«أحمد»، أحد سكان شارع عشرة بالوراق فى الجيزة، لم يكن يتخيّل ما حصل مع جاره «محمد»، الشاب العشرينى قبل حفل زفافه بأيام، فجأة وخلال ساعات من دعوته للأهالى لفرحه، توقفت أصوات الزغاريد فى منزله ليسمع الجميع دوىّ إطلاق رصاص، وفزعوا إلى أن العريس مات مقتولًا على يد والده الذى ضرب زوجته وأبناءهما بالنار، لم يعد أحد فى البيت سواه عقب نقلهم بسيارات الإسعاف إلى المستشفى، بعدما أفرغ غضبه فيهم بسبب خلافات مالية، جلس فى مكانه حتى قدوم الشرطة، واعترف بارتكاب جريمته، لتزداد الأحزان بوفاة إحدى بناته لاحقًا.
خلال 20 دقيقة كتب «أحمد النن»، حداد، كلمة النهاية لابنه العريس بعد وقوع مشادة كلامية مع زوجته، جُنّ الرجل الأربعينى إثر ردها عليه ومطالبتها الدائمة له بمصاريف منزلية، وشكا لها ضيق ذات اليد وعمله بالورشة لم يعد يدر له دخلًا جيدًا فى ظل ارتفاع الأسعار وقلة قدوم الزبائن، لكنها قالت له «مليش دعوة بحاجة»، فتدخل الابن «محمد» عندما حمل أبوه «شومة» ليضرب بها أمه على رأسها، ويصيح فيه: «مش إنت هتحميها اتحمل بقى»، ليهرول إلى غرفته ويستل مسدسًا ويطلق عليه عيارين، وفق أحد أقارب الأسرة، الذى رفض نشر اسمه.
«النن» يجد نفسه فى ورطة، وزوجته وأولادهما يصرخون عند رؤيتهم «محمد» غارقًا فى دمائه، ومن وَقْع الصدمة لم يجد أمامه ما هو أشد وأقسى على نفسه بعد قتله ابنه البكرى الذى يناديه الناس باسمه، فانهار وصوّب الرصاص على بقية أفراد الأسرة، «أم العيال» تلقت رصاصة فى الرأس، والابن «رجب»، 18 عامًا، و«تقى»، 14 عامًا، و«لوجى»، 4 سنوات، جميعهم أصيبوا بطلق فى البطن والوجه وأنحاء متفرقة من الجسد، هكذا فزع الأهالى وهرولوا إلى مسرح الجريمة ليجدوا رب الأسرة جالسًا بجوار الضحايا فى انتظار الشرطة، لم يحاول الهرب أو مقاومة أحد.
الرجل فوجئ بمحاصرة أسرته له بالمطالب المادية، فابنه «محمد» الذى يعمل معه بورشة الحدادة زفافه بعد أيام، ولم يلتمس عذرًا لأبيه الذى قال أقاربه وجيرانه، ومن بينهم «أحمد»- حارس عقار، شاهد عيان- إنه يعانى من «كهرباء زيادة بالمخ» ويتناول العلاج بشكل دائم لتهدئته، ورغم مرضه لم يروه فى مشاجرة مع أحد من قبل، لذا حين سمعوا صوت إطلاق الرصاص من منزله «افتكرناه جاى من آخر الشارع»، فلم يتصور الأهالى أن تدور تلك الأحداث الدامية فى منزل «النن».. وفجأة، هرولوا إلى بيته ليجدوه ممسكًا بـ«الطبنجة» وهو جالس على الأرض ويردد «ضربتهم كلهم»، حيث كان الابن الأكبر ميتًا.
طلب «أحمد» الشرطة، وعلى الفور حضرت وفرضت كردونًا أمنيًا حول المنزل محل الجريمة، وفريق من النيابة العامة عاين الشقة وطلب التحفظ على السلاح المستخدم فى «المذبحة الأسرية» حسب وصف الأهالى وفحصه من قبل خبراء الأدلة الجنائية مع ما عثر عليه من فوارغ، وتبين لاحقًا خلال تمثيل المتهم للواقعة أنه انهار لما وجد ابنه «محمد» كاد يعتدى عليه بالضرب فقتله، ولم يجد مفرًا سوى بالشروع فى قتل كل أسرته، مرددًا: «مكنتش حاسس بنفسى»، وقال «أنا مديون وعليا فلوس كتيرة، وهما عايزين مصاريف وفاكرين إنى قاعد على بنك».
فى مستشفى حكومى ترقد زوجة وأبناء «النن» المصابون فى غرفة العناية المركزة.، أقاربهم يتحسرون على ما جرى للأسرة، يقولون إن الفرح تحول إلى كابوس «والعريس مات»، وينتظرون تشييع جثته عقب تشريحها فى مشرحة زينهم، ثم يتلقون خبر وفاة الطفلة «لوجى» متأثرة بالإصابات التى لحقت بها، ويستقبلون قرار النيابة بحبس الأب بالبكاء: «البيت اتخرب كله، ضيع نفسه وضيع عائلته كلها»، ولا حديث للأهالى سوى عن المذبحة، ويرددون: «ربنا يرحم اللى مات»، ويصفون ما حدث بـ«الجريمة البشعة».