موكب المومياوات: تجدد العداوة التاريخية بين حتشبسوت وتحتمس الثالث

أعادت الاستعدادات لانطلاق موكب المومياوات اليوم الملكة حتشبسوت والملك تحتمس الثالث إلى الأضواء حيث تشهد منصات التواصل الاجتماعي حالة من الجدل والسخرية بشأن العداوة التاريخية بينهما على نحو لا يخلو من الفكاهة و”خفة الدم” المصرية.

ويرصد موقع سبوتنيك الجدل الدائر حول الملكة الفرعونية وتحتمس الثالث حيث نشر مستخدمو منصات التواصل الاجتماعي سلسلة من “الكوميكس” أو الصور التعبيرية الساخرة، التي شملت مشاهد غضب كوميديا من الأفلام ومقاطع الفيديو الشهيرة، في إسقاط على الملك والملكة السابقين.

وتخيل البعض حتشبسوت وتحتمس الثالث في مواقف مواجهة، حيث يرمق كل منهما الآخر بنظرة ثاقبة، وتعبيرات الوجه الغاضبة والمتحفزة للاشتباك، أو حتى مواقف يبدو فيها كل منهما يتجنب الآخر على خلفية عداوتهما التاريخية.

ما سر هذه العداوة؟

شهدت مصر صراعا طويلا في الفترة بين سنة 1504 و1450 قبل الميلاد، بين اثنين من أعظم ملوك الأسرة الثامنة عشرة، وهما الملك تحتمس الثالث والملكة حتشبسوت زوجة وشقيقة أبيه في آن واحد.

وعلى مدار 54 عاما قبل الميلاد لم يستطع الثنائي الملكي المتصارع، تخطي الخلافات، أو توحيد الأهداف، إذ لم يُنه حالة الصراع المتبادلة بينهما سوى موت الملكة ليفرض تحتمس الثالث سيطرته بأريحية، حسبما ذكرت صحيفة “المصري اليوم”.

يقول المؤرخ والباحث في تاريخ الحضارة المصرية القديمة، الدكتور سليم حسن في كتابه موسوعة مصر القديمة، إن تحتمس الثالث في صغره كان يمقت حتشبسوت التي كانت تتجاهل والده مدة حياته.

وبعد تحتمس الأول، كان من المفترض أن يرث الحكم أكبر ابن شرعي للمك، وهو حتشبسوت، لكن كان لابد بد أن يتولى الحكم رجلا، فاضطرت إلى الزواج من الملك تحتمس الثاني ليتوج بذلك ملكا للوجه البحري والقبلي.

لكن الأمر اشتد تعقيدا بعد وفاته تحتمس الثاني هو الآخر دون أن يترك وريثا شرعيًا للحكم، ولأنه لم ينجب من حتشبسوت سوى بنتين، كان الملك تحتمس الثاني ميالا لتولية العرش لابنه غير الشرعي تحتمس الثالث والذي لم يبلغ 11 عاما حين وفاة والده.

تولى تحتمس الثالث العرش بالفعل، لكن نظرا إلى أنه لم يبلغ الحلم بعد، كان لا بد أن تكون الوصاية لزوجة أبيه الملكة حتشبسوت، تطبيقا لقواعد التقاليد والشرع.

يقول سليم حسن إن الملك تحتمس الثالث ظل معزولا خلال 13 عاما، حيث أحكمت حتشبسوت مؤامراتها على السلطة وجلست على العرش بثبات طوال هذه المدة.

ويضيف: “لا نعلم إذا كانت هذه الملكة العظيمة قد ماتت بشكل طبيعى أو من جراء ثورة قام بها حزب كان يناصر الفرعون الفتى ليقضي على تلك المرأة التي كانت شوكة في جنب والده”.

على أي حال فإن تحتمس الثالث، قبض على مقاليد الأمور وأخذ ينكل بأعدائه وهم أولئك الذين كانوا في ركاب حتشبسوت أو عاملين في بلاطها، بعد اختفائها من مسرح الحياة المصرية.

بعد تولي تحتمس الثالث الحكم، كان يريد أن يثبت أنه تولى عرش مصر من قبل الإله ووالده، وأن ما قدمته حتشبسوت لمصر ما كان إلا اغتصابا لحقوقه، وأخذ يحطم في كل آثارها وتماثيلها بكل أنحاء البلاد.

رغم ما خلفته حتشبسوت من تاريخ عظيم على مدار فترة توليها للحكم، لا سيما المعبد الجنائزي المعروف بالدير بالحري، إلا أن تحتمس الثالث لم يعترف بحكمها قط، حتى أنه كان يدون الآثار الخاصة به بداية من تاريخ السنة الأولى التي نُصب فيها ملكًا شرعيا على البلاد.

واليوم السبت الموافق 3 إبريل 2020، سيكون الملكين على موعد للقاء بعضهما البعض، حيث ينطلقان سويا ضمن موكب “الرحلة الذهبية” في حدث يدور على مرأى ومسمع من العالم أجمع.

Exit mobile version