الواجهة الرئيسيةمقالات

غلاء البنزين بين نار الأسعار ومرارة الأصلاح

بقلم / وليد محمد عبد اللطيف

لم يكن القرار سهلاً على المصريين. فبين محطة وقود مكتظة وسائق حائر ومواطن يراجع ميزانيته اليومية جاء رفع أسعار البنزين كصاعقة جديدة على جيب الناس الذي أنهكه الغلاء.لكن خلف الأرقام والقرارات هناك قصة أكبر. فالدولة بحسب خبراء الاقتصاد تواجه أزمة ممتدة أساسها عجز الموازنة وارتفاع تكلفة استيراد الطاقة إلى جانب الضغوط المتزايدة على الجنيه أمام العملات الأجنبية.

الحكومة تؤكد أن القرار ضرورة لا بد منها لضبط السوق وترشيد الدعم لكن الشارع يرى أنه يدفع الفاتورة وحده وبين الضرورة والوجع يبقى السؤال الأهم كيف يمكن الخروج من هذا المأزق دون أن يختنق المواطن؟

المواطن أولاً… والعدالة شرط الإصلاح

الخبراء يؤكدون أن الإصلاح الاقتصادي الحقيقي لا يعني رفع الأسعار فقط بل إعادة توزيع الأعباء بعدالة فالمواطن البسيط الذي يتحمل الصدمة يحتاج حماية مؤقتة من آثارها من خلال زيادة دعم “تكافل وكرامة” وتحسين منظومة النقل العام وتوسيع مظلة الدعم النقدي المباشر بدل الدعم العيني الذي يضيع بين الوسطاء.

الإنتاج المحلي هو الحل..

لا يمكن لبلد أن ينجو من أزماته وهو يستورد أكثر مما يُنتج. ولهذا يرى اقتصاديون أن اللحظة الحالية تستدعي إطلاق مبادرة “صُنع في مصر” بشكل حقيقي من خلال دعم المصانع الصغيرة والمتوسطة وتسهيل القروض الإنتاجية وتخفيف الجمارك على المواد الخام مع فتح أبواب التصدير أمام الصناعات الوطنية.

تقشف حكومي قبل أن يُطلب من المواطن

المصريون لا يرفضون الإصلاح لكنهم يريدون أن يشعروا بالعدالة..ومن هنا يجب أن يبدأ التقشف من فوق لا من تحت ترشيد مصروفات الوزارات دمج الهيئات المتشابهة وقف البذخ الإداري وإعادة النظر في امتيازات المسؤولين قبل أن يُطلب من المواطن أن “يشد الحزام” أكثر.

جذب الاستثمارات..

الإيرادات لا تُبنى على الضرائب وحدها بل على تشجيع الاستثمار.فكل مصنع يُفتح هو مورد دائم للدولة وكل مشروع جديد يخلق فرصة عمل بدلاً من صرف دعم إضافي المطلوب قوانين أكثر وضوحًا بيئة إدارية نظيفة وإعفاءات مرحلية للمشروعات الجادة التي تُسهم في التشغيل والإنتاج.

إصلاح الأجور ومراعاة الطبقة المتوسطة..

الطبقة المتوسطة عمود المجتمع هي أكثر من تضرر من موجات الغلاء.ولذلك يجب العمل على إصلاح هيكل الأجور تدريجيًا ورفع الحد الأدنى بما يتناسب مع تكلفة المعيشة لضمان أن يبقى المواطن منتجًا لا مُنهكًا.

الإصلاح لا يكون بالألم فقط..

القرارات الصعبة قد تكون ضرورية لكنّ الوجع لا يصنع وطنًا إن لم يصاحبه أملٌ ورؤيةٌ واضحة.
المواطن المصري صبر كثيرًا ولا يزال يؤمن أن الإصلاح ممكن بشرط أن يرى نتائج هذا الصبر في واقعه لا في البيانات الرسمية.فالوقت حان لأن تتحول السياسة الاقتصادية من إدارة أزمة إلى بناء مستقبل..ومن شعارات التقشف إلى خطواتٍ عادلة تُشعر المواطن أن الدولة تقف معه لا فوقه.

وفي تصريح خاص لـ الأهرام الاقتصادي قال الدكتور محمود عبدالعزيز أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة

رفع أسعار البنزين قرار صعب لكنه تأخر سنوات والمهم الآن هو أن توازيه إجراءات حماية اجتماعية فعّالة الإصلاح لا يُقاس بالقرارات بل بقدرة الدولة على خلق فرص عمل وتشجيع الإنتاج وطمأنة المواطن بأن ما يتحمله اليوم لن يضيع غدًا..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى