السيارات الهيدروجينية قليلة في العالم، ومع ذلك فإنها تعد بمستقبل كبير، وتويوتا ميراي هي أكثر هذه السيارات تطورا، بل ربما الأكثر تطورا في عالم صناعة السيارات كله، كما يقول بعض الخبراء.
وقد أثبتت هذه السيارة الهيدروجينية الجبارة قدراتها، من خلال تحطيمها لرقم قياسي عالمي جديد غير مسبوق.
نعم، ألف كيلومتر رقم قياسي جديد بكل تأكيد، إذ لا توجد سيارة في العالم -سواء كانت كهربائية أو هجينة أو هيدروجينية أو حتى سيارة تعمل بالوقود الأحفوري- قادرة على قطع هذه المسافة دفعة واحدة من غير توقف ودون إعادة شحن أو تعبئة، وهذا ما فعلته تويوتا ميراي بنسختها الجديدة المطورة.
وإذا جئنا للسيارات الكهربائية، فإن المسافة المقطوعة بالشحنة الواحدة لا تزال تعتبر مشكلة لديها، فأغلب هذه السيارت تسير نحو 200 إلى 300 كيلومتر بالشحنة الواحدة، وهناك سيارت جديدة يجري العمل على صناعتها ستقطع نحو 600 كيلومتر بالشحنة الواحدة، لكن ألف كيلومتر رقم خيالي لم يصل إليه أحد حتى الآن.
5 دقائق للشحن فقط
الأمر الآخر المثير هو مدة الشحن، فعملية إعادة الشحن في السيارات الكهربائية تأخذ وقتا طويلا في العادة، وقد تستمر ساعات إذا تمت عملية الشحن في المنزل، وحوالي 40 دقيقة في أفضل الأحوال في محطات الشحن على الطرقات، ولهذا تتسابق شركات صناعة السيارات الكهربائية على تقليل مدة الشحن، وزيادة نطاق المسافة المقطوعة بالشحنة الواحدة، لكن هذه المشكلة تقريبا غير موجودة في السيارات الهيدروجينية، فمدة الشحن لا تزيد على 5 دقائق فقط، تماما مثل الوقت اللازم لشحن سيارات البنزين أو الديزل، والمسافة المقطوعة أعلى بكثير.
والآن، حققت سيارة تويوتا ميراي رقما قياسيا عالميا جديدا. وقد بدأت الرحلة -كما ذكرت منصة «تكنولوجي» (Technology) نقلا عن غرفة أخبار شركة تويوتا في أوروبا (Toyota Europe Newsroom) – يوم الأربعاء الماضي 26 مايو/أيار إلى الجنوب من العاصمة الفرنسية باريس، وتناوب 4 سائقين على القيادة لتجنب الإرهاق، وكانت السيارة تسير على طرق عامة فيها العديد من نقاط التسارع والكبح.
رحلة أسطورية
وقد واصلت السيارة المسير لتحطم الرقم القياسي السابق المسجل باسم سيارة هيونداي نيكسو (Hyundai NEXO) والبالغ 778 كيلومترا بشحنة واحدة، فالجيل الثاني من تويوتا ميراي يتمتع بقدرة تخزين أكبر للهيدروجين تصل إلى 5.6 كيلوغرامات، وديناميكا هوائية أفضل، لهذا تمت مواجهة التحدي بقدر كبير من الثقة.
بعد ساعات وساعات من المسير، توقفت ميراي في باريس إثر رحلة أسطورية امتدت 1003 كيلومترات. وبحسب كمبيوتر السيارة، فقد بقي 9 كلم في بطاريتها، وهذا أمر مثير للإعجاب بكل تأكيد، إذ لا توجد سيارة في العالم قادرة على هذا الإنجاز حتى الآن. وإذا تذكرنا أن إعادة الشحن تستمر لمدة 5 دقائق فقط لتعاود السيارة المسير وقطع نفس المسافة، فإن إعجابنا سيزداد لا محالة.
الأمر الآخر المثير كان متوسط استهلاك الوقود في هذه المغامرة التي حطمت الأرقام القياسية، حيث وصل إلى 0.55 كيلوغرام لكل 100 كيلومتر، أما بالنسبة للانبعاثات الهوائية فكانت بخار الماء فقط.
وقال فرانك ماروت الرئيس التنفيذي لشركة تويوتا في فرنسا «إنه إنجاز مذهل وتحد كبير تجاوزناه مع ميراي المطورة الجديدة، وبالنسبة لنا داخل الشركة كان الأمر يشبه مراودة المستحيل، ولكننا أثبتنا اليوم أن المستحيل مجرد خرافة، وهو ما يدفعنا للمواصلة وتحقيق المزيد من الإنجازات في المستقبل».
تحديات مستقبلية
ومع هذا الإنجاز الجديد أثبتت سيارات الهيدروجين فعاليتها، ولكن التحديات ما زالت كبيرة، فهي أغلى من السيارات الكهربائية، والمشكلة الكبرى التي تواجهها هي عدم وجود محطات لشحن الهيدروجين، على عكس السيارات الكهربائية التي ستجد محطات شحن لها في الكثير من الأماكن، لكن من سمع بأي محطة شحن للهيدروجين؟ تقريبا لا أحد.
وهذا تحد حقيقي، لكن هذا الإنجاز سيحفز بكل تأكيد شركات تصنيع السيارات لدخول هذا المجال الواعد جدا في المستقبل، وربما ستشجع ميزتا الشحن السريع والمسافة الطويلة المقطوعة بالشحنة الواحدة، مصنعي السيارات على استخدام هذه التكنولوجيا للشاحنات والحافلات التي تقطع مسافات طويلة، وللطائرات والقطارات في المستقبل.
سوف نرى..
(مواقع إلكترونية)