الأحتلال مستمر بغزة رغم قبول حماس الوساطة المصرية القطرية

بقلم / وليد محمد عبد اللطيف

في لحظة بدت وكأنها قد تحمل بارقة أمل أعلنت حركة حماس موافقتها على المقترح المصري القطري لوقف إطلاق النار المؤقت في غزة في إطار وساطة إقليمية تهدف إلى وقف نزيف الدم وفتح الطريق أمام هدنة إنسانية. المبادرة تضمنت تبادلاً جزئياً للأسرى وانسحاباً محدوداً للقوات الإسرائيلية وفتح ممرات لمرور المساعدات إلى القطاع المحاصر.
لكن وعلى الرغم من هذه الموافقة لم تتوقف آلة الحرب الإسرائيلية عن قصفها وتوغلها. على العكس واصلت القوات الإسرائيلية عملياتها العسكرية داخل القطاع فيما وصفه مراقبون بأنه احتلال تدريجي وصريح لغزة. مصادر ميدانية تشير إلى أن الجيش الإسرائيلي بات يسيطر على ثلاثة أرباع مساحة القطاع ويستعد لإحكام قبضته على مدينة غزة نفسها الأمر الذي ينذر بتحولات خطيرة على مستقبل القضية الفلسطينية.
على الجانب الآخر يصرّ اليمين الإسرائيلي المتشدد داخل حكومة نتنياهو على رفض أي هدنة. وزير المالية بتسلئيل سموتريتش على سبيل المثال ذهب إلى حد المطالبة بقطع الماء عن غزة حتى يتم الإفراج عن جميع الرهائن دفعة واحدة. موقف يكشف مدى تغلغل الخطاب المتطرف في صناعة القرار الإسرائيلي مقابل أصوات إسرائيلية أخرى في الداخل بدأت تخرج إلى الشارع مطالبة بوقف الحرب التي لم تحقق سوى مزيد من الدماء والانقسام.
الأثمان الإنسانية لهذه المواقف السياسية كانت باهظة. فعدد الشهداء الفلسطينيين تجاوز 62 ألفاً وسط حصار خانق ومجاعة تلوح في الأفق فيما المستشفيات بلا دواء ولا كهرباء والأطفال ينامون تحت الأنقاض أو في خيام النزوح. الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية تصف الوضع بأنه “كارثة إنسانية غير مسبوقة” في القرن الحادي والعشرين.
ورغم أن القاهرة والدوحة تبذلان جهوداً جبارة لتمرير المبادرة ووقف شلال الدم يبقى السؤال الكبير: هل يستطيع الوسطاء إقناع إسرائيل بالالتزام بوقف مؤقت يفتح الباب أمام حل سياسي أوسع؟ أم أن الاحتلال الفعلي للقطاع سيكون هو العنوان القادم للمرحلة؟
المفارقة الصارخة أن الفلسطينيين ورغم كل الجراح أبدوا استعداداً لتقديم تنازلات مؤلمة من أجل حقن الدماء بينما حكومة الاحتلال الإسرائيلي تمضي في اتجاه آخر: مزيد من السيطرة ومزيد من التدمير ومزيد من التعنت.
غزة اليوم ليست فقط جغرافيا محاصرة بل عنوانٌ لصراع إرادات ..بين شعب يبحث عن الحياة بكرامة وحكومة إسرائيلية تغذيها نزعة الاحتلال. وبينما يصرخ الأطفال تحت القصف يبقى المجتمع الدولي مدعواً ليجيب: هل يقف مع حق الإنسان في الحياة أم يكتفي بمراقبة مدينة تُحتل أمام أنظار العالم؟