مقالات

«غزة» وخطط الصهاينة


الكاتب أ / فهمي عنبة

 لم يعد للأقوال معني.. طالما عجز العالم عن الأفعال.. فأى كلمات مهما كانت قوتها لن تنهى مأساة أهالى غزة الذين يتعرضون لأبشع عمليات إبادة جماعية وقتل وتشريد وتهجير وقصف بكل أنواع الطائرات والصواريخ والقنابل المحرمة دولياً منذ ٠٤ يوماً دون توقف.. ودون أن تتدخل الأمم المتحدة لإنقاذهم!!

لن تشفع أى كلمات حزن وأسى فى مواساة آلاف الأمهات والآباء الذين فقدوا أطفالهم تحت الأنقاض.. ولن تضمد جراح عشرات الألوف من المصابين والجرحى الذين لا يجدون حتى أبسط أدوات الإسعافات الأولية بعد مهاجمة كل المستشفيات وتفجير سيارات الإسعاف بمن فيها.. ولن تعطى الأمان لأكثر من مليون ونصف المليون فلسطينى نزحوا جبراً وقسراً من شمال ووسط غزة إلى جنوبها بأوامر عساكر الاحتلال ومع ذلك لم يسلموا من قصفهم وهم يفرون بحياتهم بعد أن تم تسوية منازلهم بالأرض.. فأى كلمات يمكن أن يكون لها معنى فيما يحدث فى غزة؟!

لم يعد أهل فلسطين وغزة يحتاجون من دول العالم إلى كلمات شجب وبيانات تنديد بما يفعله الاحتلال الإسرائيلي.. فمهما كانت الكلمات وفصاحة التعبيرات فإنها لا تسمن ولا تغنى من جوع ولا من عطش فهم محرومون من الطعام والشراب والكهرباء والوقود والدواء وكل ما يلزم لحياة البشر.. فماذا ستفعل لهم الأقوال؟!.

فعلت مصر كل ما تستطيعه فى هذه الظروف وأدخلت شاحنات مزودة بالغذاء والدواء واستقبلت أعداداً من المرضى لعلاجهم.. وقامت الأردن  بسحب سفيرها من إسرائيل وأرسلت معونات وأيضاً استقبلت أطفالاً لعلاجهم.. ورغم ذلك فإن كل ما وصل إلى أهل غزة من شاحنات خلال الأربعين يوماً بالكاد كان يدخل مثله إلى القطاع فى يومين قبل بدء حرب الإبادة والتجويع والتهجير التى يشنها جيش الاحتلال الصهيوني.

إذا كان قادة أمريكا والاتحاد الأوروبى كشفوا عن وجههم.. ولا يخجلون من إعلانهم أنهم ضد وقف الحرب على غزة الآن.. وأن إسرائيل معها كل الحق فيما تفعله من قصف وتدمير وترحيل إلى الجنوب.. فعلى ماذا نراهن وممن نطلب وقف إطلاق النار.. هل من الأمم المتحدة ومجلس الأمن المُكبل «بالفيتو».. أم من أوروبا المؤيدة لإسرائيل على طول الخط.. أم من أمريكا المشاركة فى العدوان على غزة وأهلها؟!

انتبهوا لحرب الجيل الخامس!!

>> خطورة الحروب الحديثة أنها تجعل الإنسان يشك فى كل شيء.. ولا يعرف الحقيقة ولا يتوصل إليها أبداً.. وحتى إذا ظهرت فإنه يظل متشككاً فى مصداقيتها!!

إنهم يطلقون الشائعات ويروجونها.. ويزيفون الحقائق باستخدام «الذكاء الاصطناعي».. ويجعلون الأكاذيب تبدو مقنعة وتظل الألسنة تتناقلها إلى أن تتحول إلى أمر واقع وكلما مر الزمن رسخت فى الأذهان ولا يمكن إنكارها!!

ادعت إعلامية إسرائيلية أن كتائب القسام خلال عملية «طوفان الأقصي» يوم ٧ أكتوبر الماضى قامت بقطع رؤوس عدة أطفال من اليهود.. ونقل نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل ذلك للرئيس الأمريكى أثناء زيارته الأخيرة وقال بايدن ذلك للصحفيين المرافقين له وتم النشر فى العالم كله بعد أن نقلته وكالات الأنباء والفضائيات وبعدها بـ ٨٤ ساعة كذب البيت الأبيض القصة ولكن ظل الكثيرون يتناقلونها رغم تكذيبها إما لأنهم لم يسمعوا التكذيب أو لحاجة فى نفوسهم!!

تقوم إسرائيل كل يوم بتزييف فيديوهات وبثها على الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعى سواء عن أنفاق تم اكتشافها تحت أحد مستشفيات غزة أو ممرضات يتهمن حماس بمنع المعدات الطبية من الوصول للمرضى ثم يتضح أن كل الفيديوهات «مفبركة» ومدسوسة لتشويه صورة المقاومة ولتبرير ضرب المستشفيات والمدنيين.. ورغم افتضاح الأمر وحذف الفيديوهات من قبل إسرائيل إلا أن البعض مازال يتداولها والغريب أن هذه الحيل لم تدخل على الشعوب ولكن مازال يستخدمها كبار المسئولين الغربيين!!

تنشر قنوات التليفزيون الإسرائيلية المختلفة لقاءات وحوارات مع خبراء وأساتذة جامعة ومسئولين يهود لترويج الأكاذيب.. وللأسف بعض الفضائيات العربية تنقل هذه الادعاءات وهى لا تعرف أن الغرض منها تهييج الجماهير وإثارة الغضب وتذكية الفتن والشقاق.

لابد من الانتباه لكل ذلك وعلى العرب والمسلمين معرفة أن عدوهم الحقيقى والحالى والقادم الذى يجب عدم التكامل معه هو إسرائيل بحكومتها اليمينية الصهيونية المتطرفة وكل من يؤيد احتلالها للأراضى الفلسطينية وإبادة أهالى غزة وترحيلهم!!

انتبهوا يا عرب ويا مسلمين.. فهم مستمرون فى مخططهم الشيطانى بتهجير كل سكان غزة ومن بعدها سيفعلون نفس الشيء مع الفلسطينيين فى الضفة والقدس ورام الله وكل الأراضى المحتلة وإذا كانت مصر قد وقفت فى وجههم ورفضت التهجير إلى سيناء وأصرت على أن يبقى كل فلسطينى على أرضه.. فإنهم يتحايلون ويقولون فليرحلوا إلى الدول العربية أو حتى إلى أمريكا وأوروبا وتأخذ كل دولة ٠١ آلاف فلسطينى وتنتهى المشكلة.. والعالم إذا كان يرفض الآن فإن استمرار الحرب فى غزة وأمام الأمر الواقع والمأساة الإنسانية ودفع الناس للنزوح إلى جنوب القطاع قد يغير المعادلة خاصة لو ضربتهم إسرائيل فى الجنوب فأين سيذهبون.. إما الزحف إلى معبر رفح وهو ما استعدت له مصر وترفضه.. وإما ترحيلهم إلى عدة دول كما يخطط الصهاينة.

زر الذهاب إلى الأعلى