ذاب الثلج وبان المرج

الكاتب أ / نشأت الديهي
هذا المثل العربى الذى يعبر بدقة بليغة عن حتمية ظهور الحقائق بعد زوال أغطية الزيف وسقوط الأقنعة التى يختبئ وراءها المدلسون، ويمكن أيضًا استخدامه فى التعبير عن حالة الترقب لاكتشاف الحقيقة الغائبة، وفى كل الاحوال راق لى استدعاء واستخدام هذا المثل فى ما هو جار من أحداث وصراعات، فما يُقال عن الاوضاع والمواقف من خلال الاعلام واشباه الموصلات الاعلامية يختلف كثيرا عن الحقيقة المجردة، فهناك من يكذبون بصدق ومن يتاجرون فى كل شيء حتى فى ضمائرهم وشرفهم وهناك من يخونون لا اراديا، وعلى الطرف الآخر من النهر نجد الشرفاء والاوفياء والنبلاء والمخلصين الذين يتعاملون مع القضايا والازمات بمنطق الفرسان فلا يناورون ولا يكذبون ولا يقولون ما لا يفعلون، يتحمل هؤلاء عنتا وظلما متواصلا جراء وضوح مواقفهم، على كل غدا ستذوب الثلوج وتبين المروج، ستغادرنا الثلوج بألوانها.الخادعة وحالتها المزيفة المؤقتة وتختفى المياه الناتجة من عملية الذوبان الى قاع التربة وهنا ستفضى الأرض بكل اسرارها، ستزهر الارض الطيبة نبتا طيبا أما تلك الارض الخبيثة ستسرق المياه الى باطنها وتبخل علينا بزهر او ثمر او شجر، ستفصح كل أرض بما لديها وكل وعاء ينضح ما بداخله، ونحن الآن نواجه حزما من الأزمات والمشاكل والصراعات نواجه معها حزما مماثلة من الاكاذيب والشائعات فى كل الاتجاهات، وكل قراراتك وسلوكياتك لن تحظى برضى هؤلاء فى يوم ما، فهم يضعون السيناريوهات ويرسمون التوقعات لقرار ما فى مسألة ما تخص الادارة المصرية، فإذا قررت مصر قرارًا فيجب المسارعة بنقده والهجوم عليه وتحميله ما لا يحتمل، فقبول مصر أمرًا ما يستوى عندهم برفضها لنفس الامر، فالقصة ليست أين تقف مصر بقدر ما هى ضرورة الهجوم على مصر اينما وجدت، ففى حالة غزة وما يجرى فيها الآن، وقف هؤلاء يهاجمون مصر ومواقفها حتى قبل ان تتحرك ! فاذا رفضت مصر دخول المواطنين الفلسطينيين الى سيناء للحفاظ على قضيتهم من التصفية قالوا مصر تتصرف بلا انسانية وليس فى قلوبهم رحمة! واذا استقبلت مصر بعض الجرحى الفلسطينيين للعلاج فى مستشفيات اقيمت خصيصا لهذا الغرض، قالوا مصر بدأت فى تنفيذ خطة تهجير غير مباشرة تطبيقا لصفقة القرن ! الخلاصة اذا سمحنا للفلسطينيين بالدخول فنحن خونة واذا منعناهم من الدخول فنحن ضد حقوق الانسان! والسؤال الذى اطرحه على الجميع ويجب ان يكون هناك رأى واضح لا لبس فيه، ماذا لو تجمع الفلسطينيون أمام معبر رفح هرباً من القصف الاسرائيلى ؟ هل نمنعهم حتى لو استخدمنا القوة؟ أم نسمح لهم بالدخول فى هدوء؟ اذا اغلقنا المعبر اتهمنا باللاانسانية واذا فتحنا المعبر اتهمنا باللا وطنية، قضية معقدة ومتشعبة ويغلب عليها طابع الخسارة المؤكدة فى كل الاحوال، لذلك الحكومة المصرية تضغط فى جميع الاتجاهات وبمنتهى القوة والحسم حتى لا نصل الى هذه الخيارات المرة على الجميع، تحاول مصر كبح جماح كل الاطراف بحكمة ودون تشنج، لان سير الاحداث والصراع ليس فى صالح الجميع ومنهم مصر أو على رأسهم مصر للاسباب السابقة، لكن علمى ان الدولة المصرية جاهزة لكل السيناريوهات بما يحفظ امنها القومى ومصالحها وفى نفس الوقت يحافظ على الحق الفلسطينى من الضياع بصرف النظر عن تصرفات البعض التى تتسم بالحماقة، فمصر تتعامل من منطق الحكمة والعقل الذات يحكمان القوة وليس العكس، ودور مصر التاريخى يظهر دوما وقت الشدة، وهل هناك شدة أكبر مما نحن فيه، فليس لها من دون الله كاشفة .