أفريقيا تفقد 50 مليار دولار يوميًا بسبب التدفقات المالية غير المشروعة

أكد رئيس اللجنة المستقلة لمكافحة الفساد والجرائم ذات الصلة، الدكتور موسى عليو، أن القارة الأفريقية تفقد أكثر من خمسين مليار دولار سنويًا نتيجة التدفقات المالية غير المشروعة، ما يضعف التنمية ويعطل تقديم الخدمات العامة الأساسية.
وأوضح الدكتور عليو خلال كلمته في سلسلة محاضرات الذكرى الثالثة عشر لمجلة ريال نيوز في لاجوس تحت عنوان “الأمن السيبراني، التدفقات المالية غير المشروعة وأجندة 2063 في أفريقيا”، أن هذه الخسائر تمثل أحد أكثر العوامل تدميرًا لقدرة أفريقيا على تحقيق تنميتها، مشيرًا إلى أن الأموال المفقودة كان من الممكن استخدامها لبناء المدارس والمستشفيات والطرق والبنية التحتية الحيوية الأخرى، مؤكدًا أن التدفقات المالية غير المشروعة أصبحت أزمة صامتة تهدد سيادة الدول الأفريقية ومستقبل الشباب فيها، وفقًا لصحيفة بيبولز جازيت النيجيرية.
وأشار عليو إلى أن التدفقات المالية غير المشروعة تأتي بطرق متعددة تشمل التهرب الضريبي، الفساد، التعدين غير القانوني، الاتجار بالحياة البرية، غسيل الأموال، والجرائم الرقمية، مضيفًا أن الشركات متعددة الجنسيات تستغل بعض الممارسات مثل تضخيم تكاليف التجارة لتجنب دفع الضرائب، ما يؤدي إلى خسائر مالية ضخمة كان يمكن استثمارها في مشاريع تنموية كبرى.
ولفت رئيس اللجنة إلى دور بعض المسؤولين الحكوميين الذين يحولون الأموال العامة إلى حساباتهم الخاصة باستخدام بنوك متعددة، وأشار إلى أن بعض المؤسسات المالية تتغاضى عن التحويلات المشبوهة وعدم تقديم التقارير الإلزامية. وأضاف أن اعتماد أفريقيا المتسارع على التكنولوجيا الرقمية، واستخدام الأموال المحمولة في أكثر من خمسين بالمائة من الدول، يزيد من مخاطر الجرائم السيبرانية، حيث يستغل المجرمون ضعف أنظمة الأمن السيبراني.
كما أكد عليو أن الشبكات الإجرامية غالبًا ما تمتلك تقنيات وموارد متقدمة تتجاوز قدرات أجهزة إنفاذ القانون، مما يجعل مكافحة الجرائم الرقمية وتعقب الأموال غير المشروعة أمرًا بالغ الصعوبة، خاصة بعد خروجها من نطاق السلطات الأفريقية. وأشار إلى تحقيقات اللجنة الجارية التي كشفت عن حالات استغلال نظم الرواتب لصرف أموال غير مستحقة للعاملين، بما يعرف بـ “موظفي الأشباح”.
ودعا عليو البرلمان النيجيري إلى تمرير مشروع قانون حماية المبلغين عن الفساد، مشددًا على أن المواطنين لن يقدموا معلومات حيوية عن الفساد دون ضمان حمايتهم، وأوصى بتوحيد القوانين الرقمية عبر القارة، وتعزيز آليات استعادة الأصول، وتطوير البنية الرقمية، وتدريب قوات الأمن، وتنفيذ اتفاقية مالابو بالكامل بشأن الأمن السيبراني وحماية البيانات.
كما شدد على ضرورة توحيد موقف الدول الأفريقية في المطالبة باستعادة الأصول المنهوبة والمقتنيات الثقافية المسروقة المحتجزة في الخارج، مؤكدًا أن تعزيز الرقابة المالية وتحسين الأمن الرقمي ومكافحة الفساد بشكل جماعي هو السبيل الوحيد لوقف التدفقات المالية غير المشروعة وتحقيق أهداف أجندة أفريقيا 2063.
من جانبها، أشارت القاضية السابقة ومديرة لجنة الانتخابات المستقلة في ولاية لاغوس، أيوتوندي فيليبس، إلى أن التحديات الرقمية والمالية في أفريقيا تتطلب تحركًا عاجلًا من الحكومات والقطاع الخاص، مشددة على أهمية الالتزام بخطط التنمية الاستراتيجية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأكدت على أن النجاح يعتمد على الالتزام المستمر والمتابعة الدقيقة للخطط المرسومة، مشيرة إلى أن القارة لديها القدرة على مواجهة هذه التحديات إذا ما توفرت الإرادة الحقيقية.
وقالت محررة مجلة ريال نيوز، مورين شيغبو، إن محاضرة 2025 ركزت على التدفقات المالية غير المشروعة ودور الأمن السيبراني في حركة الأموال غير المشروعة عبر الحدود، مبرزة دور التحقيقات الصحفية والتنمية الرقمية في كشف العلاقة بين الجرائم السيبرانية وتمويل الإرهاب وثروات أفريقيا المنهوبة، مؤكدة على ضرورة دعم هذه المبادرات من خلال الإعلانات والرعاية والمبادرات التعاونية لتعزيز الصحافة الاستقصائية والتنموية في القارة.







