كشفت شركتا آبل (Apple) وجوجل (Google) الغطاء عن الميزات التي تدخرانها للهواتف المصممة لعصر العمل عن بعد والعمل المختلط (عمل عن بعد وفي المكاتب) وحتى العمل الشخصي.
فقد تغيرت طريقة عملنا وحياتنا مع انحسار الوباء في جميع أنحاء العالم، حيث يخطط البعض منا الآن للعودة إلى المكتب، فيما يواصل البعض الآخر العمل من المنزل ولكن الكثير منا سيفعل كلا الأمرين.
ويقول براين شين في مقالة له في صحيفة «نيويورك تايمز» (NewYork times) إن هذا الواقع الجديد انعكس على البرامج الموجودة على هواتفنا والتي كانت أهم أدواتنا أثناء فترة الوباء، حيث كشفت شركتا آبل وغوغل مؤخرا عن أحدث برامج الهاتف الخاصة بهما المصممة لعصر ما بعد كورونا والذي يتميز بالعمل عن بعد والعمل المختلط.
فقد عرضت شركة آبل في مؤتمرها الأخير نظام التشغيل «آي أو إس 15» (iOS 15) وهو نظام التشغيل المحدث لأجهزة آيفون (iPhone)، حيث يمنح البرنامج مالكي الأجهزة أدوات جديدة لرسم حدود للعمل المختلط، مثل رسالة الحالة التي تتيح للآخرين معرفة أنك مشغول، قبل أن يرسلوا إليك رسائل.
كما سيحصل برنامج «فيس تايم» (FaceTime) -وهو برنامج مؤتمرات الفيديو من آبل- على أكبر تغيير له منذ ظهوره لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمان، وأيضا ستتاح الخدمة أخيرا للأجهزة غير التابعة لشركة آبل، بما في ذلك هواتف أندرويد، كما تطورت جودة جلسات الفيديو.
وطرحت جوجل في الشهر الماضي نظام «أندرويد 12» (Android 12)، وهو أحدث نظام تشغيل للأجهزة المحمولة، حيث ركزت الشركة على تبسيط تصميم برامجها لمساعدة الأشخاص على إنجاز عملهم بكفاءة أكبر، بما في ذلك قائمة من الاختصارات للوصول إلى أدواتهم المفضلة بسرعة أكبر.
وتعتبر كارولينا ميلانسي -وهي محللة تكنولوجيا المستهلك في شركة «كرييتيف ستراتيجيز» (Creative Strategies) للاستشارات- أن التغييرات في «آي أو إس» وأندرويد تعكس الطريقة التي تتغير بها حياتنا وعملنا مرة أخرى فيما نحاول ترك الوباء وراءنا.
وقالت ميلانسي «الميزة الصغيرة التي تخبرك أن الناس لا يريدونك أن تزعجهم في هذا الوقت ستكون مهمة حقا».
وأضافت «فربما ستجهز رسالتك في عطلة نهاية الأسبوع لكنك لن تضغط على زر الإرسال حتى صباح يوم الاثنين، وبهذه الطريقة لا تدفع الآخرين للعمل في عطلة نهاية الأسبوع، هذا يزيل الضغط».
لماذا تريدك آبل وجوجل أكثر إنتاجية؟
يقول الكاتب إننا مكثنا في المنازل معظم العام الماضي وأصبح الكثير منا ملتصقا بشاشات الهواتف، كما ودردشنا على مكالمات الفيديو وراسلنا أحباءنا وسط جلسات من ردود الأفعال المختلفة، مما لم يعد ممكنا بالنسبة للبعض الاستمرار في التركيز على مهمة واحدة.
واستجابة لذلك يوفر برنامج آبل الجديد لمالكي آيفون أدوات لتقليل التشتيت، فيما أضافت جوجل أزرارا لمساعدة الأشخاص على أداء المهام على الهاتف بسرعة أكبر، بحسب الكاتب.
