مقالات

دروس‭ ‬لا‭ ‬تنساها‭ ‬الشعوب

الكاتب / عبد الرازق توفيق

الأمن‭ ‬والاستقرار‭.. ‬والبناء‭ ‬والتنمية‭.. ‬الوعى‭ ‬الحقيقى‭.. ‬الاصطفاف‭ ‬الوطنى‭.. ‬أهم‭ ‬أسلحة‭ ‬النصر‭ ‬فى‭ ‬جبهات‭ ‬الحروب‭ ‬الجديدة‭ ‬لتغييب‭ ‬وتزييف‭ ‬وعى‭ ‬الشعوب‭.. ‬وإسقاط‭ ‬دولها‭ ‬رغم‭ ‬إصرار‭ ‬قوى‭ ‬الشر‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬إنتاج‭ ‬سيناريوهات‭ ‬الفوضى‭.. ‬لكن‭ ‬الشعوب‭ ‬أدركت‭ ‬الأوهام‭ ‬والخداع‭.. ‬لذلك‭ ‬تبحث‭ ‬قوى‭ ‬الشر‭ ‬عن‭ ‬تصنيع‭ ‬صراعات‭ ‬وحروب‭ ‬جديدة،‭ ‬وتفجير‭ ‬مناطق‭ ‬جديدة‭ ‬تحدث‭ ‬تداعيات‭ ‬وتأثيرات‭ ‬مؤلمة‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬وشعوبها،‭ ‬وتراهن‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬تدوير‭ ‬الخراب‭ ‬والدمار‭ ‬لذلك‭ ‬بات‭ ‬الوعى‭ ‬الحقيقى‭ ‬هو‭ ‬صمام‭ ‬الأمان‭ ‬والنجاة‭ ‬من‭ ‬مخططات‭ ‬قوى‭ ‬الشر‭.‬


دروس‭ ‬لا‭ ‬تنساها‭ ‬الشعوب

الإنسان‭ ‬يتعلم‭ ‬من‭ ‬أخطاء‭ ‬اقترفها‭ ‬ومن‭ ‬الطبيعى‭ ‬ألا‭ ‬يعاود‭ ‬فعلها‭ ‬أو‭ ‬تكرارها،‭ ‬فالمؤمن‭ ‬لا‭ ‬يلدغ‭ ‬من‭ ‬جحر‭ ‬مرتين،‭ ‬وهناك‭ ‬إدراك‭ ‬وندم‭ ‬ولكن‭ ‬بعد‭ ‬فوات‭ ‬الأوان،‭ ‬لا‭ ‬ينفع‭ ‬معه‭ ‬الابتعاد‭ ‬عن‭ ‬تكرار‭ ‬الخطأ،‭ ‬هكذا‭ ‬حال‭ ‬الشعوب،‭ ‬فهل‭ ‬استوعبت‭ ‬دروس‭ ‬وكوارث‭ ‬الـ‭ ‬30‭ ‬عاماً‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وما‭ ‬حدث‭ ‬لبعض‭ ‬الدول‭ ‬بأيدى‭ ‬شعوبها،‭ ‬هل‭ ‬هذه‭ ‬الدروس‭ ‬من‭ ‬الانهيار‭ ‬والضياع‭ ‬والسقوط‭ ‬والفوضى‭ ‬والخراب‭ ‬والدمار‭ ‬والتشرد‭ ‬ومعسكرات‭ ‬اللاجئين‭ ‬التى‭ ‬انتشرت‭ ‬فى‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬التى‭ ‬سمحت‭ ‬باستقبال‭ ‬الفارين‭ ‬من‭ ‬ويلات‭ ‬ما‭ ‬يجرى‭ ‬فى‭ ‬دول‭ ‬الأزمات،‭ ‬هل‭ ‬هى‭ ‬كافية‭ ‬لأن‭ ‬تستفيد‭ ‬الشعوب‭ ‬التى‭ ‬نجت،‭ ‬والأخرى‭ ‬التى‭ ‬تراقب،‭ ‬هل‭ ‬تستفيد‭ ‬الدول‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬التجارب‭ ‬المأساوية‭ ‬بألا‭ ‬تسمح‭ ‬باختراق‭ ‬عقول‭ ‬شعوبها‭ ‬بالوعى‭ ‬المزيف،‭ ‬وتصدير‭ ‬الإحباط‭ ‬واليأس،‭ ‬ورفع‭ ‬وتيرة‭ ‬الاحتقان‭ ‬والفتنة،‭ ‬والتحريض‭ ‬لتدمير‭ ‬الأوطان‭.‬
