
صارت دموعنا تتساقط يوميًا حزنًا على رحيل عددٍ من الزملاء الصحفيين، الذين رحلوا عن عالمنا، صعدت أرواحهم للخالق.. آخر أحزان الجماعة الصحفية، كان الراحل أيمن عبد التواب، الذى جدَّد الأوجاع؛ بعد الحزن الذى ملأ القلوب لرحيل الخلوق ياسين محمد، الصحفى بالأخبار، الذى اتفق الجميع على حُسن خُلقه، بعضهم وصفه بالملاك الذى عاش على الأرض، ويكفيه الاتفاق على محبته من الناس، إن مثل ياسين أمرٌ نادر وسط الجماعة الصحفية، فقد وحَّد الراحل القلوب على التعاضدد والمحبة.. رحيل أيمن وياسين، كان بعد أيامٍ قليلةٍ من رحيل عددٍ من الزملاء؛ آخرهم بدوى شلبى الذى أبكى كل مَنْ يعرفه ومَنْ لا يعرفه؛ لحُسن خُلقه وشهامته، التى نادرًا ما تجدها فى الزمن الحالى، فبعد رحيله بساعاتٍ قليلةٍ، تجدَّد وجع الجماعة الصحفية؛ لرحيل الزميل أحمد عواد بالشروق، ومن خلال ما كُتب عنه، علمنا أنه كان دمث الخلق، أجمع الكل على طهارة نفسه ولسانه وذمته.
لا توجد بينى وبين الراحل أيمن عبد التواب علاقة مباشرة، فقط أعرفه عن قُربٍ من خلال سطور القريبين لقلبى؛ أمثال مصطفى بركات، ومحمود عبد الدايم، ففى قلب كل منهما محبة له تُكتب فيها قصائد عشق، وأيمن عانى كثيرًا فى فترة مرضه، لكنه كان ندًا قويًا تغلَّب عليه مرات عديدة، ومع ذلك لم يكن يُريد أن يُجهد أى عزيزٍ عليه بالمشقة، بل كانت وصيته قبيل وفاته، أنه طلب من الجميع ألا يُجهدوا أنفسهم فى الذهاب لمسقط رأسه فى محافظة المنوفية؛ لتأدية واجب العزاء، وكل مَنْ قرأ وصيته، تساقطت دموعه وهو يطلب السماح، فلم يُغضب الرجل أحدًا، ومع ذلك يطلب السماح..
خلال سنوات مرضه، كان فى حالة حربٍ مع المرض، ورغم ذلك، لم يطلب العون من أى صديقٍ. الجماعة الصحفية فى العام الأخير فقدت عددًا من شباب الصحفيين، وصفهم البعض بأنهم أبناء موتٍ؛ منهم الراحل هشام زكريا، الذى صعدت روحه فى المكان الذى عشقه خلال أدائه لعمله فى الأخبار المسائى، لم يقرا آخر تقريرٍ كتبه، وفى نفس أسبوع رحيل هشام زكريا، كانت الصدمة للوسط الصحفى برحيل الزميل خالد عيسى، نائب رئيس تحرير الأهرام المسائى، التى فقدت عددًا من أصحاب الخُلق الرفيع في نفس الحُقبة؛ مثل الراحل محمد صيام وعبد الناصر محمد.. صعدت أرواح الزملاء لخالقها، ولكن تبقى سيرتهم عطرة، كل فردٍ منا يتذكَّر طرائف ونوادر لبعضهم، بعضهم كانت فى صفاته سلوكيات الملائكة، وبعضهم كانت كل تصرفاته تُؤكد أنه ابن موت، فهو يتعامل عكس ما يتعامل مع أبناء الكون، متسامحًا، مجاملًا، عاشقًا أن يرى الخير يُصاحب الجميع، رحمة الله عليهم، وبارك فى ذرياتهم، وأعان قلوبنا على تحمُّل الفراق.
