إيهاب شعبان يكتب : إستقيلوا يرحمكم الله

عندما عشت فترة من عمري في الكويت بعد إنتقالي للعمل هناك .. أصابتني الدهشة الممزوجة بالإحترام عندما فاجئت الجميع د. معصومة المبارك وزيرة الصحة في ذلك الوقت بإستقالتها من منصبها من تلقاء نفسها بعد يومين إثنين فقط لاغير من وفاة شخصين جراء حريق وقع في أحد المستشفيات بمدينة الجهراء ، وقد اعتبرت نفسها مسؤولة عن ما جري رغم انها كان يمكن أن تمر من المسائلة لوجود أغلبية تساندها بمجلس النواب هناك .
تذكرت ذلك الأن بعد 18 سنة من هذا الحادث وذلك الحريق وأنا أتابع كل مايثار حول الحريق الذى وقع في مدينة 6 أكتوبر إثر انفجار ماسورة الغاز الذى راح ضحيتها 8 مواطنين هم بمثابة شهداء بإذن الله ، وكلما قرأت وسمعت وشاهدت ما جري عن هذا الحادث أزداد ضيقا وألما وإحباطا وغضبا ، خصوصا أن أحد الشهداء هو “محمد” نجل الأستاذ والأخ والمعلم الإعلامي المعروف عصام سالم ، وبالتأكيد أعرف هذه العائلة المحترمة وأشعر بمدي الألم الذى أصابهم وهم يرون ابنهم الشاب المحترم الذى كان على وشك الزواج وهو يذهب إلى لقاء ربه في حادث سببه الإهمال الشديد من مسؤولين عدة ، كما أن هناك شهيدين شابين من مدينة الشيخ زايد التي أعيش فيها أزعم إنني إلتقيت إحدهما من قبل .
أعلم أنه يجرى الأن تحقيقات وتقارير تكتب من هنا وهناك ، وأكيد يوجد من القيادات المحترمة من تعاطف مع أهالي الشهداء ويطالب بهذه التحقيقات وسرعة البت فيه ، ولكن مهما كان الأمر فإن ماحدث لا يتحمله فقط سائق لودر كسر ماسورة الغاز أو مهندس ردم الكسر بدون دراية بخطورة ما جرى أو مدير شركة تقاعس عن أداء دوره وحسب ، بل يتحمل أيضا رئيس المدينة ورئيس إدارة الغاز المسؤولة عن التركيب والضخ لغياب الرقابة والمتابعة ، وبالتالي المسؤول الأول بالتبعية وزير البترول ، وأنا هنا لا أسمي أي منهم بإسمهم بل بصفتهم أيا كان من هم .
نقول ذلك لأنه يجب أن يدفع أحد الثمن الفادح والذى تسبب في إزهاق أرواح بريئة كانت مقبلة على الحياة وخرجت إلى أعمالها ومشاويرها الخاصة في ذلك اليوم على إعتبار أن الدنيا أمان وسلام ، ولكن ما حدث هو العكس ، لا لشئ إلا لأنه يوجد من تقاعس عن أداء عمله مما يعنى أن منظومة الأمن والسلامة غير مطبقة أو صحيحة ، لذلك من فعل ذلك متعمدا أو غير متعمدا عليه أن يرحل فورا سواء بالإقالة أو بالإستقالة ، بغض النظر عن المسؤولية الجنائية في الحادث .
خالص تعازينا لأسر الشهداء ضحايا الحادث .. وتمنياتنا بالشفاء العاجل للمصابين ، وكلنا أمل في أن تنجح الجهود المخلصة من جانب المسؤولين أصحاب الضمير اليقظ في عدم تكرار ما حدث ومحاربة الإهمال في كل المجالات .