الواجهة الرئيسيةمقالات

المصريون في الخليج بين الغربة والعمل ومشكلات بلا حلول جذرية

بقلم / وليد محمد عبد اللطيف

منذ عقود طويلة شكّل المصريون أكبر جالية عربية عاملة في دول الخليج وامتزجت حياتهم اليومية بالاقتصاد الخليجي حتى صاروا ركيزة أساسية في مجالات التعليم الصحة الهندسة المقاولات الإعلام والخدمات. ورغم ما يقدمه العامل المصري من جهد وتفانٍ ما زالت الجالية المصرية تواجه مجموعة كبيرة من المشكلات بعضها متعلق بالعمل وبعضها الآخر بالمعيشة والحقوق الإنسانية.

اولا : العمل.. الغربة الصعبة

    المصري في الخليج يسافر غالبًا من أجل لقمة العيش ليؤمن مستقبل أسرته في الداخل. لكنه يصطدم بواقع غير بسيط:
    • الأجور المتدنية مقارنة بمجهوده أو مقارنة بجنسيات أخرى تقوم بالعمل نفسه.
    • تأخر صرف الرواتب أو المماطلة من بعض الشركات الصغيرة مما يضعه تحت ضغط مالي ونفسي كبير.
    • ساعات عمل طويلة تتجاوز أحيانًا 12 ساعة دون مقابل إضافي عادل.
    • غياب الأمان الوظيفي حيث يرتبط كل شيء برضا الكفيل أو صاحب الشركة وأي خلاف بسيط قد ينتهي بالترحيل.

    ثانيا : القوانين والإقامة.. معضلة الكفيل

      رغم خطوات إصلاحية اتخذتها بعض الدول الخليجية كالسعودية وقطر لتخفيف نظام الكفيل ما زال هذا النظام يمثل صداعًا في رأس المغتربين. إذ يجد المصري صعوبة في تغيير عمله أو نقل كفالته وغالبًا ما يبقى رهينة عقد مؤقت يهدده في أي لحظة بالفقدان.
      كما أن الغرامات الباهظة على تأشيرات الإقامة أو تأخير تجديدها قد تطيح بالمغترب خارج الحدود.

      ثالثا: الحقوق الاجتماعية والإنسانية

        المغترب المصري في الخليج ليس موظفًا فقط بل إنسان له حقوق أساسية. لكن الواقع يكشف عن فجوة واضحة:
        • في حالات النزاع مع الكفيل كثيرًا ما يغيب الدعم القانوني الفعّال.
        • النقابات العمالية غائبة أو ضعيفة فلا يجد المغترب من يمثل صوته بجدية.
        • أحيانًا يتعرض لتمييز غير مباشر سواء في الرواتب أو في فرص الترقي مقارنة بجنسيات أخرى.

        رابعا : الحياة اليومية.. معاناة داخلية

          الجانب الإنساني هو الأثقل. فالمغترب يعيش بين نارين: الغربة عن الأهل وارتفاع تكاليف المعيشة في بلد الاغتراب.
          • السكن بات مرهقًا ماديًا خصوصًا في المدن الكبرى مثل دبي والرياض والكويت وقطر والبحرين.
          • التعليم لأبنائه يكلف آلاف الدنانير أو الريالات سنويًا وهو ما يلتهم الجزء الأكبر من دخله.
          • الرعاية الصحية رغم تطورها في الخليج إلا أن تكلفتها قد تكون مرهقة إن لم يكن مؤمنًا عليه من جهة العمل.

          خامسا : الجيل الثاني.. مستقبل غامض

            الأبناء الذين وُلدوا ونشأوا في الخليج يواجهون معضلة أكبر:
            • لا يحصلون على إقامة دائمة أو جنسية مهما طالت سنوات بقائهم.
            • يعيشون في حالة انتماء مزدوج.. فهم تربوا هناك لكن مستقبلهم الحقيقي مرتبط ببلد لم يعيشوا فيه طويلًا (مصر).
            • كثير منهم يصطدمون بتكاليف الجامعات الخاصة الباهظة أو بصعوبة الاندماج عند عودتهم إلى مصر.

            سادسا : الحلول الممكنة

              لا يمكن الاكتفاء بسرد المشكلات بل لابد من التفكير في حلول عملية:
              • تفعيل دور السفارات والقنصليات المصرية بشكل أكبر لحماية حقوق العمالة عبر مكاتب قانونية متخصصة للدفاع عنهم.
              • اتفاقيات ثنائية بين مصر ودول الخليج لتسهيل نقل الكفالة وضمان صرف الرواتب في مواعيدها.
              • بناء كيانات نقابية أو روابط للجالية معترف بها رسميًا تمثل المصريين وتدافع عنهم.
              • برامج دعم من الدولة المصرية لأبناء المصريين بالخارج خاصة في مجال التعليم الجامعي داخل مصر بتسهيلات ومنح مخصصة.
              • التأهيل قبل السفر من خلال برامج تدريبية وقانونية تشرح للمغترب حقوقه وواجباته في بلد الاستقبال.

              اترك تعليقاً

              لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

              زر الذهاب إلى الأعلى