تداعيات إقليمية على الشرق الأوسط.. صاروخ نووي شبحي جديد يعيد أجواء الحرب الباردة

في مشهد أعاد إلى الأذهان سباقات التسلح النووي التي طبعت الحرب الباردة، رُصد في سماء ولاية كاليفورنيا جسم غامض يُعتقد أنه أول ظهور علني لصاروخ نووي شبحي طورته الولايات المتحدة خلال ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وبحسب صحيفة ديلي ميل البريطانية، التُقطت الصور بالصدفة من قبل أحد هواة متابعة الطيران العسكري أثناء مراقبته قاذفات في وادي أوين، ليتبين لاحقًا أن ما شاهده كان تجربة ميدانية لصاروخ استراتيجي جديد يوصف بأنه “قادر على تدمير مدن بأكملها”.
الهوية التقنية للسلاح: AGM-181 LRSO
كشفت تحليلات خبراء الطيران والدفاع أن السلاح الغامض يُرجَّح أن يكون من طراز AGM-181 LRSO، أي “السلاح بعيد المدى للإطلاق من بعد”.
ويمثل هذا المشروع العمود الفقري في خطة تحديث الترسانة النووية الجوية الأمريكية، حيث صُمم ليحل محل الصاروخ القديم AGM-86B الذي دخل الخدمة منذ سبعينيات القرن الماضي.
ويتميز الصاروخ بقدرات توجيه عالية الدقة ومدى عملياتي يصل إلى آلاف الكيلومترات، مع إمكانية ضبط قوة الرأس النووي بين 5 و150 كيلوطنًا. وللمقارنة، بلغت قوة قنبلة هيروشيما نحو 15 كيلوطنًا فقط، ما يجعل النسخة القصوى من هذا السلاح أكثر فتكًا بأكثر من عشر مرات.
رصد نادر وتجربة فوق وادي أوين
أفادت ديلي ميل أن المصوّر الأمريكي إيان ريكايو، كان يراقب أجواء الوادي عندما لاحظ قاذفة B-52 تحلق على ارتفاع منخفض نسبيًا، وعلى أجنحتها ذخائر غير مألوفة مطلية بعلامات اختبار برتقالية.
وأوضح لاحقًا لمجلة The Aviationist أنه سمع عبر أجهزة الرصد اللاسلكي نداءً للطيران باسم Torch52، وهو رمز تستخدمه عادة القاذفات التجريبية التابعة لقاعدة إدواردز الجوية.
وبحسب التحليلات، تمثل الصور أول دليل بصري علني على تجارب الصاروخ الجديد فوق الأراضي الأمريكية، في وقت تلتزم فيه وزارة الدفاع الأمريكية الصمت الكامل تجاه التجربة أو تفاصيلها التقنية.
خصائص تكنولوجية فائقة وتكتم رسمي
يعد الصاروخ الجديد خطوة نوعية في تطوير مبدأ الردع الأمريكي، إذ يتمتع بتقنيات شبحية متقدمة تجعله غير قابل للرصد بالرادارات الحديثة، ومحميًا ضد التشويش الإلكتروني والهجمات السيبرانية.
كما يمكنه حمل رؤوس نووية حرارية صغيرة الحجم عالية الكفاءة، ما يتيح استخدامه في ضربات دقيقة ضد أهداف استراتيجية أو مراكز قيادة محصنة دون الحاجة إلى قنابل ضخمة.
وتشير مصادر دفاعية أمريكية إلى أن المشروع يجري تطويره منذ سنوات ضمن برنامج سري طويل الأمد للحفاظ على التفوق الأمريكي في مواجهة روسيا والصين، ويتوقع أن يدخل الخدمة رسميًا بحلول عام 2030.
سباق تسلح جديد بين واشنطن وبكين وموسكو
تزامن ظهور الصاروخ مع تصاعد سباق التسلح النووي بين القوى الكبرى. فقد زادت الصين ترسانتها النووية بأكثر من 30٪ خلال خمس سنوات، بينما تواصل روسيا اختبار صواريخها الفرط صوتية من طراز سارمات وأفانغارد.
وترى دوائر القرار في واشنطن أن تطوير AGM-181 يمثل رسالة ردع واضحة، تؤكد أن الولايات المتحدة لا تزال تتفوق تقنيًا واستراتيجيًا، في حين يحذر محللون من أن هذه التطورات قد تعيد إشعال سباق التسلح العالمي وتنسف جهود الحد من انتشار الأسلحة النووية.
ترامب ورسالة السلام عبر القوة
يحمل المشروع دلالات سياسية لافتة، إذ يعكس عقيدة ترامب القائمة على “الهيبة بالقوة”. فالرئيس الأمريكي الحالي لا يخفي اعتقاده بأن التفوق العسكري هو الضمان الحقيقي للسلام، وأن الردع النووي الذكي يجب أن يكون أكثر دقة ومرونة من منظومات الحرب الباردة.
ويرى مراقبون أن ظهور هذا الصاروخ يمثل رسالة مزدوجة — للخصوم بأن واشنطن تحتفظ بتفوقها الردعي، وللرأي العام الأمريكي بأن البلاد تدخل عصرًا جديدًا من الجاهزية النووية المتطورة.
تداعيات إقليمية على الشرق الأوسط
يتابع الشرق الأوسط هذه التطورات عن كثب، خصوصًا دول مثل إيران وإسرائيل ومصر والسعودية. فتعزيز القدرات النووية الأمريكية يوسّع المظلة الأمنية لحلفائها، لكنه قد يدفع طهران إلى تسريع برامجها الصاروخية لتعويض الفجوة.
أما بالنسبة لإسرائيل، فقد تنظر إلى السلاح الجديد كدعم غير مباشر لقدراتها الرادعة، بينما تراقب القاهرة والرياض المشهد بحذر خشية انزلاق المنطقة إلى سباق تسلح جديد.
عودة الحرب الباردة في ثوب عصري
تحولت صورة التقطها مصور هاوٍ إلى حدث جيوسياسي يعيد رسم معادلة الردع العالمي. فالصاروخ الشبحي الجديد لا يمثل مجرد ابتكار عسكري، بل إعلانًا رسميًا عن دخول الولايات المتحدة حقبة “الردع الذكي” متعدد الطبقات — حيث تمتزج التكنولوجيا الفائقة بالقوة الرمزية، في تجسيد حي لعقيدة “السلام عبر القوة” التي يرفعها ترامب شعارًا لاستعادة الهيمنة الأمريكية.







