بريطانيا.. هل ساهم ويليام في إبعاد الأميرين هاري وأندرو عن الملك تشارلز؟

في الآونة الأخيرة، بدا واضحًا أن العائلة المالكة البريطانية تواجه حاجة ماسة إلى إعادة صياغة دورها ومكانتها في مجتمع تتزايد فيه المطالب بالشفافية والمساءلة. وفي هذا السياق، أعلن الأمير ويليام – باعتباره ولي عهد المملكة المتحدة ووريث العرش – عن محرّك إصلاحي يتمثّل في “ملكية مصغّرة” تركز على النشاط والعمل الفعلي بدلًا من التمثيل الرمزي فقط. كما أشار في مقابلة له إلى أنّه “يحاول القيام بذلك من أجل الأجيال الجديدة، وفقًا لصحيفة الجارديان البريطانية.
في تحول غير مسبوق داخل المؤسسة الملكية البريطانية، وبهدوء ومن خلف الكوالييس، قاد الأمير ويليام عملية إعادة هيكلة جذرية لأدوار أفراد العائلة المالكة، متبنيًا رؤية إصلاحية صارمة تُعرف باسم “الملكية المصغّرة”.
تهدف هذه الرؤية إلى تقليص عدد العاملين الرسميين في العائلة، والتركيز على الأداء الفعلي بدلًا من التمثيل الرمزي، في محاولة لتحديث صورة الملكية أمام جمهور بريطاني يزداد تشككه في جدوى النظام الملكي، وفقًا لصحيفة الجارديان.
وأعلن ويليام في أكثر من مناسبة أنه يسعى إلى هذا التغيير من أجل الأجيال الجديدة، مؤكدًا أن الملكية يجب أن تكون في خدمة الشعب، لا عبئًا عليه.
وقد بدأت هذه الرؤية تأخذ شكلًا عمليًا من خلال قرارات حاسمة طالت الأمير أندرو والأمير هاري، وهما من أكثر الشخصيات إثارة للجدل داخل العائلة.
وفي أكتوبر ٢٠٢٥، سحب الملك تشارلز ألقاب الأمير أندرو الرسمية، وأصبح يُعرف باسم “أندرو ماونتبَتن ويندسور”.
دعمت هذه الخطوة تقارير صحفية عديدة، منها صحيفة ماركا الإسبانية، التي وصفت القرار بأنه نهاية مذهلة لمسيرته الملكية.
وأشارت إلى أن ويليام لعب دورًا محوريًا في الدفع نحو هذا الإقصاء وفقا لتقرير لصحيفة ماركا الإسبانية، كما منعه من المشاركة في موكب وسام الرباط، وهو تقليد ملكي رفيع، ما كشف عن قطيعة مؤسسية متعمدة.
أوضحت شبكة فوكس نيوز أن ويليام اعتبر أندرو عبئًا على صورة الملكية، وأنه رسم خطًا واضحًا يمنع عودته إلى أي دور رسمي في المستقبل، في خطوة تعكس رغبة في تنظيف صورة العائلة من أي عناصر قد تثير الشكوك أو الفضائح.
أما الأمير هاري، فالوضع بالنسبة له يبدو أكثر تعقيدًا. رغم أنه لم يُجرّد رسميًا من ألقابه، إلا أن تقارير من موقع “يورو تانجو” كشفت أن أوساطًا ملكية بدأت تناقش إمكانية سحب ألقابه هو وزوجته ميجان ماركل، خاصة بعد تصاعد الانتقادات حول أسلوبهما الإعلامي وتحديهما للمؤسسة الملكية، إذ يفضل ويليام إبقاء هاري خارج دائرة التأثير المؤسسي، ليس كخصم، بل كعنصر غير متوافق مع مشروع “الملكية المصغّرة” الذي يتطلب انضباطًا إعلاميًا ومؤسسيًا صارمًا.
وفي مقابلة حديثة مع الممثل يوجين ليفي، قال ويليام إن “التغيير على جدول الأعمال” عندما يصبح ملكًا، ما يؤكد أن هذه الإجراءات ليست مؤقتة، بل جزء من استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى إعادة تعريف الملكية البريطانية (ذا كونفرسيشن).
تأتي هذه التحركات في سياق أوسع يشمل:
– استعادة الشرعية العامة بعد تراجع الثقة بالملكية وفقًا لصحيفة الجارديان.
– التركيز على الأداء المؤسسي بدلًا من الرمزية.
– المطالب المتزايدة بأن تكون الملكية ذات قيمة مضافة في ظل ضغوط اقتصادية، وفقا لمجلة “ذا كونفرسيشن”.
– الإعداد المبكر لمرحلة ما بعد الملك تشارلز، حيث أشارت وكالة رويترز إلى أن ويليام دعم إجراءات والده ضد أندرو ضمن خطة لتأمين انتقال سلس للعرش.
لكن هذه السياسة لا تخلو من المخاطر. فقد يؤدي التركيز على الكفاءة إلى فراغ عاطفي داخل الأسرة، ويثير انتقادات حول “التجريف الإنساني”.
كما أن الجمهور يتوقع من العائلة المالكة تواصلًا إنسانيًا، لا فقط صرامة مؤسسية. فضلًا عن أن الإجراءات، رغم جرأتها، تبقى ظرفية ما لم تُستكمل بإصلاحات قانونية ومؤسسية واضحة.
ويبدو أن ويليام لا يعيد توزيع الألقاب فحسب، بل يعيد صياغة هوية الملكية نفسها: من التمثيل إلى الفعالية، ومن الوراثة إلى الكفاءة، ومن العائلة الممتدة إلى النواة المؤسسية.
وهو بذلك لا يبعد أندرو وهاري فقط، بل يضع حجر الأساس لملكية جديدة، أكثر صرامة، وأقل عاطفة، وأكثر استعدادًا لمواجهة تحديات العصر.
 