فى‭ ‬اعتقادى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬شعوباً‭ ‬تعض‭ ‬أصابع‭ ‬الندم‭ ‬والحسرة‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬اقترفت‭ ‬أيديها‭ ‬بعد‭ ‬ما‭ ‬ضاعت‭ ‬أوطانها‭ ‬وبددت‭ ‬أحلامها‭ ‬وغيبت‭ ‬المستقبل‭ ‬دون‭ ‬عودة،‭ ‬واكتشفت‭ ‬أنها‭ ‬تعرضت‭ ‬لأكبر‭ ‬عملية‭ ‬خداع‭ ‬وتحريض‭ ‬ضاع‭ ‬بسببها‭ ‬كل‭ ‬شىء،‭ ‬وأصبحت‭ ‬الحياة‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬الموت‭ ‬ذلاً‭ ‬ومهانة‭ ‬وتشرداً‭ ‬وخراباً‭ ‬وتدميراً،‭ ‬والأخطر‭ ‬هو‭ ‬ضياع‭ ‬الوطن،‭ ‬وهناك‭ ‬دول‭ ‬نجت‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كانت‭ ‬على‭ ‬مشارف‭ ‬الهلاك‭ ‬فى‭ ‬مستنقع‭ ‬الفوضى،‭ ‬فأصبحت‭ ‬لدى‭ ‬شعوبها‭ ‬حصيلة‭ ‬وافرة‭ ‬من‭ ‬الدروس‭ ‬والعبر،‭ ‬والإدراك‭ ‬والفهم‭ ‬الحقيقى‭ ‬لمحاولات‭ ‬الإسقاط‭ ‬والتدمير‭ ‬المستوردة،‭ ‬والممنهجة‭ ‬والمخططة‭ ‬سلفاً،‭ ‬أصبح‭ ‬كل‭ ‬شىء‭ ‬أكثر‭ ‬وضوحاً،‭ ‬فالدرس‭ ‬كان‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬أى‭ ‬تصور،‭ ‬لذلك‭ ‬لن‭ ‬تعود‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬لمشارف‭ ‬الهلاك،‭ ‬وهناك‭ ‬دول‭ ‬وشعوب‭ ‬لم‭ ‬تتعرض‭ ‬للمخطط‭ ‬المرسوم‭ ‬للفوضى،‭ ‬لكنها‭ ‬استفادت‭ ‬بدروس‭ ‬فاتخذت‭ ‬الإجراءات‭ ‬اللازمة‭ ‬لحماية‭ ‬شعوبها‭ ‬سواء‭ ‬بالوعى‭ ‬والفهم،‭ ‬وتغيير‭ ‬نمط‭ ‬الحياة‭ ‬والمصارحة‭ ‬والمكاشفة،‭ ‬وفتح‭ ‬نوافذ‭ ‬الحقائق‭ ‬والرد‭ ‬على‭ ‬الأكاذيب‭ ‬والشائعات‭ ‬والتشكيك،‭ ‬فكل‭ ‬أهداف‭ ‬هذه‭ ‬الحملات‭ ‬هو‭ ‬دفع‭ ‬الشعوب‭ ‬أن‭ ‬تأكل‭ ‬أوطانها‭ ‬وتهدم‭ ‬كل‭ ‬شىء،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تبلغ‭ ‬ذروة‭ ‬اليأس‭ ‬والإحباط‭ ‬وتدمير‭ ‬جدران‭ ‬الثقة‭ ‬المبنية‭.‬
أخطر‭ ‬الأشياء‭ ‬أن‭ ‬تترك‭ ‬الدول‭ ‬شعوبها‭ ‬دون‭ ‬بناء‭ ‬الوعى‭ ‬الحقيقى،‭ ‬والفهم‭ ‬الصحيح،‭ ‬أو‭ ‬تسمح‭ ‬لأن‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬الشعوب‭ ‬فريسة‭ ‬دون‭ ‬سند‭ ‬أو‭ ‬حماية‭ ‬لعمليات‭ ‬غزو‭ ‬ثقافى‭ ‬ممنهجة،‭ ‬أو‭ ‬حروب‭ ‬طمس‭ ‬الهوية،‭ ‬أو‭ ‬تتركها‭ ‬وحيدة‭ ‬لمنابر‭ ‬وأبواق‭ ‬الكذب‭ ‬والتشكيك‭ ‬والتشويه‭ ‬والتسفيه‭ ‬وهز‭ ‬الثقة،‭ ‬والاستدراج‭ ‬إلى‭ ‬الاحباط‭ ‬وفقدان‭ ‬الأمل،‭ ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬الإدراك‭ ‬بأن‭ ‬أولى‭ ‬خطوات‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الأوطان‭ ‬هى‭ ‬بناء‭ ‬الوعى‭ ‬الحقيقى،‭ ‬وإحداث‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬التقارب‭ ‬الوطنى‭ ‬وإدراك‭ ‬الجهود‭ ‬التى‭ ‬تبذل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المواطن،‭ ‬وتفاصيل‭ ‬هذه‭ ‬المخططات‭ ‬وأهدافها‭ ‬الخبيثة‭ ‬وتفهيم‭  ‬وتوعية‭ ‬الشعوب‭ ‬بهذه‭ ‬المؤامرات‭.‬
الواقع‭ ‬خير‭ ‬من‭ ‬يبنى‭ ‬الوعى،‭ ‬سواء‭ ‬ما‭ ‬آلت‭ ‬إليه‭ ‬الأمور‭ ‬من‭ ‬مصائر‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬التى‭ ‬تعرضت‭ ‬لهجمات‭ ‬شرسة‭ ‬استهدفت‭ ‬عقول‭ ‬شعوبها،‭ ‬وما‭ ‬جرى‭ ‬من‭ ‬دمار‭  ‬وخراب‭ ‬أكل‭ ‬الأخضر‭ ‬واليابس‭ ‬بفعل‭ ‬الفوضى‭ ‬ونجاح‭ ‬بناة‭ ‬الوعى‭ ‬المزيف‭ ‬فى‭ ‬قيادة‭ ‬هذه‭ ‬الشعوب‭ ‬واستدراجها‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬اللاعودة،‭ ‬لذلك‭ ‬فالدول‭ ‬التى‭ ‬تعرضت‭ ‬للسقوط،‭ ‬وتدمير‭ ‬الدولة‭ ‬الوطنية‭ ‬فيها‭ ‬تصعب‭ ‬عودتها‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬وربما‭ ‬يستحيل،‭ ‬فربما‭ ‬العدوان‭ ‬الخارجى‭ ‬وآثاره‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬تأثيرات‭ ‬سلبية‭ ‬مثل‭ ‬فوضى‭ ‬الداخل،‭ ‬فهناك‭ ‬دول‭ ‬تعرضت‭ ‬للدمار‭ ‬نتيجة‭ ‬حروب‭ ‬خسرت‭ ‬فيها‭ ‬كل‭ ‬شىء،‭ ‬لكن‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬استعادت‭ ‬قوتها‭ ‬وقدرتها‭ ‬وربما‭ ‬إلى‭ ‬الأفضل‭ ‬وهناك‭ ‬نماذج‭ ‬وأمثلة‭ ‬كثيرة‭ ‬خاصة‭ ‬الدول‭ ‬التى‭ ‬تعرضت‭ ‬للتدمير‭ ‬فى‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬تحولت‭ ‬الآن‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬متقدمة،‭ ‬لكن‭ ‬الأمر‭ ‬الكارثى‭ ‬هو‭ ‬سقوط‭ ‬الدولة‭ ‬الوطنية‭ ‬من‭ ‬داخلها‭ ‬لذلك‭ ‬أقول‭ ‬إن‭ ‬حروب‭ ‬الجيل‭ ‬الرابع‭ ‬أو‭ ‬الحروب‭ ‬الجديدة‭ ‬هى‭ ‬أخطر‭ ‬من‭ ‬الحروب‭ ‬النظامية‭ ‬والتقليدية‭ ‬فى‭ ‬نتائجها،‭ ‬وقدرة‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬الاستفاقة‭ ‬والعودة‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬فحروب‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭ ‬تسلب‭ ‬الدول‭ ‬فى‭ ‬حال‭ ‬نجاحها‭ ‬أهم‭ ‬مقومات‭ ‬قوتها‭ ‬وقدرتها‭ ‬على‭ ‬الاستمرار‭ ‬وهو‭ ‬الاصطفاف‭ ‬والاتحاد‭ ..