إسرائيل.. وصناعة الكذب

عبد الرازق توفيق
ما تروجه دولة الاحتلال من أكاذيب وأوهام.. على عكس ما تمارسه من إجرام وحرب إبادة على أرض الواقع.. يؤكد قدرة تل أبيب على الاحتيال والكذب.. فقد أثبتت قدرات فائقة على مدار تاريخها.. فهى تقتل وتحاصر وتفرض العقاب الجماعى.. وتضرب المستشفيات والمخابز ومحطات المياه وتستهدف الأطفال والنساء والمدنيين.. ثم سرعان ما ترتدى ثوب البراءة وتلقى بإجرامها على الآخرين.. فقد حالت إسرائيل دون دخول المساعدات فى إطار الحصار على غزة وحرب الإبادة التى تشنها على سكان القطاع.. ثم ذهبت إلى محكمة العدل الدولية لتمارس الدجل والخداع والتدليس والكذب.. رغم أن إجرامها على عينك يا عالم.
إسرائيل.. وصناعة الكذب
باتت صناعة الكذب رائجة، تنتشر فى كثير من ربوع الأرض، وهو أبشع صفة يمكن أن يتصف بها الإنسان أو الدول، لذلك ترفضها وتحرمها الأديان السماوية، والكذب صفة لا يعرفها المؤمنون، فالمؤمن لا يكون كذاباً على الإطلاق، وهناك من برعوا فى صناعة الكذب والخداع، وتسويق الباطل والأوهام للناس.. وقد تسبب الكذب فى هدم وإسقاط العديد من الدول خاصة أنه مكون أساسى فى الحروب الجديدة التى تدار وتستهدف عقول الشعوب، وقد نجحت تلك الأكاذيب والشائعات فى تسويق وترويج ماسمى ثورات الربيع العربي.. ولكل صفة وحرفة أربابها ومحترفوها، فلا يفوتنا أن جماعة الإخوان الإرهابية التى تتشدق وتتاجر وتخدع الناس بالدين، هى مدرسة فى صناعة الكذب رغم أنه ليس من الإسلام فى شيء، وقد نجحوا فى إيهام وخداع الناس والتغرير بالشباب فى عقود ماضية اعتماداً على تسويق الكذب ومازالوا يمضون فى غيهم ويمارسون شعائر عقيدتهم الفاسدة التى تعتمد على الخداع والتدليس والكذب والمتاجرة بالدين وبسبب كذب وخداع الجماعة الإرهابية، انضم إليهم بعض الشباب، وتعاطف معهم البعض الآخر، بسبب تجارتهم بالدين، خاصة أنه وتر مهم بالنسبة للمصريين وعدد من الشعوب الأخري، حيث اعتقد المخدوعون فى الإخوان المجرمين أنهم دعاة دين ووسطية واعتدال ودفاع عن الإسلام، لكن شاءت الأقدار أن تفضح أكاذيبهم، وتفسد تجارتهم ليستيقظ الناس على حقيقة هذه الجماعة التى ما هى إلا مجرد أداة فى يد أعداء الدين والأوطان، من قوى الشر والمؤامرات والمخططات.
لكن هل يخجل الإخوان المجرمون بعد افتضاح أمرهم؟.. الحقيقة أن ذلك لم يحدث لأنهم لا يعرفون حمرة الخجل، بعدما عادوا أكثر قبحاً وكذباً وخداعاً وتدليساً، بعد أن استخدمتهم من جديد قوى الشر، بل وخصصت لهم منابر إعلامية وخلايا إلكترونية ليمارسوا مهارتهم وصناعتهم للكذب يطلقون العنان للأكاذيب والشائعات وحملات التشكيك والتشويه والتحريض من خلال كلمة فاسدة وكاذبة لا أصل لها على أرض الواقع، ولم تثبت صحة افتراء واحد أو كذبة بعينها ولو مرة ولو على قبيل الصدفة.. لكنهم يصنعون الكذب بتكليف وتعليمات وأوامر وهم محترفون فى ذلك بما لديهم من رصيد غير محدود فى القدرة على ترويج الباطل وصناعة الكذب.
فى ظني، أن الإخوان المجرمين ودولة الاحتلال الاسرائيلى وجهان لعملة واحدة.. ينتمون لنفس المدرسة.. عقيدتهم اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس.. وفى تاريخ اسرائيل، تجد سجلاً حافلاً من الأكاذيب، فهى مجرد أكذوبة جرى تصنيعها وزرعها فى جسد المنطقة.
إسرائيل منذ اندلاع عدوانها الإجرامى على قطاع غزة فى حرب إبادة مكتملة الأركان وخروجها السافر على كل المواثيق والمبادئ والقانون الدولى الإنساني، تعمل على ترويج الباطل وتحريف الحقائق وتزييف الوعى الدولي.. تقتل وتقصف بلا رحمة وتدمر مصادر المياه والكهرباء والاتصالات، وتستهدف المستشفيات بمرضاها وأطبائها، وتهدم المساجد والكنائس، وتقتل الأطفال والنساء والمدنيين عن عمد.. بل ويفرح ويرقص جنودها وضباطها رغم عار ما اقترفته أيديهم.. ولأن النفاق سُنة صهيونية، فإن توقيعات بعض المسئولين الدوليين على الصواريخ والقنابل والأسلحة الاسرائيلية التى تقتل الأطفال والنساء والأبرياء موثقة بالصور والفيديوهات، وأن إهداءات ضباط وجنود جيش الاحتلال لأطفالهم وزوجاتهم بتفجير المساكن وقتل الأطفال والنساء والأبرياء موثقة أيضا.. بل إن تصريحات نتنياهو ويؤاف جالانت وزير الدفاع وهاليفى رئيس الأركان وايتما بن غفير وزير الأمن الصهيونى المتطرف بالتهديد والوعيد والقتل والإبادة ومنع المعونات والانتقام من كل ما هو فلسطينى وتدمير البشر والحجر موثقة أيضا بالصوت والصورة.. وربما أن هذا الخبث يعانيه الشعب الإسرائيلى الذى يتهم حكومته وجيشه بالضعف فى توجيه الضربات لغزة، رغم كل هذا الإجرام وحرب الإبادة والقتل والحصار والتجويع.. ورغم ذلك يخرج نتنياهو ليواصل مسلسل الكذب والخداع بأن جيش الاحتلال هو أكثر جيوش العالم أخلاقية، رغم أن إجرامه فاق خيال الشيطان.
آخر أكاذيب الاحتلال ولن تكون الأخيرة، هو تسويق الباطل والأكاذيب أمام محكمة العدل الدولية.. وتواجه إسرائيل الاتهام بحرب إبادة ضد الفلسطينيين، وهو واقع موثق أيضا والعالم شاهد على ذلك وكل شيء موجود، رغم محاولات دولة الاحتلال ممارسة الخداع والتدليس.. فلا يخطر على عقل بشر طبيعى أن يتهم مصر بأنها وراء منع وإعاقة المساعدات الإنسانية عن قطاع غزة، وهى التى تواصل الليل بالنهار وتبذل جهوداً مضنية أمام التعنت واللاإنسانية الاسرائيلية.. ولا أدرى كيف تجرأت إسرائيل على أن تذعن بذلك وهى تعلم أنها تهذى وتكذب!.. فهل هى محاولات من أجل إبعاد الأنظار عن حرب الإبادة التى تمارسها وموثقة وعلى مرأى ومسمع العالم؟!.. أم انها ألقت بـ «قاذورات» حتى يلتهمها الاخوان المجرمون لدعم دولة الاحتلال فى تسويق منتجات صناعة الكذب المشتركة بينهما؟!
إسرائيل تتنفس كذباً وتتخذ من الإجرام والإبادة عقيدة.. لذلك لا تتورع فى اتهام الآخرين زوراً وبهتاناً.. الرد على أكاذيب دولة الاحتلال أمام محكمة العدل الدولية بشكل عام.. وحول معبر رفح بشكل خاص- يكشف حقيقة هذا الكيان الذى يمارس كل أنواع الباطل-لا يحتاج لأدنى مجهود، بل الحقائق ماثلة أمام الجميع.. والدليل، أن الرأى العام العالمى ناقم وساخط على ممارسات اسرائيل الإجرامية ضد الفلسطينيين وقتل الأطفال والنساء.. لذلك فإن الحقائق والثوابت تدحض وتجهض وتفسد الهذيان والأكاذيب التى تروجها اسرائيل.
أولاً: معبر رفح منذ اللحظة الأولى لبدء العدوان الاسرائيلى الإجرامى على قطاع غزة وهو مفتوح على مصراعيه لم يغلق أبداً.. لكن الدولة المصرية تمارس سيادتها على الجانب المصرى من المعبر.. فى حين أن الجانب الفلسطينى فى يد قوة الاحتلال الاسرائيلي، ولم تسمح بدخول أو إنفاذ المساعدات إلى القطاع، أو ترغب فى فك الحصار والتجويع للفلسطينيين، بدليل انها قصفت معبر رفح من الجانب الفلسطينى أكثر من مرة ولم تسمح بمرور مئات الشاحنات إلى قطاع غزة، والتى ظلت مكدسة أمام المعبر من الجانب المصري.. بل إن مصر من أجل إدخال المساعدات الانسانية والإغاثية، تمسكت بعدم السماح للأجانب بعبور أو المرور من معبر رفح، إلا بعد دخول المساعدات للأهالى فى قطاع غزة، وفرضت إرادتها بشتى الوسائل لتحقيق هذا الهدف.
ثانياً: لا يخلو أى لقاء أو اتصال للرئيس عبدالفتاح السيسى مع زعماء ورؤساء وقادة العالم وكبار المسئولين فيه إلا وأكد الرئيس السيسى أهمية إنفاذ المساعدات الإنسانية والإغاثية بالقدر الكافي، والذى يتسق مع 2.3 مليون مواطن فلسطيني، وكذلك مع حجم المأساة والمعاناة فى غزة.. من أولويات الدور المصري، العمل على إنقاذ الأشقاء الفلسطينيين سواء بوقف نزيف الدم الفلسطيني، أو إنفاذ المساعدات الانسانية والإغاثية.. لذلك فإن ما تهذى به اسرائيل هو مجرد ألاعيب رخيصة فى محاولة بائسة وفاشلة لإبعاد الأنظار عن اتهامها بشكل موثق بشن حرب إبادة ضد الفلسطينيين فى قطاع غزة وهو أمر ثابت وواضح للجميع.
ثالثاً: العالم شاهد عيان على شرف الموقف المصري، وأن معبر رفح من جانبنا لم يغلق لحظة واحدة، وأن الإجرام والتعنت الاسرائيلى والقصف البربرى والوحشى واستهداف المعبر من الجانب الفلسطيني، حال دون دخول المساعدات.. ليس هذا فحسب، فالأمين العام للأمم المتحدة جوتيرش زار واطلع بنفسه وعلى أرض الواقع على ما يجرى أمام معبر رفح وأطلق العنان لتصريحات تدين اسرائيل، ولم يستطع الدخول إلى الجانب الآخر من المعبر فى الاتجاه الفلسطينى خشية الإجرام الاسرائيلي.. بالإضافة إلى أن الإعلام الدولى بكافة وسائله موجود عند معبر رفح، بالإضافة إلى أن كبار المسئولين مثل رئيسى وزراء اسبانيا وبلجيكا زارا معبر رفح.. ناهيك عن وزراء خارجية الكثير من الدول والسفراء فى مصر الذين رافقوا المساعدات التى أرسلتها دولهم إلى رفح من أجل دخولها والمدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية.. كل ذلك لم يكف اسرائيل لتخجل وتتواري.. لكن «الطبع غلاب» وصناعة الكذب تجرى فى دماء دولة الكيان، وهى متقدمة ومحترفة فى هذه الصناعة الرديئة.
رابعاً: لم يكف اسرائيل كل هذه الجرائم البشعة التى ترتكبها فى حق الشعب الفلسطينى من إبادة حقيقية، بالقتل للمدنيين والأطفال والنساء والتجويع والحصار والتمثيل بالجثث وسرقة الأعضاء وجلد الشهداء الفلسطينيين ومحاصرة الفلسطينيين بتدمير كل مقومات وسبل الحياة والنجاة من تدمير كامل للمنازل والبيوت الفلسطينية، وبالتالى تشريدهم ثم قتل المرضى باستهداف سيارات الإسعاف وسرقة ونهب المنازل الفلسطينية وتحويل ما يحدث إلى حرب دينية وتدعم إجرامها بنصوص تلمودية وتوراتية، وتدمير المخابز ومحطات المياه، حتى الفارين من ويلات الإجرام الاسرائيلى الذين نزحوا بناء على تعليمات جيش الاحتلال استهدفوهم بالقصف والقتل واستهداف وسائل الإعلام والصحفيين لوأد الحقيقة.. فهل بعد كل ذلك لدى اسرائيل جرأة للحديث وإلقاء وتوزيع الاتهامات على الآخرين؟!، رغم أن كل أحاديثهم عن منع عبور المساعدات من معبر رفح موثقة على ألسنة بنيامين نتنياهو ووزيرى الدفاع والطاقة الإسرائيليين، الذين أكدوا عشرات المرات وفى تصريحات أمام شاشات التليفزيون أنهم لن يسمحوا بدخول المساعدات لقطاع غزة، لأن المنع جزء من حصار الفلسطينيين والحرب عليهم.
