لماذا لا يشعر المريض بالجوع !!

الهضم هو عملية مرحب بها بشكل عام، إلا أنها تحتاج للكثير من الطاقة. لذلك فإن الجسم يفضل توجيه هذه الطاقات لمحاربة المرض ومسبباته!

ما هو سر رغبتنا الغريبة – والمبالغ بها أحيانا – بدفع الطّعام للطفل المريض، ولو عنوة؟!

الطفل المريض، مثل الشخص البالغ تماما، يفقد شهيته للأكل عندما يصاب بالزكام. يختار جسمه أن يوجّه معظم طاقاته لصالح جهاز المناعة الذي يحتاج لأن يعمل الآن بشكل أكثر كثافة من المعتاد.

الهضم هو عملية مرحب بها بشكل عام، إلا أنها تحتاج للكثير من الطاقة. كلنا نعرف الإحساس بالتعب والثقل بعد أن ننتهي من تناول وجبة كبيرة، تلك الرغبة بأن نغمض عينينا ونرتاح للحظة، ورغبتنا الداخلية أن يغادر الضيوف أو أن يخرج الأطفال للعب حتى نستطيع أن نأخذ قيلولة.

هذا ما نشعر به بعد تناول وجبة كبيرة، لكن حتى الوجبات الصغيرة تحتاج للطاقة من أجل عملية الهضم. ومع أننا لا نشعر بذلك بشكل مباشر، إلا أن جسمنا بحاجة لأن يوجه الكثير من موارده إلى عملية تحليل الطعام إلى مركبات غذائية، يستطيع الحصول منها على الطاقة.

في بداية الإصابة بالزكام، يفضل جسمنا ألا  يقوم بتوجيه موارده لعملية الهضم، وذلك لأنه يفضل عدم بذل الكثير من المجهود البدني. فنشعر فجأة بالتعب وبالرغبة في أن نستريح.

جسمنا الذكي، يرغب في أن يحدد مؤقتا، مستهلكي موارده الهامة، حتى يستطيع الاهتمام والتركيز على الجهاز الذي يقوم بمحاربة العوامل المسببة للمرض. يملك جسمنا مخزونا كافيا من الطاقة، يمكنه من الاحتمال لفترة معينة دون الحاجة لتناول الطعام. أما بالنسبة للماء، فإن الوضع مختلف تماما، إذ أننا نحتاج للماء دائماً وفي جميع الأحوال. كما أن شرب الماء لا يحتاج لبذل الكثير من الطاقة.

هكذا يعطينا الجسم إشارات بأنه لا يشعر بالجوع، بل بالغثيان. أو ببساطة أكثر أنه ليس قادرا على تقبّل أو تذوق الطعام.

نحاول نحن، الذين تربينا على مقولة أنه يجب أن تأكل حتى تزود الجسم بالقوة اللازمة لمحاربة المرض، أن نجبر أطفالنا المرضى على تناول الطعام بطرق عديدة ومتنوعة. ويشعر الأهل بالسعادة لأن ابنهم طلب أن يأكل بعد أن تناول الدواء المخفض للحرارة وبدت عليه ملامح التحسن.

صحيح انه يشعر بتحسن، لكن جسمه لم يتغلب بعد على المرض. ببساطة لقد أخذ استراحة، وهنالك شيء آخر يعمل مكانه (الدواء).

لو كنا نعتقد أن جسمه لن يحتاج بعد الآن لجهاز المناعة، لتقبلنا هذ الاعتقاد بسعادة شديدة. لكننا نعرف تماما، أن جهاز المناعة لديه سيعود بعد وقت قصير جدا للعمل مرة أخرى. لذلك، فإن ما يسعدنا أكثر هو أن نعرف أن جهاز المناعة لديه أصبح أكثر قوة مما كان عليه في المرة الأخيرة التي مرض بها، وأنه سيكون -في المرة القادمة التي يمرض بها – أكثر جاهزية وقدرة على مواجهة المرض.

كل ما ذكر أعلاه يعتبر صحيحا فقط في المراحل الأولى من المرض. أما إذا استمر المرض، فإن تعاملنا مع الموضوع يجب أن يختلف كلياً.

التوصيات: إذا لم يرغب الطفل بتناول الطعام، لا تجبروه على الأمر. ومع ذلك، اهتموا بأن يشرب كثيراً. كل الباقي لايهم. وإذا كان الطفل يرغب بالراحة، أتيحوا له ذلك.

ليس في كل مرة يعاني الطفل فيها من الزكام نستطيع ملاحظة الأعراض عليه، فمعظم الحالات تختفي قبل أن تظهر الأعراض التي نعرفها.

Exit mobile version