‬وتحدث‭ ‬تشرذماً‭ ‬وتصدعات‭ ‬فى‭ ‬جدار‭ ‬اللحمة‭ ‬الوطنية‭ ‬الذى‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬الانهيار‭.‬
الشعوب‭ ‬جراء‭ ‬دروس‭ ‬ونتائج‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬باتت‭ ‬أكثر‭ ‬وعياً‭ ‬ولن‭ ‬تعيد‭ ‬الكرة‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬ولن‭ ‬تسمح‭ ‬بالفوضى‭ ‬وتعلى‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬التماسك‭ ‬والاتحاد‭ ‬والأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬تعانى‭ ‬بعض‭ ‬تداعيات‭ ‬الأزمات‭ ‬والظروف‭ ‬الصعبة‭ ‬بشرط‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬التواصل‭ ‬وبناء‭ ‬الوعى‭ ‬والفهم‭ ‬الصحيح‭ ‬أمراً‭  ‬مستمراً‭ ‬لا‭ ‬ينقطع‭ ‬أبداً‭.‬
أصبحت‭ ‬الدول‭ ‬أكثر‭ ‬ثقافة‭ ‬ودراية‭ ‬وحذراً‭ ‬من‭ ‬خطورة‭ ‬الحروب‭ ‬الجديدة،‭ ‬فكم‭ ‬البيانات‭ ‬المزيفة‭ ‬والمغلوطة،‭ ‬وحجم‭ ‬الأكاذيب‭ ‬والشائعات‭ ‬أو‭ ‬المتاجرة‭ ‬بالديمقراطية‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والتشكيك‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬شىء،‭ ‬ومحاولات‭ ‬هز‭ ‬وضرب‭ ‬الثقة‭ ‬باتت‭ ‬معروفة‭ ‬أهدافها،‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تخيل‭ ‬على‭ ‬وعى‭ ‬الشعوب‭ ‬التى‭ ‬امتلأت‭ ‬ذاكرتها‭ ‬بدروس‭ ‬ومآسٍ‭ ‬وكوارث‭ ‬كثيرة‭ ‬والإدراك‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬ضاع‭ ‬الوطن،‭ ‬ضاع‭ ‬كل‭ ‬شىء،‭ ‬وأن‭ ‬مجابهة‭ ‬الأزمات‭ ‬والصعوبات‭ ‬التى‭ ‬فرضتها‭ ‬ظروف‭ ‬عالمية‭ ‬أسهل‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬الإضرار‭ ‬بالوطن‭.‬
اختيار‭ ‬الإنسان‭ ‬بسبب‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬فى‭ ‬العقود‭ ‬الماضية‭ ‬أصبح‭ ‬محدداً‭ ‬وواضحاً‭ ‬هو‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬والسلام،‭ ‬وأن‭ ‬وعود‭ ‬أعداء‭ ‬الخارج‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬يصورون‭ ‬أنفسهم‭ ‬حماة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬سقطت‭ ‬فى‭ ‬غياهب‭ ‬الكذب‭ ‬والخداع‭ ‬الذى‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬الخراب‭ ‬والدمار،‭ ‬لذلك‭ ‬يصعب‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬الوعى‭ ‬تكرار‭ ‬نفس‭ ‬السيناريوهات‭ ‬الشيطانية‭ ‬لأنها‭ ‬أصبحت‭ ‬فاسدة‭.‬
مخططات‭ ‬وحروب‭ ‬قوى‭ ‬الشر‭ ‬وحملاتها‭ ‬لتزييف‭ ‬الوعى‭ ‬باتت‭ ‬فى‭ ‬حالة‭ ‬انكشاف‭.. ‬سيناريوهات‭ ‬مستهلكة،‭ ‬أدركتها‭ ‬الشعوب‭ ‬جيداً‭.. ‬باتت‭ ‬لا‭ ‬تنطلى‭ ‬أو‭ ‬تخيل‭ ‬عليهم،‭ ‬أصبح‭ ‬لديها‭ ‬قناعة‭ ‬وإيمان‭ ‬كامل‭ ‬أن‭ ‬الكلام‭ ‬المعسول‭ ‬والوعود‭ ‬البراقة‭ ‬والشعارات‭ ‬المعلبة‭ ‬مثل‭ ‬الحرية‭ ‬والديمقراطية‭ ‬والرخاء‭ ‬والتقدم،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الأكاذيب‭ ‬التى‭ ‬تروجها‭ ‬قوى‭ ‬الشر‭ ‬تحولت‭ ‬فى‭ ‬مواقع‭ ‬كثيرة‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬العقود‭ ‬الثلاثة‭ ‬الماضية‭ ‬إلى‭ ‬معاناة‭ ‬وعذاب‭ ‬وخراب‭ ‬وقتل‭ ‬ودمار‭ ‬وسقوط‭ ‬ذريع‭ ‬فى‭ ‬مستنقع‭ ‬الفوضى،‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬الدول‭ ‬التى‭ ‬تعرضت‭ ‬لهزات‭ ‬عنيفة‭ ‬أودت‭ ‬بأمنها‭ ‬واستقرارها‭ ‬ودفعتها‭ ‬إلى‭ ‬غياهب‭ ‬‮«‬جب‮»‬‭ ‬السقوط‭ ‬والفشل‭ ‬والدمار‭ ‬وتفكك‭ ‬الدولة‭ ‬الوطنية‭ ‬بات‭ ‬من‭ ‬المستحيل‭ ‬عودتها‭ ‬إلى‭ ‬سيرتها‭ ‬الأولى،‭ ‬تتمنى‭ ‬شعوبها‭ ‬أن‭ ‬يعود‭ ‬نصف‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬قبل‭ ‬الفوضى‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬مجرد‭ ‬العودة‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬إلى‭ ‬وطن‭ ‬ضاع‭ ‬تحول‭ ‬إلى‭ ‬مجرد‭ ‬أطلال‭.‬
الشعوب‭ ‬لديها‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الكفر‭ ‬والفزع‭ ‬بأصوات‭ ‬وشعارات‭ ‬ومتاجرات‭ ‬وخداع‭ ‬وأكاذيب‭ ‬المرتزقة‭ ‬والطابور‭ ‬الخامس،‭ ‬وعملاء‭ ‬الخارج‭ ‬الذين‭ ‬يعملون‭ ‬على‭ ‬تزييف‭ ‬وعى‭ ‬شعوبهم،‭ ‬وترويج‭ ‬ونشر‭ ‬الاحباط‭ ‬والاحتقان،‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تسمعهم،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬مجرد‭ ‬وجودهم‭ ‬فى‭ ‬المشهد،‭ ‬لأن‭ ‬هذه‭ ‬الشعوب‭ ‬لديها‭ ‬ذكريات‭ ‬مأساوية‭ ‬وكارثية،‭ ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬واقع‭ ‬مؤلم،‭ ‬والشعوب‭ ‬التى‭ ‬نجت‭ ‬لا‭ ‬تطيق‭ ‬المساس‭ ‬بأمنها‭ ‬واستقرارها‭ ‬وأوطانها،‭ ‬وليس‭ ‬لديها‭ ‬أدنى‭ ‬استعداد‭ ‬للاستماع‭ ‬إلى‭ ‬أكاذيب‭ ‬وشعارات‭ ‬فاسدة‭ ‬من‭ ‬التابعين‭ ‬وعملاء‭ ‬قوى‭ ‬الشر‭ ‬التى‭ ‬تهدم‭ ‬وتخرب‭ ‬وتخطف‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬الشعوب‭ ‬وتسلبها‭ ‬آمالها‭ ‬وتطلعاتها،‭ ‬لذلك‭ ‬باتت‭ ‬هذه‭ ‬الشعوب‭ ‬لديها‭ ‬الاستعداد‭ ‬لتحمل‭ ‬صعوبات‭ ‬وتحديات‭ ‬وتداعيات‭ ‬أزمات‭ ‬طارئة‭ ‬ومؤقتة،‭ ‬ومثل‭ ‬القابض‭ ‬على‭ ‬الجمر،‭ ‬حفاظاً‭ ‬على‭ ‬بقاء‭ ‬ووجود‭ ‬الوطن،‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬الصعوبات‭ ‬لأن‭ ‬البديل‭ ‬طبقاً‭ ‬لدروس‭ ‬الماضى‭ ‬كارثى‭ ‬ومأساوى‭.‬
قوى‭ ‬الشر‭ ‬لا‭ ‬تتوقف‭ ‬عن‭ ‬محاولة‭ ‬إنتاج‭ ‬سيناريوهات‭ ‬قديمة‭ ‬ومستهلكة‭ ‬ظناً‭ ‬منها‭ ‬أن‭ ‬ذاكرة‭ ‬الشعوب‭ ‬خاوية‭ ‬من‭ ‬دروس‭ ‬الماضى،‭ ‬ولما‭ ‬ضاقت‭ ‬بها‭ ‬السبل‭ ‬واكتشفت‭ ‬أن‭ ‬الشعوب‭ ‬على‭ ‬وعى‭ ‬بهذه‭ ‬المخططات،‭ ‬وأنها‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تثق‭ ‬فى‭ ‬الوعود‭ ‬الفاسدة‭ ‬منتهية‭ ‬الصلاحية،‭ ‬وأصبحت‭ ‬هذه‭ ‬الشعوب‭ ‬أكثر‭ ‬دفاعاً‭ ‬وحماية‭ ‬لأوطانها،‭ ‬بحثت‭ ‬قوى‭ ‬الشر‭ ‬عن‭ ‬بدائل‭ ‬أخرى‭ ‬وسيناريوهات‭ ‬شيطانية‭ ‬لتحقيق‭ ‬نفس‭ ‬أهدافها‭ ‬الخبيثة‭ ‬فراحت‭ ‬تعيث‭ ‬فى‭ ‬الأرض‭ ‬إشعالاً‭ ‬للصراعات‭ ‬والحروب‭ ‬ودعماً‭ ‬للإرهاب‭ ‬والوقيعة‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬وبعضها‭ ‬البعض‭ ‬أو‭ ‬استفزاز‭ ‬دول‭ ‬بعينها‭ ‬للاندفاع‭ ‬نحو‭ ‬مواجهات‭ ‬وصراعات‭ ‬وأزمات‭ ‬لحماية‭ ‬أمنها‭ ‬القومى‭ ‬وجبهتها‭ ‬الداخلية‭.. ‬هذه‭ ‬الصراعات‭ ‬والحروب‭ ‬التى‭ ‬تفجرها‭ ‬قوى‭ ‬الشر‭ ‬فى‭ ‬مناطق‭ ‬شتى‭ ‬فى‭ ‬العالم‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬لها‭ ‬تداعياتها‭ ‬وظلالها‭ ‬وآثارها‭ ‬المؤلمة‭ ‬على‭ ‬باقى‭ ‬الدول‭ ‬وهى‭ ‬دول‭ ‬مستهدفة‭ ‬ولم‭ ‬تفلح‭ ‬معها‭ ‬السيناريوهات‭ ‬القديمة‭ ‬بعد‭ ‬افتضاح‭ ‬أمرها‭ ‬وإدراك‭ ‬الشعوب‭ ‬لأبعادها‭ ‬وأهدافها،‭ ‬لذلك‭ ‬تزيد‭ ‬من‭ ‬درجة‭ ‬ووتيرة‭ ‬إشعال‭ ‬الحروب‭ ‬والصراعات‭ ‬لأنها‭ ‬تجد‭ ‬فيها‭ ‬تداعيات‭ ‬كارثية‭ ‬خاصة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وتأثيراتها‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬النامية‭ ‬والفقيرة‭ ‬وهو‭ ‬طبقاً‭ ‬لمخططاتها‭ ‬تراهن‭ ‬على‭ ‬تصدير‭ ‬ضغوط‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الشعوب‭ ‬لتفجر‭ ‬بؤر‭ ‬الخراب‭ ‬والدمار‭ ‬والفوضى‭ ‬هى‭ ‬ذاتها‭ ‬نفس‭ ‬الأهداف‭ ‬التى‭ ‬سعت‭ ‬عليها‭ ‬قوى‭ ‬الشر‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحريك‭ ‬الشعوب‭ ‬خلال‭ ‬يناير‭ ‬2011،‭ ‬ولكن‭ ‬بأساليب‭ ‬وطرق‭ ‬غير‭ ‬مباشرة،‭ ‬أكثر‭ ‬خبثاً‭ ‬من‭ ‬إدارة‭ ‬حروب‭ ‬لها‭ ‬أبعادها‭ ‬وتداعياتها‭ ‬وآثارها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬القاسية‭ ‬والصعبة‭.‬
مخططات‭ ‬الشيطان‭ ‬لا‭ ‬تنتهى،‭ ‬لكن‭ ‬الشعوب‭ ‬أصبحت‭ ‬فى‭ ‬معظمها‭ ‬أكثر‭ ‬يقظة‭ ‬وإدراكاً‭ ‬ولديها‭ ‬حصيلة‭ ‬من‭ ‬التجارب‭ ‬والدروس،‭ ‬وباتت‭ ‬الأمور‭ ‬واضحة‭ ‬تماماً‭ ‬للجميع،‭ ‬لذلك‭ ‬الخير‭ ‬فى‭ ‬النهاية‭ ‬سوف‭ ‬ينتصر،‭ ‬والشر‭ ‬لا‭ ‬محالة‭ ‬لن‭ ‬يفلح‭ ‬فى‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافه،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فإن‭ ‬الدول‭ ‬أيضاً‭ ‬أصبحت‭ ‬أكثر‭ ‬فهماً‭ ‬ووعياً،‭ ‬وإدراكاً‭ ‬لمتطلبات‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الأوطان،‭ ‬وبناء‭ ‬الوعى‭ ‬الحقيقى،‭ ‬وتلبية‭ ‬آمال‭ ‬وتطلعات‭ ‬الشعوب‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬وإعلام‭ ‬وطنى‭ ‬حقيقى‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬نقل‭ ‬صورة‭ ‬صادقة‭ ‬من‭ ‬جهود‭ ‬الدولة‭ ‬الخلاقة‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع،‭ ‬وتواصل‭ ‬مستمر‭ ‬مع‭ ‬المواطن‭ ‬لإحاطته‭ ‬بتفاصيل‭ ‬ما‭ ‬يدور‭ ‬حوله‭ ‬إقليمياً‭ ‬ودولياً‭ ‬وتداعيات‭ ‬وتأثيرات‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬التى‭ ‬يعيش‭ ‬فيها‭.‬
الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬مصر‭ ‬نموذج‭ ‬يدعو‭ ‬للفخر‭ ‬والاعتزاز،‭ ‬نجحت‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬‮٩‬‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الإنقاذ‭ ‬والبناء‭ ‬والتنمية‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬الإصلاح‭ ‬الشامل‭ ‬فى‭ ‬إنهاء‭ ‬عقود‭ ‬المعاناة‭ ‬العميقة‭ ‬وبناء‭ ‬منظومة‭ ‬من‭ ‬الشفافية‭ ‬والمصارحة‭ ‬والمكاشفة‭ ‬مع‭ ‬المصريين‭ ‬تحقيقاً‭ ‬لبناء‭ ‬الوعى‭ ‬الحقيقى‭ ‬والفهم‭ ‬الصحيح،‭ ‬بفضل‭ ‬عقيدة‭ ‬القيادة‭ ‬السياسية‭ ‬الوطنية‭ ‬الشريفة،‭ ‬التى‭ ‬تحرص‭ ‬على‭ ‬إحاطة‭ ‬الشعب‭ ‬بكافة‭ ‬التحديات‭ ‬والجهود‭ ‬التى‭ ‬تبذلها‭ ‬الدولة‭ ‬والنجاحات‭ ‬والإنجازات،‭ ‬بل‭ ‬وشرح‭ ‬أبعاد‭ ‬التداعيات‭ ‬الصعبة‭ ‬للأزمات‭ ‬الدولية،‭ ‬وسبل‭ ‬الخروج‭ ‬منها‭ ‬والتخفيف‭ ‬من‭ ‬حدتها‭ ‬وأيضاً‭ ‬حماية‭ ‬الفئات‭ ‬الأكثر‭ ‬احتياجاً‭ ‬والارتقاء‭ ‬بالخدمات‭ ‬المقدمة‭ ‬للمواطنين‭ ‬وتوفير‭ ‬احتياجاتهم،‭ ‬وبناء‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬اصطفافاً‭ ‬وطنياً‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬والتفافاً‭ ‬حول‭ ‬القيادة‭ ‬السياسية‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬الوعى‭ ‬الحقيقى‭ ‬لما‭ ‬يجرى‭ ‬على‭ ‬الصعيدين‭ ‬المحلى‭ ‬والدولى،‭ ‬لذلك‭ ‬صمد‭ ‬العقل‭ ‬المصرى‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬طوفان‭ ‬من‭ ‬الأكاذيب‭ ‬والشائعات‭ ‬وحملات‭ ‬التشكيك‭ ‬والتشويه‭ ‬التى‭ ‬ذهبت‭ ‬أدراج‭ ‬الرياح‭ ‬دون‭ ‬أدنى‭ ‬تأثير،‭ ‬ودون‭ ‬ثبوت‭ ‬صحة‭ ‬شائعة‭ ‬واحدة‭.‬
يقيناً‭.. ‬مصر‭ ‬هى‭ ‬ملاذ‭ ‬الباحثين‭ ‬عن‭ ‬الأمن‭ ‬والأمان‭ ‬والاستقرار،‭ ‬وستكون‭ ‬دائماً‭ ‬هى‭ ‬أرض‭ ‬الأمن‭ ‬والأمان‭ ‬والاطمئنان‭ ‬بفضل‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬ثم‭ ‬قيادة‭ ‬سياسية‭ ‬امتلكت‭ ‬الرؤية‭ ‬والإرادة‭ ‬فرسخت‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬والبناء‭ ‬والتنمية،‭ ‬فدان‭ ‬لها‭ ‬النجاح‭ ‬والإنجاز‭ ‬وبناء‭ ‬قاعدة‭ ‬من‭ ‬الوعى‭ ‬الحقيقى،‭ ‬والاصطفاف‭ ‬الوطنى،‭ ‬ليكون‭ ‬أهم‭ ‬سلاح‭ ‬لدى‭ ‬المصريين‭ ‬أنهم‭ ‬على‭ ‬قلب‭ ‬رجل‭ ‬واحد‭.‬

تحيا مصر

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى