الواجهة الرئيسيةتقارير

ستاندرد آند بورز ترفع التصنيف الائتماني لمصر إلى B مع نظرة مستقبلية مستقرة

أعلنت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني، اليوم الجمعة، عن رفع التصنيف الائتماني السيادي طويل الأجل لمصر إلى مستوى «B» من «B-»، مع تأكيد التصنيف قصير الأجل عند «B»، والإبقاء على النظرة المستقبلية مستقرة. كما رفعت الوكالة تقييم تحويل العملات والتحويلات المالية لمصر إلى «B» بدلًا من «B-».

وأوضحت ستاندرد آند بورز، أن قرار رفع التصنيف يعكس تحسن آفاق النمو الاقتصادي في مصر واستمرار تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، إلى جانب تحسن مؤشرات ميزان المدفوعات.

وفي المقابل، أشارت الوكالة إلى أن النظرة المستقبلية المستقرة تعكس توازن التوقعات بين تحسن الأداء الاقتصادي والضغوط المستمرة على المالية العامة، بما في ذلك ارتفاع عجز الموازنة ومستويات الدين الحكومي والالتزامات الخارجية.

ذكرت ستاندرد آند بورز أن رفع التصنيف يعكس الإصلاحات الاقتصادية التي نفذتها السلطات خلال الثمانية عشر شهرًا الماضية، بما في ذلك تحرير نظام الصرف الأجنبي، ما أدى إلى انتعاش نمو الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2025، وتعزيز السياحة والتحويلات المالية وتحسن المؤشرات المالية والخارجية.

وأشارت إلى أن تحرير سعر الصرف منذ مارس 2024 جعل السوق يخضع لقوى العرض والطلب، مما دعم التنافسية وحفّز النمو الاقتصادي. كما شهدت البلاد تدفقات كبيرة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في 2024، أبرزها استثمار بقيمة 35 مليار دولار من شركة أبوظبي التنموية القابضة (ADQ) في مشروع رأس الحكمة شمال مصر، إلى جانب دعم صندوق النقد الدولي وجهات مانحة أخرى، مما ساهم في زيادة احتياطيات النقد الأجنبي وتحسن المؤشرات الخارجية.

وترى الوكالة أن التزام السلطات المصرية بسعر صرف مرن، إلى جانب برنامج صندوق النقد الدولي البالغ نحو 8 مليارات دولار والممتد حتى 2026، سيواصل دعم النمو الاقتصادي وجهود ضبط المالية العامة خلال الفترة 2025-2028، رغم التقلبات الجمركية العالمية والمخاطر الإقليمية.

قالت ستاندرد آند بورز إن ضغوط التمويل الخارجي تراجعت، وتتوقع أن تغطي التدفقات الصافية للحساب المالي عجز الحساب الجاري حتى 2028، مع ارتفاع الاحتياطيات القابلة للاستخدام بالبنك المركزي المصري إلى 42 مليار دولار بحلول 2028. وتتوقع أن ينخفض صافي الدين الخارجي (بعد خصم الأصول السائلة) إلى متوسط 84% من إيرادات الحساب الجاري حتى 2028، مقارنة بمتوسط 134% خلال 2021-2024.

تتوقع الوكالة استمرار الضبط المالي بوتيرة تدريجية مع تحقيق الحكومة فائض أولي بنسبة 3.5% من الناتج المحلي في 2025، واستمراره حتى 2028، مدعومًا بتوسيع القاعدة الضريبية وترشيد الدعم.

ورغم ذلك، يبقى عبء خدمة الدين مرتفعًا للغاية، إذ أدى رفع أسعار الفائدة إلى 27.25% في مارس 2024 إلى زيادة تكلفة أذون وسندات الخزانة المحلية. ومع تراجع التضخم منذ فبراير 2025، بدأ البنك المركزي خفض الفائدة في أبريل، وأجرى خفضًا إضافيًا بمقدار 100 نقطة أساس في سبتمبر.

تتوقع الوكالة أن تبدأ تكاليف خدمة الدين بالانخفاض تدريجيًا من 2027، لكنها ستظل أعلى من نمو الناتج الاسمي، مع انخفاض نسبة الإنفاق على الفوائد إلى الإيرادات من 73% في 2025 إلى 49% في 2028.

أشارت ستاندرد آند بورز إلى أن النمو الحقيقي للناتج المحلي ارتفع إلى 4.4% في 2025 بعد تباطؤه إلى 2.4% في 2024، ومن المتوقع أن يبلغ متوسطه 4.8% خلال 2026-2028. ويقود النمو قطاعات الطلب المحلي والبناء والسياحة والاتصالات والتجارة والزراعة والرعاية الصحية.