خامساً: الرئيس عبدالفتاح السيسى أوضح للجميع أن مصر لم ولن تغلق معبر رفح من الاتجاه المصري، وأنه مفتوح على مدار الساعة، وأنه طالب اسرائيل مراراً وتكراراً بعدم منع تدفق المساعدات الانسانية لغزة، والتوقف عن تعمد تعطيل وتأخير دخول المساعدات، بذريعة تفتيشها، وهو ما قام به أيضا وزير خارجية مصر.
سادساً: إسرائيل لا تستطيع أن تدافع عن أكاذيبها ولا تجرؤ على المواجهة، بل تفضحها دائماً الحقيقة على أرض الواقع.. فالمفاوضات التى جرت للوصول إلى هُدن انسانية، والتى استمرت لأسبوع فى قطاع غزة، كانت مصر مع قطر والولايات المتحدة الأمريكية أطرافاً فيها وهى شاهدة عيان على تعنت اسرائيل فى تحديد حجم المساعدات التى ستسمح قوات الاحتلال بدخولها للقطاع باعتبارها قوة الاحتلال المسيطرة عليه عسكرياً.
الرئيس الأمريكى جو بايدن ومستشار الأمن القومى جيك سوليفان طالب اسرائيل بفتح معبر كرم أبوسالم لتسهيل دخول المساعدات، وهو الأمر الذى يعكس ويؤكد سيطرة جيش الاحتلال الاسرائيلى على دخول المساعدات للقطاع وتعطيله المتعمد لها.. وكذلك هناك ما يكشف زيف وأكاذيب دولة الاحتلال.. فإذا ما كانت ترغب فى دخول المواد الغذائية والطبية والوقود للقطاع، فإن لها مع القطاع ٦ معابر من أراضيها، فيجب عليها فتحها للتجارة وليس دخول المساعدات، خاصة- وعلى حد بيان الهيئة العامة للاستعلامات- أن هذه التجارة قد بلغت مع قطاع غزة 4.7 مليار دولار فى العام 2022 لصالح القطاعين التجارى والصناعى فى اسرائيل.
إسرائيل لا تحتاج من يرد عليها.. فالعالم بات يدرك ويعلم ويعرف تفاصيل إجرامها وأكاذيبها.. فلم تكن فقط تمارس كل هذا الإجرام، ولكن حاولت خداع العالم وتزييف وعيه، عندما روجت أكاذيب ذبح الأطفال واغتصاب النساء وقتل المستوطنين فى ٧ أكتوبر.. واتضح للعالم أنها من قتلت المستوطنين وبشهادة الأسيرات والمحتجزات اللاتى أكدن أنهن تلقين معاملة إنسانية محترمة ولم يتعرضن للاغتصاب أو التحرش ولم تذبح الأطفال.. لذلك فإن صناعة الكذب الاسرائيلية هذه المرة لم تكن بالحرفية المطلوبة.. مكوناتها وخاماتها رديئة وبضاعة فاسدة وألاعيب لم تعد تنطلى على عالم يشاهد بالصوت والصورة وعلى الهواء مباشرة إجرام اسرائيل وتفاصيل حرب الإبادة التى تشنها ضد الفلسطينيين.
فضيحة اسرائيل باتت على عينيك يا عالم.. لن يفلح داعموها فى تجميل وجه دولة الاحتلال القبيح، أو حتى تجميل وجوههم التى لا تقل قبحاً عن اسرائيل، بعد أن سقطت الأقنعة عنها، لتكشف أن أحاديث الخداع عن الحرية والديمقراطية والعدالة وحقوق الانسان، ما هى إلا أكاذيب كشفتها عنصريتهم وبربريتهم وازدواجية المعايير التى يتعاملون بها.. كيف نصدقهم مرة أخرى وأنت تراهم فى مجلس الأمن يدافعون عن إجرام حقيقي، بل ويدعمونه بالمال والسلاح والإعلام والدفاع.
صناعة الكذب آفة تعانى منها بعض دول العالم والتى تهدد الأمن والسلم الإقليمى والدولي.. لذلك فإن وجود اسرائيل وقدرتها الفائقة فى صناعة الكذب تهديد مباشر للبشرية، ولابد من قانون دولى حول مكافحة «الكذب»، وسيكون أول من سينزل عليه العقاب هى اسرائيل والاخوان المجرمون.. فالأولى مارست أبشع الجرائم وحروب الإبادة، استناداً للمزاعم والأكاذيب.. والجماعة الارهابية خدعت شعوباً وأسقطت دولاً وعاثت فى الأرض فساداً وإرهاباً وخداعاً بسلاح الكذب.
تحيا مصر