دعونا نتفق علي قاعدة أساسية نبني عليها الحديث وهي أن المبادئ والأخلاق لاتتغير حسب المواقف، ولا تتلون بالأحداث، ولا تتقلب تبعاً للمقامات والمناصب والظروف والأحوال أو القوة والضعف، فهي وحدة واحدة لا تتجزأ ولا تنقسم ، فليس من سمة الخلوق الذي يدعي أنه صاحب مبادئ أن يكون مؤدباً مع المؤدب، وقليل الأدب مع قليل الأدب ، او محترم ومهذب عند السكينة وطويل اللسان والأيدي وسافل عند الغضب.
فالمحترم الحليم صاحب المبادئ والأخلاق الحسنة هو رجل قادر علي ان يكظم غيظه عند الغضب أو الإساءة له ، يدير خلافاته ومعاركه بأخلاقه وليس بأخلاق وبتصرفات الآخرين،
هذه القاعدة لا يختلف عليها أحد أيً كان دينه أو وطنه أو جنسيته أو إنتماؤه
… من هنا لاأفهم – أو بالأدق لا أقبل – كيف سمح رئيس النادي الأهلي وهو الذي يُصَدِّر لنا نفسه بإعتباره صاحب مبادئ وأخلاق، وحامي لواء الدفاع عن مبادئ الأهلي ،كيف سمح بإعادة إذاعة حوار سيد عبد الحفيظ مدير الكرة الذي وجه فيه الإهانة لرئيس الزمالك بأسلوب متدني مستخدما كلام هابط وطريقة سوقية ثم برر خطأه في نهائي الكأس بأسباب واهية وكلام لا يتناسب ومدير كرة في نادٍ عظيم له تاريخه في ضرب المثل والقدوة علي الروح الرياضية
وسيعترض علي بعض المتعصبين أو هؤلاء الذين تعجز بصيرتهم ألا تتجاوز ما تحت أقدامهم، ويقول أن رئيس الزمالك هو من بدأ بالخطأ والإهانة، وأن الكلام البذيء والسوقي الذي صدر عن مدير الكرة بالأهلي هو رد فعل طبيعي لرجل تمت إهانته. وصحيح.. اتفق معهم بأنه رد فعل طبيعي، لكن … من شخص لايقول عن نفسه أنه صاحب أخلاق ومباديء ، بل هو رد قد نتوقعه من مسئول لاينتمي لمؤسسة مثل النادي الأهلي والتي لاتحل مشاكلها مع الآخرين بالسباب والتراشق والأهانات الشخصية، لانها لو فعلت ذلك لما كان هو النادي الأهلي المؤسسة الرياضية الأولي في أفريقيا والشرق الأوسط.
فما فعله سيد عبد الحفيظ، والأسوأ ما فعله من بعده رئيس الأهلي بإصراره علي إعادة بث الحوار علي المنصات الإعلامية للنادي بعد ان قامت الشركة التي تدير قناة الأهلي بحذفه من السوشيال ميديا متعللة بعدم إستخدام منصتها الإعلامية في معارك شخصية، أو تورطها في إذاعة محتويٍ لايحترم الكود الأخلاقي للمؤسسة، مافعلته إذن إدارة الأهلي والبيان الذي صدر عن رئيس الأهلي بعقد إجتماع طارئ لشركة الأهلي للإنتاج الإعلامي وإعادة بث حوار سيد عبد الحفيظ في قرارٍ أراه (من وجهة نظري) تراجعاً عن القيم والمبادئ وإعتماد سياسة التلاسن مع الآخر والدخول معه في مناوشات ومهاترات تبعد الرأي العام عن رؤية المشاكل الحقيقة التي يمر بها الأهلي في هذا التوقيت
وظني -وليس كل الظن إثم- أن دخول رئيس الأهلي بنفسه في هذه المعركة المفتعلة ربما يكون الغرض منه:
أولاً : ترسيخ الإشاعة التي أنطلقت قبل أيام عن “ان هناك قوي من داخل الدولة تسعي لعرقلة مسيرة الأهلي، وهي الإشاعة التي أدعت كذبا أن القنوات الناقلة للدوري الممتاز تنحاز للزمالك، ومن ثم فان حذف تصريحات عبد الحفيظ من قبل إدارة قناة الأهلي يأتي ضمن تلك السياسة المعرقلة لمسيرة الأحمر، والتي تأبي ان تترك للنادي مساحة للدفاع عن نفسه ورجاله وترد علي الإساءات الموجهه للمؤسسة .
ثم جاء بيان شركة الأهلي للإنتاج الإعلامي ويترأسها رئيس الأهلى ليفتح بوابة الحرب مع الشركة المالكة لحقوق الدوري وهي نفسها الشركة المشرفة علي قناة النادي ويتهمها أن موقفها غير واضح بخصوص القضايا المطروحة علي الساحة الرياضية والأهلي طرف فيها وانها لاتقوم بدورها الإيجابي تجاه تلك القضايا، مهدداً بسحب الإشراف علي القناة والأخطر سحب اذاعة مباريات النادي وتكليف شركة الكرة ( الفاشلة حتي الآن في إدارة الكرة ) في تسويق مباريات الفريق الموسم القادم ، وهو تحدي واضح وصريح وغير مفهوم للشركة التي سبق لها وانقذت الأهلى عندما قامت شركة ‘صلة’ السعودية بسحب رعايتها للنادي علي أثر هجوم الجماهير علي الوزير السعودي ترك ال شيخ الرئيس الشرفي آنذاك للنادي الاهلي ( المستقيل ) ، وحينها قامت الشركة المتحدة بإنقاذ إدارة النادي من الورطة من أزمة مالية طاحنة
وفي هذا السياق ودعماً لهذه الفكرة وتاكيداً من جانب ادارة الاهلي علي اتهام قوي في الدولة بمعاداة الاهلي جاء تصريح عدلي القيعي كاشفاً وفاضحاً فقال: ( انا عايز اسأل سؤال اللي بيقول الأهلي بيخسر بطولات وهو مستقر والزمالك بيحقق بطولات وهو مش مستقر ،؟ الزمالك أصلا مش محتاج مجلس إدارة لأن المؤسسات بتعمله كل حاجة مش بتخليه محتاج حاجة عكس الأهلي اللي بيقفوا قدامه وبيعرقلوا مسيرته ) ( مرفقة التصريحات بالصوت والصورة فى التعليقات).
