على بومنجل … المناضل الذى اعترفت فرنسا بقتله

اعترف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حوالي 7 عقود من الإنكار، بأن المحامي والزعيم الوطني الجزائري، علي بومنجل “تعرض للتعذيب والقتل” على أيدي الجيش الفرنسي إبان الاستعمار، متراجعا بذلك عن رواية باريس القديمة بأنه انتحر.

ونقلت الإذاعة الجزائرية الخميس عن مصدر رسمي قوله إن “الجزائر سجلت بارتياح إعلان ماكرون وقراره تكريم المجاهد الشهيد علي بومنجل”. وقد انقسم الجزائريون عبر مواقع التواصل بين مرحب ومنتقد للاعتراف الفرنسي وما تلاه من تصريحات لسياسيين ومسؤولين في بلادهم.

لم يخف بعض المعلقين الجزائريين ارتياحهم لتصريحات الرئيس الفرنسي، وعدوها “سابقة تاريخية ومبادرة جدية تدخل في إطار النيات الحسنة”. كما حملت تصريحات ماكرون تفاؤلا لمجموعة من الجزائريين ممن يأملون في أن “ينظر البلدان إلى المستقبل ويفتحا آفاقا جديدة للحوار بخصوص الحقبة الاستعمارية”.

من جهة أخرى، شكك فريق آخر من المعلقين في نية فرنسا دخول مرحلة جديدة مع بلادهم، خاصة أنها ترفض الاعتذار الكامل عن تاريخها الاستعماري. وتنوعت القراءات في تفسير الخطوة الفرنسية وأسباب تدرجها في الاعتراف بسجل “جرائمها خلال الاستعمار”. كما تساءل كثيرون عن أهمية هذا الاعتراف وأبعاده وسر إعلانه الآن.

ويرى نشطاء جزائريون أن الحكومة الفرنسية لا تزال “تتصرف بفوقية وتتعامل مع سجلها الاستعماري كأنها قضايا فردية أو عائلية بدلا من الإقرار بأنها سياسة ممنهجة قتلت وعذبت الآلاف”. وعاب جزائريون “صمت حكومتهم على طريقة الاعتراف الفرنسية”.

ويقول محللون جزائريون إن التعامل الرسمي مع تصريحات ماكرون يعطي انطباعا بأن الجزائر “توافق على الاكتفاء بخطوات رمزية”. كما انتقد آخرون موافقة أحفاد المناضل علي بومنجل على لقاء الرئيس الفرنسي.

وكانت الرئاسة الفرنسية قد ذكرت في بيان أن ماكرون استقبل بنفسه أحفاد بومنجل في قصر الإليزيه ليخبرهم أنه “لم ينتحر، بل تعرض للتعذيب ثم القتل”. وأكد الرئيس الفرنسي أن هذه الخطوة “ليست عملا منعزلا”، مضيفا أنه “لا يمكن التسامح أو التغطية على أي جريمة ارتكبت في تلك الفترة (الاستعمار)”.

لكن كثيرا من الجزائريين ينظرون إلى تلك الخطوة على أنها “مناورة للتحايل على ذاكرتهم ومحاولة منقوصة لا ترجع حق بومنجيل وغيره من المناضلين” وفق تعبيرهم.

فمن هو بومنجل؟

حظى علي بومنجل بمكانة كبيرة ورمزية خاصة ضمن قيادات ثورة التحرير الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي. ولا تزال صوره تزين مواكب المتظاهرين الشباب خلال الحراك الشعبي الذي تشهده الجزائر منذ عامين. فهو مناضل سياسي ومحام عُرف بدفاعه المستميت عن أبناء بلاده. ويصفه المؤرخ الفرنسي بنجامين ستورا بأنه “رجل ذو شجاعة استثنائية”.

ولد بومنجل عام 1919، في كنف أسرة ثورية ومثقفة، ودرس الحقوق واقتحم عالم السياسة في سن مبكر. وكان عضوا في حزب الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري، الذي أُسسه فرحات عباس، أول رئيس للحكومة الموقتة للجمهورية الجزائرية، سنة 1946. كما كان من أوائل من التحقوا بـ”جبهة التحرير الوطنية”.

وإضافة لعمله كمحام، عمل بومنجل صحفيا في جريدة المساواة الناطقة بالفرنسية. كما لعب دورا هاما في التعريف بقضية بلاده في الداخل والخارج. واعتقل بومنجل خلال “معركة الجزائر” سنة 1957، ليتعرض للتعذيب المتواصل على يد فرقة الجنرال الفرنسي بول أوساريس.

وفي 23 مارس من نفس العام، أخبرت فرنسا عائلته بأنه “انتحر، إلا أن عائلته ورفاقه أصروا على أنه تعرض للاغتيال بعد رميه من الطابق السادس لإحدى البنايات”.

وبعد مرور 43 عاما، ظهرت الحقيقة من خلال مذكرات أوساريس عام 2000، وأقر بها قصر الإليزيه بعد ما يقارب 64 عاما من الإنكار.

المصدر: بى بى سى

Exit mobile version