فقد ابتكرت آبل ميزة جديدة تسمى «فوكس» (Focus) أي ميزة التركيز، والتي تستخدم لتحديد أوقات فاصلة لأجزاء مختلفة من يومك (أي تحدد أوقات استراحة أو أوقات محددة من اليوم)، وأيضا بإمكانك تقسيم يومك إلى أقسام، كالحياة الشخصية والعمل والنوم، وبعد ذلك يمكنك ضمن كل قسم منها تحديد الأشخاص الذين تريد وصول إشعارات منهم، وكذلك تفعيل الإشعارات على تطبيقات معينة على هاتفك.
مع العلم أنه يمكنك أثناء العمل ضبط الهاتف بحيث تظهر رسائل مديرك فقط كإشعارات، حيث ستكتم بقية الإشعارات، في حين يمكنك السماح بإشعارات العائلة والأصدقاء إذا كنت تريد التركيز على حياتك الشخصية فقط، وأيضا يمكنك ضبط الهاتف على «عدم الإزعاج» والحصول على رسالة حالة مثل «On deadline» أي «في الموعد النهائي» أو «At the movies» أي «في السينما»، وبالتالي سيرى الأشخاص الذين يحاولون مراسلتك هذه الحالة، وقد يؤجلون رسائلهم إلى وقت لاحق.
ويرى شين أن مؤتمرات الفيديو أصبحت وسيلة الاتصال في كل مكان لاجتماعات المكتب وساعات المرح وجلسات اليوغا، حيث يخضع الآن تطبيق «فيس تايم» من آبل لعملية تحديث كبيرة مع المزيد من الميزات، بالإضافة إلى القدرة على العمل مع أجهزة غير تابعة لآبل بحيث تجعله هذه التغييرات منافسا لتطبيق زوم (Zoom) الذي يعتبر التطبيق الأول لعقد مؤتمرات الفيديو.
كما أصبح بالإمكان الوصول إلى «فيس تايم» من خلال متصفح الإنترنت، وذلك لأول مرة مع نظام التشغيل «آي أو إس 15»، مما يعني أنه يمكن لمستخدمي أندرويد وويندوز استخدام المتصفحات الخاصة بهم للدردشة بالفيديو مع مستخدمي آيفون في جلسة «فيس تايم» من خلال النقر على رابط.
تبقى أبرز الميزات الجديدة لفيس تايم حصرية لمستخدمي آبل، حيث سيسمح «شير بلاي» (SharePlay) لمالكي آيفون في القيام بمكالمة «فيس تايم» معا باستخدام نفس التطبيق، فإذا قمت بتشغيل فيلم وضغطت على زر «شير بلاي» فسيتمكن الشخص الآخر في المكالمة من تشغيل الفيلم في نفس الوقت، ولكن إذا كان أحد مستخدمي أندرويد ضمن مكالمة «فيس تايم» فلن تعمل وظيفة «شير بلاي» على الإطلاق.
ويقول الكاتب إن تغييرات جوجل تعتبر شكلية أكثر، حيث أعادت تصميم عناصر التحكم في أندرويد لتشمل أزرارا كبيرة مستطيلة، وذلك لسهولة الوصول إلى وظائف مثل المصباح وإعدادات الإنترنت ومسجل الصوت.
تنافس برامج كاميرا آبل مع جوجل
وبحسب براين شين، تنافست كل من شركتي آبل وجوجل وجها لوجه في إنتاج وتقديم كاميرات الهاتف التي تنتج صورا بجودة ممتازة، ولكن برامج الكاميرا من آبل تأخرت بمراحل عن برامج غوغل التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، ولهذا اتخذت آبل خطوات لجعل برنامج الكاميرا الخاص بها أكثر ذكاء في نظام التشغيل «آي أو إس 15».
فقريبا يمكن لمستخدمي آيفون فعل المزيد من خلال قدرة الكاميرا على العمل كماسح ضوئي للمستندات، وذلك مع الميزة التي تسميها آبل ميزة «لايف تيكست» (Live Text)، بحيث مثلا إذا التقطت صورة لإيصال مطعم فستتمكن من استخدام الميزة للنقر على رقم الهاتف في الصورة للاتصال بالمطعم، أو إذا وجهت الكاميرا إلى رمز تتبع (رمز مخصص لحزمة أو طرد) فإنه يمكنك النقر فوق رمز التتبع لتتبع الحزمة على الفور، أي أن الكتابة لا تلزم.
سيتمكن مالكو أجهزة آبل أيضا من سحب هذه الأنواع من الصور لاحقا باستخدام البحث عن الكلمات الرئيسية، لذلك إذا التقطت صورة لوصفة مكتوبة بخط اليد فإنه يمكنك فتح ألبوم الصور الخاص بك وكتابة اسم الوصفة للبحث عن الصورة، ويمكنك أيضا في هذه المرحلة تحويل الملاحظات المكتوبة من الوصفة المكتوبة بخط اليد إلى نص ونقلها إلى مفكرة رقمية.
تعرف التكنولوجيا التي تعمل بهذه الطريقة بالتعرف الضوئي على الصور (المسح الضوئي للصور) ممزوجة ببعض الذكاء الاصطناعي، ويتمتع تطبيق الصور في أندرويد بهذه الميزة التي تعرف باسم «لينس» (Lens) منذ 4 سنوات تقريبا.
ويقول الكاتب إنه بينما لاحقت آبل الميزات الموجودة في جوجل لا تود شركة غوغل ملاحقة شركة آبل في ما يتعلق بالخصوصية.
فقد أحدثت شركة آبل تغييرات على مدى السنوات القليلة الماضية على أدوات حماية خصوصية المستخدم، وحديثا أضافت زرا يسمح لمالكي آيفون بمطالبة التطبيقات بعدم تتبع أنشطتهم ومشاركتها مع جهات خارجية مثل المسوقين.
لم تستجب جوجل -التي تعتمد إيراداتها بشكل أساسي على خدمة الإعلانات الرقمية- لمطالب مستخدمي أجهزتها للسماح لهم بإلغاء التتبع بسهولة، ولكنها ستمنح للمستخدمين من خلال «أندرويد 12» مزيدا من الشفافية بشأن البيانات التي تجمعها التطبيقات، كما ستوفر عناصر تحكم جديدة لتقييد وصول التطبيق إلى البيانات، بحسب المقال.
تعرض إحدى الأدوات التي تسميها غوغل لوحة معلومات الخصوصية مخططا زمنيا للتطبيقات التي يمكنها الوصول إلى أجزاء مختلفة من الهاتف على مدار اليوم، بحيث تظهر أن أحد تطبيقات الوسائط الاجتماعية نقر على الكاميرا في الساعة الواحدة مساء، وأن تطبيق الطقس استخدم موقعك في الساعة الثالثة مساء.
وأضافت جوجل أيضا بعض الأزرار مثل «كِل سويتش» (Kill Switch)، لإيقاف وصول أحد التطبيقات إلى ميكروفون الهاتف والكاميرا، فقد يكون ذلك مفيدا في المواقف المحرجة مثلا عندما تزور طبيبا وتريد التأكد من أن التطبيق لا يستمع إلى المحادثة.
ويذكر المقال أن آبل وعدت أيضا بالمزيد من عناصر التحكم في الخصوصية لأجهزة آيفون قريبا، بما في ذلك ما يسمى تقرير خصوصية التطبيق الذي يعمل بشكل مشابه للوحة تحكم خصوصية جوجل، بالإضافة إلى الكشف عن البيانات التي تستهلك خلال كل تطبيق، حيث سيعرض تقرير الخصوصية المجالات أو عناوين الويب التي تتصل بها التطبيقات، مما يمكن أن يعطي نظرة ثاقبة للشركات التي يشارك التطبيق البيانات معها أثناء استخدامه.
(مواقع إلكترونية)