معركة سياسية مفتوحة.. ترامب يهاجم حليفته السابقة تايلور جرين بعد استقالتها

أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هجومًا غير مسبوق على النائبة الجمهورية مارجوري تايلور جرين، بعد أن أعلنت استقالتها من موقعها داخل الكونجرس اعتبارًا من يناير في مطلع العام المقبل، في خطوة فجّرت مواجهة مفتوحة داخل معسكر “أمريكا أولًا” وتيار ماجا.
وجاءت تصريحات ترامب عبر منشور مطوّل اتسم بنبرة حادة، تخللته اتهامات صريحة لجرين بأنها تحولت إلى “سياسية لا تفعل سوى الشكوى”، وأنها ابتعدت عن الخط المحافظ الصارم الذي بنى عليه تيار ترامب نفوذه داخل الحزب الجمهوري، وفقًا لصحيفة هاف بوست.
وذكرت صحيفة ميامي هيرالد أن جرين اتخذت قرارها بعدما شعرت بأنها قد جرى تهميشها من جانب ما وصفته بـ”منظومة ماجا”، التي فضّلت دعم تيارات أخرى داخل الحزب الجمهوري على حسابها، وأضافت جرين أنه إذا كانت قد تمت إزاحتها جانبًا، فذلك يعني إزاحة ملايين آخرين من الأمريكيين العاديين جانبًا.
انقسام مفاجئ بين حليفين
يعكس الهجوم المفاجئ تصاعد التوتر بين الطرفين خلال الأسابيع الماضية، خاصة بعدما انتقدت جرين موقف ترامب من ملف “إبستين” ورفضه القاطع لدعوات داخل الكونجرس للكشف الكامل عن الوثائق المرتبطة بالقضية.
ترامب قال إن جرين “ضلّت طريقها”، مشيرًا إلى أنها أصبحت أقرب إلى “الأصوات اليسارية” بعد ظهورها في برامج تنتقد الجمهوريين، بينما ردّت جرين بأنها “لا تعبد ترامب ولا تخدمه”، وأن ولاءها الوحيد هو للناخبين الأمريكيين.
انفجار الخلاف علنًا بعد معارك داخلية
أشارت مصادر سياسية أمريكية مطلعة إلى أن الانقسام تعمّق عندما تبنّت جرين مواقف اقتصادية مناوئة لخطاب ترامب، خاصة حول أزمة الأسعار التي يتصاعد تأثيرها على الأسر الأمريكية.
ترامب اعتبر أي حديث عن أزمة “القدرة على تحمل تكاليف المعيشة” بمثابة تهويل إعلامي، بينما وصفت جرين هذا الإنكار بأنه “تغاضٍ عن واقع يعاني منه ملايين الأمريكيين”.
وكشف ترامب أنه لن يدعم مسار جرين السياسي مستقبلًا، مؤكدًا أنه سيقف مع أي منافس جمهوري يقرر خوض الانتخابات ضدها في ولايتها.
واعتبر أن النائبة “فقدت البوصلة” بعد طموحها في الترشح لمنصب حاكم أو سيناتور، مشيرًا إلى أن استطلاعات داخلية أوضحت أنها لا تملك فرصة حقيقية دون دعمه الشخصي.
وتقول مصادر أمريكية مطلعة إن استقالة جرين جاءت بعد أسابيع من ممارسة ضغوط غير مباشرة عليها داخل الحزب، خاصة مع تصاعد الاتهامات بأنها تحاول بناء نفوذ مستقل بعيدًا عن ظل ترامب، وهو ما أثار غضب دوائر مقربة من الرئيس الأمريكي.
وتشير هذه المصادر إلى أن عددًا من قيادات الحزب يرون أن جرين أصبحت “عبئًا استراتيجيًا”، لأنها تسببت في خلافات متكررة داخل الكتلة الجمهورية، إلى جانب تصريحاتها النارية حول سياسة الولايات المتحدة الخارجية، والتي اختلفت في كثير من الأحيان مع خط البيت الأبيض الرسمي.
وترى تحليلات سياسية، وفقًا لسكاي نيوز، أن هذه المواجهة قد تُعيد رسم التحالفات داخل الحزب الجمهوري، حيث بدأ بعض النواب المحافظين في تبني خطاب “أمريكا أولًا” بعيدًا عن هيمنة ترامب المباشرة، مع رغبتهم في عدم تكرار سيناريو الانقسام الذي ضرب الحزب خلال الانتخابات السابقة.
وترى صحيفة “يو إس توداي” الأمريكية واسعة الانتشار أن الصدام بين ترامب وجرين يتجاوز الخلافات الشخصية ليكشف عمق التوتر داخل التيار الشعبوي الجمهوري، مضيفة أن جرين تمثل “اتجاهًا برلمانيًا أكثر تشددًا” يرى أن على إدارة ترامب التركيز على الأزمة الاقتصادية وارتفاع الأسعار الذي يستنزف الطبقة المتوسطة، بينما يصرّ ترامب على أن إدارته تحقق نجاحات في الداخل والخارج، وأن التركيز المفرط على الأزمات الداخلية يُشجّع خصوم الولايات المتحدة.
كما ترى الصحيفة أن الهجوم الأخير يمثل اختبارًا حقيقيًا لقوة ترامب داخل الحزب، إذ سيكشف ما إذا كان يستطيع فعلًا معاقبة خصومه داخل الساحة الجمهورية، أم أن المزاج الشعبي المحافظ بدأ يبحث عن وجوه جديدة قادرة على تقديم خطاب مختلف عن نسخة ترامب التقليدية.
وتشير التقديرات إلى أن معسكر جرين قد يكسب زخمًا إذا تصاعدت الضغوط الاقتصادية على الأمريكيين خلال الأشهر المقبلة، ما يمنح خطابها حول “الأمريكيين المنسيين” جاذبية إضافية.
معركة سياسية مفتوحة
أكدت جرين أنها ستظل حامية لشعار “أمريكا أولًا وأمريكا فقط”، مضيفة أنها تدعم الإفراج الكامل عن ملفات إبستين رغم محاولة ترامب – حسب وصفها – استخدام الهجوم عليها لترهيب باقي الجمهوريين.
أما ترامب فيواصل التأكيد على أنه أنقذ الولايات المتحدة من “ثماني حروب”، وخفّض الضرائب، وأعاد بناء الجيش الأمريكي، قائلًا إن جرين “لم تعد جزءًا من هذا الإنجاز”.
وقالت جرين في بيان استقالتها إنها لا ترغب في أن تتحمل منطقتها “أولويات مؤذية ومليئة بالكراهية” بدعم من ترامب خلال الانتخابات المقبلة. وأضافت: “لدي احترام كبير لنفسي وكرامتي، ولا أريد أن تتحمل منطقتي هذا النوع من الحملات”.
وذكرت شبكة “إن بي سي نيوز” أنها حاولت الحصول على تعليق من جرين بعد إعلان الاستقالة، لكنها رفضت الحديث في أروقة الكونجرس. وكانت جرين قد قالت في مقابلة الشهر الماضي إنها لم تتخذ قرارًا نهائيًا بشأن الترشح لإعادة انتخابها.
وتأتي استقالة جرين في وقت يشهد فيه التيار الموالي لترامب انقسامات داخلية وتراجعًا في بعض الاستحقاقات الانتخابية، ما يعكس تحولًا لافتًا في مسار شخصية كانت تُعد من أكثر الأصوات ولاءً للرئيس السابق قبل أن تتحول إلى منتقدة لسياساته علانية.
وبذلك، يدخل ترامب وإحدى أبرز حلفائه السابقين مرحلة صدام مفتوح قد يعيد تشكيل ملامح الحزب الجمهوري قبل الانتخابات المقبلة، في لحظة سياسية تبدو فيها الخلافات الداخلية أخطر من أي وقت مضى.







