كيف تتحول دهون البطن إلى تهديد مباشر للأعضاء الحيوية؟

لطالما اعتُبرت دهون البطن العنيدة مجرد مشكلة جمالية، إلا أن التقارير الطبية الحديثة باتت تصنفها كواحدة من أكثر المؤشرات الصحية خطورة؛ لكونها ترتبط وثيقاً بما يُعرف بـ “الدهون العميقة” أو “الحشوية”.
هذه الدهون غير المرئية لا تكتفي بالاستقرار تحت الجلد، بل تتراكم حول الأعضاء الحيوية في الجسم، مشكلةً تهديداً مباشراً للصحة العامة.
مسببات الأزمة: أنماط حياة تُغذي السمنة الداخلية
نشرت صحيفة “تايمز أوف إنديا” (Times of India) تقريراً سلط الضوء على أنماط الحياة غير الصحية بوصفها المحرك الرئيس لهذه الأزمة.
وأوضح التقرير أن قلة الحركة، والإفراط في استهلاك الأطعمة المصنعة، والتعرض المستمر للضغوط النفسية، بالإضافة إلى اضطرابات النوم، تشكل مجتمعةً بيئة مثالية لزيادة الدهون الحشوية وما يتبعها من مضاعفات صحية جسيمة.
مثلث الخطر: الخمول.. الغذاء المصنع.. ومقاومة الإنسولين
تؤكد الدراسات الطبية أن الخمول البدني يمثل حجر الزاوية في تراكم هذه الدهون؛ إذ يؤدي غياب النشاط البدني المنتظم إلى بطء عمليات الأيض (التمثيل الغذائي)، مما يحول الجسم إلى مخزن للدهون.
ومع طول ساعات الجلوس، تتراجع الكفاءة الوظيفية لأجهزة الجسم، ويزداد خطر الإصابة بمقاومة الإنسولين وأمراض القلب والأوعية الدموية.
وفي سياق متصل، يبرز النظام الغذائي كعامل حسم؛ حيث إن استهلاك الأطعمة المصنعة الغنية بالكربوهيدرات المكررة والدهون المشبعة، مع إهمال البروتينات والألياف، يعزز بشكل مباشر من تراكم الدهون في منطقة البطن.
هذه الأطعمة، بما تحتويه من سكريات مرتفعة، تدفع الجسم لتخزين السعرات الفائضة في صورة دهون عميقة يصعب التخلص منها.
التوتر والنوم: العوامل الهرمونية الخفية
لا يقتصر الأمر على ما نأكله أو نفعله، بل يمتد إلى حالتنا النفسية وجودة راحتنا.
فالتوتر المزمن يحفز إفراز هرمون “الكورتيزول”، الذي أثبتت الأبحاث ارتباطه المباشر بزيادة تخزين الدهون الحشوية عند التعرض لضغط نفسي طويل الأمد دون إدارة فعالة.
أما نقص النوم، فيعمل كعامل هدم للتمثيل الغذائي؛ إذ يخل بتوازن هرمونات الجوع، مما يزيد من الشهية والرغبة المفرطة في تناول الطعام، تزامناً مع ارتفاع مستويات الكورتيزول.
وبمرور الوقت، تتحول هذه السعرات الزائدة إلى دهون داخلية معقدة تتمركز في محيط الخصر.
خارطة الطريق نحو التعافي
يجمع خبراء الصحة على أن مواجهة هذا الخطر تتطلب استراتيجية شاملة تعتمد على أربعة أعمدة أساسية:
تبني نمط حياة نشط لرفع كفاءة الحرق.
الاعتماد على غذاء متوازن يركز على العناصر الطبيعية.
إدارة التوتر بوسائل الاسترخاء والتفريغ النفسي.
الحصول على قسط كافٍ من النوم لضمان التوازن الهرموني.
وخلص التقرير إلى أن هذه الخطوات ليست مجرد خيارات إضافية، بل هي ضرورة حتمية للحد من الدهون العميقة وتعزيز جودة الحياة على المدى الطويل.







