حدد الحزب ملامح أجندته السياسية والاجتماعية:
• تعزيز الوحدة الوطنية والمواطنة وترسيخ قيم المساواة.
• تحقيق العدالة الاجتماعية ومكافحة الفقر والبطالة.
• تطوير التعليم والرعاية الصحية كأولوية قصوى.
• تمكين الشباب والمرأة من مواقع اتخاذ القرار.
• دمج الخبرة السياسية مع طاقات الشباب لضمان استدامة العمل الحزبي.
الطريق نحو البرلمان
مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية البرلمانية يضع الحزب نصب عينيه بناء قاعدة شعبية واسعة وهو ما ظهر جليًا في المؤتمرات الحاشدة التي نظمها في عدة محافظات وقد ظهر في انتخابات مجلس الشورى بقوة وكان كالاسد الجسور في معاركه الانتخابية وحصل على مقاعد كثر في أول ظهور له . قيادات الحزب أكدت أن الانتخابات المقبلة ستكون محطة مهمة لإثبات الحضور ليس فقط كمنافس قوي بل كقوة قادرة على صناعة الفارق في البرلمان.
في زمن تتغير فيه المعادلات السياسية بسرعة جاء حزب الجبهة الوطنية ليكسر قاعدة “البدايات الصغيرة”. فهو كيان سياسي جديد لكن جذوره تمتد في خبرات رموزه وجسده ينبض بحماس الشباب وأهدافه تتجاوز الحسابات الانتخابية الضيقة إلى مشروع وطني شامل.
“وُلد كبيرًا”.. عبارة لم تعد شعارًا بل واقعًا فرضه حضور جماهيري لافت وخريطة عمل طموحة قد تجعل من الجبهة الوطنية أحد أبرز لاعبي السياسة المصرية في السنوات القادمة.
التحديات التي تواجه حزب الجبهة الوطنية
رغم انطلاقه القوي فإن طريق حزب الجبهة الوطنية لن يكون خاليًا من العقبات خاصة في ظل واقع سياسي شديد التنافسية:
1. إثبات الجدية والاستمرارية
• كثير من الأحزاب المصرية وُلدت وسط أجواء حماسية لكنها فقدت زخمها مع الوقت. التحدي الأول أمام الجبهة الوطنية هو الحفاظ على تماسك بنيته التنظيمية واستمرارية نشاطه بين الانتخابات.
2. المنافسة مع القوى القائمة
• حزب “مستقبل وطن” يملك قاعدة جماهيرية واسعة وخبرة انتخابية ضخمة ما يجعل المنافسة على المقاعد البرلمانية معركة تحتاج إلى تنظيم عالي المستوى واستراتيجية واضحة.
3. تلبية تطلعات القاعدة الشعبية
• حين يرفع الحزب سقف التوقعات بعبارة “وُلد كبيرًا” يصبح مُطالبًا بتحقيق إنجازات ملموسة على الأرض سواء في التشريعات أو في تقديم مبادرات مجتمعية حقيقية.
- التمويل والموارد
• الحفاظ على وتيرة العمل الحزبي وتغطية الأنشطة الجماهيرية يتطلب موارد مالية وتنظيمية مستمرة وهو تحدٍّ تواجهه معظم الأحزاب الناشئة.
التحليل المستقبلي
إذا استطاع حزب الجبهة الوطنية الموازنة بين العمل الميداني والتشريعي وتوظيف خبرة قياداته مع حيوية الشباب، فإنه مرشح ليكون القوة السياسية الثانية أو الثالثة في مصر خلال السنوات الخمس القادمة.
لكن نجاحه يتوقف على:
• قدرة قياداته على إدارة التحالفات السياسية بذكاء.
• استمرارية التواصل مع المواطنين خارج مواسم الانتخابات.
• تحويل شعاره “مصر للجميع” من عبارة جاذبة إلى مشروع وطني حقيقي يشعر به الشارع.
في النهاية يبدو أن الجبهة الوطنية ليست مجرد عابر جديد في الحياة الحزبية المصرية بل مشروع سياسي واعد… شريطة أن يتمكن من عبور الاختبارات الصعبة التي ستواجهه في الطريق.