الواجهة الرئيسيةمقالات

إسبانيا.. صوت يجلجل في وجه الاحتلال

بقلم / وليد محمد عبد اللطيف

في زمنٍ امتلأ بالتواطؤ والصمت الأوروبي ارتفعت مدريد لتعلن موقفًا صريحًا لا لبس فيه: فلسطين ليست وحدها. لم يكتفِ رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز بالتصريحات الدبلوماسية بل اتخذ خطوات عملية هزّت الكيان المحتل وأربكت حلفاءه.

ففي كلمته أمام البرلمان قال سانشيز بوضوح: “ما يحدث في غزة ليس دفاعًا عن النفس بل إبادة جماعية لا يمكن السكوت عنها”. كلمات نارية كسرت جدار الصمت وأكدت أن إسبانيا اختارت أن تقف في صف المظلوم لا الظالم.

إسبانيا أعلنت وقف تصدير السلاح لإسرائيل، وقال سانشيز: “لن تكون إسبانيا شريكة في قتل الأطفال أو في تدمير المستشفيات. أسلحتنا لن تُستخدم لذبح الأبرياء”. قرار شجاع جعل مدريد أول عاصمة أوروبية تضع الاحتلال أمام مسؤوليته الأخلاقية والقانونية.

ولم يتوقف الأمر عند حدود السلاح بل مضت الحكومة الإسبانية إلى خطوة أعمق حين أكدت أنها ستعمل على وقف الاستيراد والتصدير مع الاحتلال. وهنا شدد سانشيز قائلاً: “لا يمكن أن نعامل إسرائيل كشريك تجاري عادي وهي تنتهك يوميًا القانون الدولي وحقوق الإنسان”.

أما على الساحة الرياضية فقد أعلنت مدريد رفضها مشاركة الفرق الإسرائيلية في البطولات الأوروبية والدولية التي تُقام على أرضها في قرار اعتبره كثيرون ضربة موجعة لقوة إسرائيل الناعمة. وكما قال سانشيز: “الرياضة ليست غطاءً لجرائم الحرب ومن يقتل الأطفال لا يرفع الكؤوس”.

وفي الشارع الإسباني كان المشهد لا يقل قوة. عشرات الآلاف تدفقوا إلى شوارع مدريد وبرشلونة وبيلباو يرفعون الأعلام الفلسطينية ويهتفون: “حرية.. حرية لفلسطين”. حشود شعبية جعلت الموقف الرسمي أكثر قوة ورسّخت صورة إسبانيا كصوت الضمير الإنساني في أوروبا.

لقد وضعت مدريد العواصم الأوروبية الأخرى في مواجهة سؤال محرج: لماذا تواصلون الصمت بينما تقول إسبانيا الحقيقة؟ لماذا تبررون جرائم الاحتلال بينما يصفها سانشيز بالإبادة؟

اليوم، يمكن القول إن إسبانيا كتبت فصلًا جديدًا في تاريخ أوروبا السياسي والأخلاقي. لقد اختارت أن تنحاز للحق لا لمعادلات القوة. أن ترفع صوت الضمير لا أن تنحني تحت ثقل المصالح.

ويبقى موقف سانشيز علامة مضيئة حين ختم أحد خطاباته قائلاً:
“سنقف إلى جانب فلسطين ليس لأننا مضطرون بل لأننا نؤمن أن الحرية لا تتجزأ وأن العدالة لا تُقاس بموازين القوة”.

فهل تلحق العواصم الأوروبية بهذا الموقف أم يظل صوت إسبانيا وحيدًا يجلجل في وجه الاحتلال؟

زر الذهاب إلى الأعلى