وبغض النظر عن أن مثل هذا الكلام محشو بالغلط من فوقه ومن تحته، وان العكس هو الصحيح بدليل أن وزارة الشباب (وهي المقصودة بحديثه عن المؤسسات) حلت مجلس إدارة الزمالك بلاسبب، وضاع النادي طوال عام كامل بين اللجان المعينة، بينما الأهلي مستقر وهادئ ويرفل في النعيم والتدليل ،ووزير الشباب يقف مسانداً له ضد اللوائح ويقوم بتشكيل لجنة ليست من حقه لمراجعة الأوراق والمراسلات في أزمة ملعب نهائي البطولة الأفريقية وذلك ارضاءً للأهلي وتبرئة ادارته أمام الرأي العام من مسئولية خسارة كأس إفريقيا
فاذا وضعنا كلام القيعي الي جانب قرار رئيس النادي ومن قبله تصريحات سيد عبد الحفيظ وبعدهما التسريب الوهمي والمفبرك من غرفة الفار في مباراة الاهلي والجونة والذي يتحدث فيه الحكم عن تعمده التغاضي عن ضربة جزاء للاهلي ، فكلها تصب في الرسالة التي تريد ان تبعثها ادارة الاهلي للراي العام الاهلاوي ان هناك قوي تقف ضد الأهلي وتساند المنافس ؟!
ثانياً : الاستجابة للسوشيال ميديا التي ثارت ثائرتها بعد حذف التصريحات واتهمت إدارة النادي بالضعف تجاه الإدارة المسئولة عن القناة ، ولايخفى علي أحد أن إدارة الأهلي تخشي أن ينقلب عليها العالم الإفتراضي الذي سبق وتم إستخدامه بنجاح في معارك كثيرة ضد كل من يختلف معها وهناك قتلي وجرحي كثيرون للجان الأهلي الإلكترونية
ثالثاً : في إعادة بث التصريحات نفع آخر يرجونه وذلك من خلال الاستفزاز الصريح لرئيس نادى الزمالك، الذي ربما ينجر ويعود لدخول المعركة واطلاق قذائفه، التي ستكون طوق النجاة المنشود لإدارة الأهلي لإشغال الرأي العام الرياضي عن ما يخشون الحساب عليه؛ وهو التراجع المقلق والمزعج لفريق الكرة بعد خسارة بطولة افريقيا ( لسوء المستوي الفني ) ثم خسارة بطولة كأس مصر، والتراجع خطوة في المنافسة علي بطولة الدوري ، ثم التعاقد مع مدرب برتغالى مغمور لا يتناسب تاريخه الفقير مع فريق كبير بحجم الأهلي ناهيك ان بدايته كانت بخسارتين أمام بيراميدز في الدوري والزمالك في الكأس لكل هذا فان المعركة مع رئيس الزمالك مهمة حتي ينصرف نظر الناس عن رؤية الحقيقة
وأخيرا وأما بالنسبة للكابتن سيد عبد الحفيظ والذي لام بعض الإعلاميين لأنهم لم يعاتبوا رئيس الزمالك علي إساءته له في السابق… وهو للأمانة عنده الف حق ، ولكن قبل أن يذهب بعيدا في طلبه ذلك، عليه ان يوجه اللوم لنفسه أضعافا مضاعفة لما فعله مثلهم وهو علي مقعد الإعلامي. ألم يكن الكابتن الثائر الآن هو نفسه الذي كان يستضيف رئيس نادي الزمالك علي قناة CRT في برنامجه ليهاجم رئيس الأهلي السابق المهندس محمود طاهر؟ بل والأكثر من ذلك كان رئيس الزمالك أمام عبد الحفيظ يصول ويجول طعناً في مبادىء الأهلي والمتشدقين به ووقتها لم يكن من عبد الحفيظ الا أن يهز رأسه مؤمنا علي مايقوله رئيس الزمالك
وهنا يجب أن نسأل جميعاً الكابتن سيد عبد الحفيظ – بعد أن أنحدر لمستوي أقل مما شكي منه – : أين كانت مبادئ الأهلي وقتها، ولماذا لم تنبري وتدافع عن المؤسسة التي صنعت أسمك ونجوميتك؟ ولو نسيت فتسجيلات البرنامج موجودة (ومرفقة فى التعليقات) . أم أنك وقتها كنت تقف ضد الأهلي لأنك لاتعمل داخله.
هذا ما قصدت قوله في بداية المقال: أصبحت المبادئ تفصيل علي الكيف ، والأخلاقيات يتم تظهيرها علي شيك الراتب !