وفي إطار برنامج صندوق النقد الدولي، تعمل الحكومة على توسيع القاعدة الضريبية، وتهيئة بيئة أكثر تنافسية بين القطاعين العام والخاص، ووضع إطار لخصخصة الشركات الحكومية.

ذكرت الوكالة أن الاتحاد الأوروبي أعلن في مارس 2024 عن حزمة مالية واستثمارية لمصر بقيمة 7.4 مليار يورو (8.1 مليار دولار)، تشمل 5 مليارات قروض ميسرة و1.8 مليار استثمارات و600 مليون يورو لمشروعات ثنائية. كما أعلنت قطر عن استثمار إضافي بقيمة 7.5 مليار دولار، في حين تعهد صندوق الاستثمارات العامة السعودي باستثمارات بقيمة 5 مليارات دولار.

وأكدت الوكالة أن دول مجلس التعاون الخليجي تواصل دعم مصر نظرًا لدورها الإقليمي الإنساني والسياسي، مشيرة إلى أن دول الخليج أودعت نحو 20 مليار دولار في البنك المركزي المصري.

قالت ستاندرد آند بورز إن الرئيس عبد الفتاح السيسي أُعيد انتخابه في ديسمبر 2023 بنسبة 89.6% من الأصوات، ومن المتوقع أن تواصل الحكومة تنفيذ إصلاحاتها الاقتصادية وفق برنامج صندوق النقد الدولي، مع مراعاة الأعباء الاجتماعية والمعيشية.

وأضافت أن مصر تواصل دورها كوسيط سلام وممر للمساعدات الإنسانية إلى غزة عبر معبر رفح، مشيرة إلى استضافة القاهرة مفاوضات بين المفاوضين العرب والإسرائيليين حول خطة سلام جديدة، ومن المقرر أن يزور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مدينة شرم الشيخ في 13 أكتوبر لتوقيع اتفاقية السلام الشامل.

توقعت الوكالة أن يتراجع التضخم إلى متوسط 10% خلال 2025-2028 بعد أن بلغ 34% في 2024، وأن ينخفض عجز الحساب الجاري إلى 3.8% من الناتج المحلي في 2028 من 5.4% في 2024 و4.2% في 2025.

كما تتوقع أن يتراجع الدين العام إلى 72% من الناتج المحلي في 2028 من 75% في 2024، وأن يبلغ العجز المالي 7.1% في 2026 و6.9% في 2028.

وأشارت إلى أن إجمالي الدين الحكومي بلغ 82% من الناتج المحلي في 2025، مع ارتفاع الإنفاق على الفوائد بنسبة 41%، في حين يتوقع أن يصل عجز الحساب الجاري إلى 4% في المتوسط خلال 2026-2028.

وأكدت الوكالة أن القطاع المصرفي المصري يتمتع بسيولة قوية بالعملة المحلية، إذ بلغت نسبة القروض إلى الودائع 54% في مارس 2025، بينما نمت الودائع المحلية بنسبة 25% سنويًا خلال السنوات الثلاث الماضية.

قالت ستاندرد آند بورز، إنها قد ترفع التصنيف مرة أخرى إذا تحسنت مراكز الدين الحكومي والخارجي الصافي بشكل أسرع من التوقعات الحالية، ربما من خلال وتيرة أسرع لتقليص المديونية أو زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة المدعومة ببرنامج بيع الأصول الحكومية. كما يمكن رفع التصنيف إذا أدت السياسات الهادفة لتنويع الاقتصاد وفتح قطاعات رئيسية أمام الاستثمار الأجنبي إلى تحسين نوعية التمويل الخارجي.

لكنها أوضحت أنها قد تعدل النظرة المستقبلية إلى سلبية إذا تراجعت التزامات الحكومة بالإصلاحات الكلية، بما في ذلك مرونة سعر الصرف، أو إذا عادت الاختلالات الاقتصادية مثل نقص العملات الأجنبية. كما قد تتخذ الوكالة إجراءً سلبيًا للتصنيف إذا دفعت تكاليف الفائدة المرتفعة الحكومة لإعادة هيكلة الديون بطريقة تُعتبر تعثرًا، أو إذا أثرت التوترات الجيوسياسية والجمركية الحالية على قدرة مصر على الوصول إلى الأسواق الخارجية وتكلفة ديونها.

الوكالة أكدت في تقريرها على أن زيادة مرونة سعر الصرف تدعم النمو والإيرادات المالية وتخفف الضغوط الخارجية، وأن التزام الحكومة بسياسات صندوق النقد الدولي والإصلاحات الهيكلية سيظل عاملًا أساسيًا في الحفاظ على التصنيف الحالي وربما تحسينه مستقبلًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى