مريم عرجون
لقد طاب لي تواجدي بمدينة بوماريا الصامدة والمتحف الرباني الصامت، مدينة الفن والتاريخ الخالد، الذي جلس يحاكي أثار سطورها العريقة لإرثها الحضاري الذي اسدل نوره على أعتاب مدينة تلمسان بدولة الجزائر،
تربعت على ماضيها الفكري والثقافي العريق والسياسي المجيد تفرك جناحيها الكبيرين على وجو وفر الإبداع لسيدات الفن، غمسن ريشتهن، ليعرفن بأيقونة الفن و العمارة، وكلما رخت اللثم قليلا هذه المدينة تشبثت بأرضها جذور الحب مزيجاً فريداً ضمّ أكبر عدد من أقدم المساجد، واقدم الأزقة للدولة الزيانية، فتربعت على مركز الإشعاع الحضاري وثقافي وأنفردت بذلك الجمال عن بقية الحسان طيبة كريمة لا تبخل بكل التحايا الأنيقة وأنواع الترحيب فيسافر لها كل عاشق ولهان على الرغْم بساطة وجهة تشفي من به بلة، وبها
تلاقت النواصي وأطلت خلة مواس في يومها العالمي بثوبها الزاهي فكست ألوان سيدات الفن والإبداع، وفنانات التصوير الفوتوغرافي روضة هذا اليوم العالمي، فجمعن بين سموق القامة ورفعة الحسن ورقي الذوق، فإن للرقي والنجاح أناس يقدرون معناه، وللأبداع ناس يحصدونه، فهل تقبل منا هذه سيدة وهاته مبدعة مفاتن الكلمات،
كوكبُ مَرْمَرٍ مرفوعٍ يهز العالم بيمينه ويساره يستنير به الكون، ينْبَثَ العَسْجَدُ والجوهر البَرَّاق يضَاهي كل الفصول فتُبهرُ بخارِق نور ثغرها الفتان كل الورى، قوارير تنضُب العين أمامها وتسرق الوِجْدَان كشّمسِ أَبْلَجَت من وراء سِجَافٍ.
خُلَّةُ مُواسٍ هي شفاء لما في الصدور، لم تخلق من ضعف وهوان بل ذَرَأَها لتتحدّى صَوْلَة الجنّ بطشاها، تميل ولا تنكسر كالغصن ألأملد خلقت من ظلع أَخَّاذ مُبْهِج ومن تَحْتَها صِمَّةٌ، تتحرك، تتقدم وتتصرف بثقة وفروسية تصنع عباءة تحمي رؤوس أبنائها من عينيها الشَهْلاء الفرحة ترسل نظرات التحدي والإصرار، غادَةٌ ترسم في الأفق لوحة شموخ وكبرياء مستمرة بعنقها مُشرأَبّ نحو السماء لتؤسس حضارة عدل وسلام من نهديها، حضارات قديمة سالِفة عاشت المرأة حياة في ظلها بصورةِ لا تكد أن تتوَارى على الأعين مضطهدة ومختلسة الإرادة مهضومة الحقوق و لازال الصراع قائما حولها في عالم تتعرض فيه للحرمان الاقتصادي والاجتماعي بسبب التمييز.
هذه المُفَارَقَة دافع جعل الإنسان يشيد منظمات دولية تناصرُ عن حقوقها ولن تكون هناك هَيْئَة عالمية ابتناها مخلوق تعطي للمرأة وقارها وحقوقها أَعْظَمُ من نور الله وكتابه المبين الذي نزل بِالْحَقِّ، تصدى للمظالم التاريخية وعزز من حقوقها وكرامتها كأم زوجة وابنة، المنحىً العظيم عالَنَ لنا مالا يكاد يعْلن أَقْبَل البشرى والنظرة الشاملة في المساواة في عَراقَة النوع البشري برمق الخالق وليس بمُرْمَّقِ الإنسان الذي ينحدر من أصل واحد، نفس واحدة وحقيقة واحدة وهي الحقيقة الإنسانية في بَيَان القرآن، الأساس الرباني الذي قيد مٙنهج حياةٍ شاملٍ للبشرية كلّه ومصداقًا لقول النبي -ﷺ ﴿إنَّما النساءُ شقائقُ الرجال﴾، والنوع الآدمي خلق إلا بالحق ومن نفس واحدة وما سواها وذَرَأَ منها زوجها والمرأة هي جزء لا يتجزأ منه، لكن اتسم أحدهما عن الآخر بخصائص عقلية ونفسية في تكوينهما الذاتي وأوجب توزيعا عادلا أكّد شمول الإِنْصاف في الوظائف التي يقوم بها كل منهما في الحياة ولهُنَّ مثل الذي عليهنَّ ولا يظلم ربك أحدا.
ثم أن الإسلام أعظم مظاهر التكريم للمرأة واعترف بإنسانيتها كاملة كالرجل وبين يديه عُلِيّا من شأنها ورُفعت مكانتها وأزال الهوان عنها فالحمدُ لله الكبيرِ لمتعالِ، هذه التي خلقها ساعية لها أرجل خلقت رجلا لم تخلق تمشي على أربع، ساعية ومهمتها أساس التربية وتربية العقيدة فكيف لنا أن نبين مالا يبين حين وصفها رب العالمين في سورة يوسف بالشمس مصدر العقيدة إنها القيادة، ووضعها في أساس التكوين البشري في صلاحه وفساده فالصَّالِحاتُ قانتاتٌ حافظاتٌ، وجعلها ثوب الرجل فقال له فثيابك فطهر، هي النواة إذا في بناء المجتمع الذي يقوم على القيم والخلق الرفيع، كما اِحْتَفَى القرآن الكريم بها وقدر شخصها وعطاءاها وقدم نموذجات نسائية رائدة خلدهم الإسلام ظرب الله بهنّ مثلًا للذين آمنو، امرأة فرعون ومريم ابنة عمران وبلقيس حكيمة قومها وأم المؤمنين التي كانت كمال الدين مع الرسول عليه الصلاة والسلام.
هاته التي لُجت القلوب تهزك، تبعثرك و تٙخرجُ من ثُقبِ العروق ومن عمق الأعماق لا رَيْب أن المُطَارَحَة عن مَنْزِلَتها وحقوقها في الإسلام كثير وكبير جدًا لأني لا أخصِص يوم عيد لها لأنه يكفي عند قدمي من حملتني وهنا على وهن تكون الجنة فهي كل يوم عيدي.