مقالات
أخر الأخبار

أوقفوا البث المباشر:الكرة النسائية لم تنضج بعد

بقلم الدكتورة / إيمان سكين

عندما أصدر الاتحاد الدولي لكرة القدم قراراً يلزم الأندية بإنشاء فرق الكرة النسائية ، كان الهدف منها تعزيز المساواة وتوسيع قاعدة اللعبة عالمياً ،لكن في مصر قررنا تنفيذ القرار وكأننا “نسلق بيض” فجمعنا لاعبات بسرعة وكأن الهدف هو إتمام المهمة فقط.

 وكأننا نختارهم لعمل “شو” او عرض رياضي لا اكثر ، وليس لبناء مشروع رياضي متكامل ، فجاء تنفيذ القرار سريعاً دون دراسة كافية ، و دون وضع استراتيجية شاملة لتطوير اللعبة فأصبحت النتيجة ؟!! فرق نسائية بمستويات ضعيفة ، تبذل كل طاقتها في الملعب ، فقط لتجد أن مجهودها يُختزل في لقطات مضحكة أو تعليقات ساخرة ، وكأن الهدف من البث ليس التشجيع بل التسلية على حسابهم .

احترسوا … الكرة النسائية لا تزال في مراحلها الأولي . 

لنواجه أنفسنا ، كرة القدم النسائية تحتاج الكثير ، فاللاعبات يفتقرن إلي التدريب المكثف ، والبنية التحتية ليست جاهزة لتلبية الاحتياجات المطلوبة.

بينما في المقابل كرة القدم للرجال تتمتع بتاريخ طويل من الإحترافية ، حيث يتم تدريب اللاعبين منذ الصغر في أكاديميات متخصصة ، ماتسبب في ارتفاع مستوى اللاعبين البدني و المهاري في كرة القدم .

الفجوة واضحة في كرة القدم بين الرجال والنساء .

أين المشكلة ؟

المشكلة ليست في اللاعبات فقط ، بل في النظام المحيط بهن .

العديد من اللاعبات يفتقرن للأساسيات اللازمة للتنافس ، إضافة إلى عدم وجود وعي كافي بقانون اللعبة.

الأندية ركزت على تكوين فرق نسائية بسرعة لتلبية متطلبات الفيفا ، دون الاهتمام بتطوير الأداء وبناء فرق قوية، وعملية اختيار اللاعبات عشوائية ولا تركز علي الجودة . 

البث المباشر : هل حان الوقت لإيقاف السخرية؟

في ظل الوضع الحالي للكرة النسائية في مصر ، قد يكون البث المباشر للمباريات أكثر ضرراً من نفعه .

الأخطاء التي تحدث أثناء المباريات ، والتي هي جزء طبيعي من التطوير ، تتحول إلى مادة للسخرية والنقد على منصات السوشيال ميديا.

مثال على ذلك في إحدى المباريات ، تركت حارسة مرمى فريق “وادى دجلة ” الكرة تمر من أمام مرماها في مباراة مع “سموحة” ،مما تسبب في  هدف سهل للفريق المنافس ، الفيديو انتشر بشكل واسع على منصات التواصل الإجتماعي ، مما حول الخطأ البسيط إلي مادة للسخرية.

في موقف اخر سجدت لاعبة أثناء مباراة بملابس كرة القدم ، وكانت الملابس غير لائقة لهذا الوضع ، ما جعل الموقف يثير غضب الجمهور .

بالإضافة إلى ذلك تم تداول الفيديو بشكل كبير على منصات التواصل الاجتماعي مما ادى غضب المتابعين ، مما انعكس سلباً على نفسية اللاعبة ، التي كانت لا تزال في مرحلة تعلم قوانين اللعبة .

ولم تدرك حينها أن ليس كل ما يفعله اللاعبون الرجال يمكن أن تقلده اللاعبات ، خاصة في مجتمع محافظ ومتدين مثل المجتمع المصري .

هذه الأخطاء ، رغم كونها جزءاً من مرحلة التعلم ،الا انها تُعرض اللاعبات للنقد القاسي ، مما يؤثرعلي ثقتهن بأنفسهن.

وبجانب هذه الاخطاء فإن عدم الوعي من الجمهور يضاعف الضغط النفسي عليهن ، مايعرقل تطور مستواهن سريعاً .

ومصر و الدورى المصري اكبر من ان يكونا مادة للسخرية ، ويجب أن يكون الدعم والتشجيع هو ما يتم تقديمة للاعبات في هذه المرحلة .

كيفية تطوير الكرة النسائية ؟

من الضروري أن يكون الجمهور على دراية بأن كرة القدم النسائية في مصر لا تزال في مرحلة البناء ، وأن مستوى اللاعبات يتطلب وقتاً وجهداً للتطوير.

 يجب أن يتوقف النقد و السخرية من الأخطاء ، والتوجه نحو التشجيع الفعال الذي يساعد اللاعبات على تنمية مهاراتهن في بيئة صحية وداعمة .

 الجمهور بحاجة إلى الوعي ، و أن تقبل الأخطاء جزء من بناء أي مشروع رياضي جديد .

لتطوير كرة القدم النسائية في مصر، يجب تبني خطوات مدروسة وقابلة للتنفيذ.

 أولاً، يجب تأسيس أكاديميات نسائية متخصصة لزيادة مهارات الفتيات منذ الصغر. 

كما يتعين تحسين البنية التحتية وتوفير ملاعب ومرافق رياضية ملائمة للفرق النسائية. 

يجب توعية اللاعبات بحقوقهن وكيفية التعامل مع الإعلام والجماهير، مع تنظيم محاضرات قانونية وتوجيهية.

 كما يجب توجيه المسؤولين والمصورين لتجنب التركيز على المواقف المثيرة للسخرية ودعم اللاعبات للتصرف بشكل يعكس احترام الرياضة.

إضافة إلى ذلك ، يجب استقطاب مدربين محترفين متخصصين في كرة القدم النسائية، وأخيراً، يمكن تأجيل “البث المباشر ” للمباريات حتى يصل الأداء إلى مستوى يتناسب مع تطلعات الجمهور.

في النهاية :

الكرة النسائية في مصر لديها إمكانيات كبيرة ، ولكنها بحاجة إلى وقت وجهد لبناء قاعدة قوية ومستدامة . 

السخرية من الأخطاء لن تساهم في تطوير اللعبة بل ستُعيقها .

دعونا ندعم اللاعبات ونعطيهن الفرصة للتطور في بيئة تشجيعية بعيداً عن ضغوط البث المباشر ، حتى نتمكن من بناء فرق نسائية قادرة على تشريف مصر في المستقبل .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى