حصاد الإرادة المصرية

الكاتب أ / عبد الرازق توفيق
لم تدخر القاهرة جهداً فى دعم الأشقاء الفلسطينيين.. خاصة التصدى لمخططات تصفية القضية الفلسطينية ومحاولات تهجيرهم من أراضيهم أو توطينهم فى الدول المجاورة.. وقفت مصر بحزم وحسم ورفضت تماماً التصفية أو التهجير أو التوطين.. وقدمت كل أشكال الدعم السياسى على كافة الأصعدة لاحتواء التصعيد الوحشى الذى يمارسه الكيان الصهيونى.. وأصرت على إدخال المساعدات الإنسانية ورفضت عبور الأجانب قبل دخول المساعدات حتى وصلت أعداد الشاحنات إلى 100 شاحنة تدخل يومياً إلى غزة.. لدعم أهلها وتخفيف معاناتهم.. وبالأمس استقبلت الجرحى والمصابين من الأشقاء لعلاجهم فى المستشفيات المصرية.. إنها مواقف شريفة وثوابت راسخة.
لا يمكن لمصر ان تدير ظهرها للأشقاء.. بل تتفانى دائماً فى تقديم كافة أوجه الدعم والمساندة لهم.. تدافع عن حقوقهم المشروعة.. فمنذ اليوم الأول لاندلاع الأحداث فى غزة تقف مصر موقفاً عظيماً وتبذل جهوداً مضنية وتتواصل مع العالم وتستقبل قادته من أجل التوصل لوقف إطلاق النار.. وحرب الإبادة التى يمارسها الكيان الصهيونى من قتل للمدنيين والأطفال والنساء وفرض الحصار وقطع المياه والكهرباء ومنع الوقود واستهداف المستشفيات والمدارس فى جرائم يندى لها الجبين وتخجل منها الإنسانية.. خاصة فى ظل تواطؤ الغرب والصمت المطبق والفاضح تجاه ما يحدث فى غزة.. وكأن الفلسطينيين ليسوا بشراً مثل باقى البشر.. وهو الأمر الذى أسقط أقنعة الغرب الذى يبارك ويدافع عن الإجرام الصهيوني.. بل ويعاقب ويجرم كل من يدافع عن معاناة الفلسطينيين والكارثة الإنسانية التى يتعرضون لها ويصادر حرية الرأى العام الداخلى فى بلاده.. ليكتشف العالم أننا أمام غرب بلا رحمة أو إنسانية أو قلب وتسقط أقنعة الحرية والإنسانية من على وجه الغرب القبيح الذى لطالما خدع به الكثير من الشعوب.. ودمر بها كثيراً من الدول واتضح فى النهاية انهم مجرد تجار «حقوق إنسان».. يعانون من انفصام ومرض ازدواجية المعايير.. والعالم حائر لانبطاح الغرب أمام إسرائيل.. وحالة التأييد المطلق والدعم بلا وعى أو حدود لآلة الإجرام الصهيونية.
الحقيقة انه فى ظل مواقف الغرب المخزية وظهور فجاجة وقبح سياسات الكيل بمكيالين.. يعلو على السطح موقف مصر الشريف المدافع عن الإنسانية وحقوق الإنسان فى أسمى المعانى ويتضح الفارق الكبير بيننا وبينهم.. فهم مجرمون وقتلة ونحن شرفاء.. نلتزم بالحقوق الإنسانية والمعايير والمواثيق والقوانين والشرعية الدولية.. ومبادئ القانون الدولى الإنساني.
مصر تسابق الزمن من أجل مساندة الأشقاء فى فلسطين وفى القلب منها غزة.. بإرادة قوية ودور وثقل.. وتصدت لكل المزاعم والمخططات المشبوهة والأطماع ومحاولات فرض الأمر الواقع.. ووقفت بشموخ أمام مشروعات شيطانية لتصفية القضية الفلسطينية بتهجير سكان غزة من أراضيهم.. وتصدت لمخطط التوطين على حساب أراضيها.. وتحديداً سيناء ورفضت أيضاً مبدأ التوطين أو تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأراضى المصرية.. أو الأردنية واعتبرت فى خطابات ورسائل حاسمة ان الاقتراب من هذا الأمر هو خط أحمر يمثل تهديداً مباشراً لأمنها القومى الذى لا تهاون ولا تفريط فى حمايته.
مصر التى تقف بشموخ وإرادة صلبة أمام الإجرام الصهيوني.. وتبذل قصارى جهدها لمحاصرة المخطط الشيطانى واجهاضه واحتواء الصراع.. لذلك تسعى بكل جهد من أجل تخفيف المعاناة الإنسانية لسكان غزة الذين يتعرضون لقتل ممنهج تحت سمع وبصر ورضا ومباركة ودعم الغرب.. لذلك عملت على ادخال المساعدات الإنسانية والإغاثية لأهالى غزة.. وفتح معبر رفح على مصراعيه منذ اللحظة الأولى لاندلاع الصراع.. لكن الإجرام الصهيونى الذى يقصف المعبر فى الاتجاه الفلسطينى حال دون ذلك وأيضاً الإجراءات الصهيونية فى تعطيل دخول المساعدات من خلال تفتيش بطيء ومتعمد وضياع الوقت.. لكن مصر نجحت فى أن ترفع حجم الشاحنات يومياً إلى 100 شاحنة تدخل القطاع.. لانقاذ ودعم سكان غزة بالإضافة إلى فتح مطار العريش أمام المساعدات الدولية لأهالى غزة.. وأيضاً تقف الشاحنات المصرية بآلاف الأطنان من المساعدات ليدخل منها جزء كبير يومياً.. بل ودماء المصريين تجرى فى شرايين الأشقاء حيث بادر شعب مصر العظيم بالتبرع بالدم لانقاذ أرواح أشقائهم الفلسطينيين وتسعى مصر لادخال شاحنات المساعدات وزيادتها بما يتناسب مع 2.3 مليون مواطن فى غزة يتعرضون لحرب إبادة.
الجهود المصرية لا تتوقف من أجل احتواء التصعيد العسكرى والحيلولة دون تصفية القضية الفلسطينية أو تهجير سكان غزة قسرياً بفعل التصعيد العسكرى والقتل الصهيونى الممنهج للأطفال وقطع كل سبل ومقومات الحياة عن القطاع من أجل دفعهم للنزوح إلى الأراضى المصرية.. ورفض قاطع لتوطينهم فى سيناء سواء لمنع تصفية القضية الفلسطينية أو تهديد الأمن القومى المصري.
الحقيقة ان الجهود والمواقف المصرية.. كانت محور حديث وسائل الإعلام الدولية والعالمية.. والتى كشفت حجم الضغوط التى تتعرض لها مصر من أجل موافقتها على توطين الفلسطينيين فى سيناء وكذلك رفضها الحاسم والقاطع لهذا التوطين على حساب أمنها القومى أو تصفية القضية الفلسطينية.. الإعلام الغربى يظهر المواقف الشريفة والثابتة لمصر وقيادتها السياسية ويؤكد بما لا يدع مجالاً للشك ان الدور المصرى لا غنى عنه وان القاهرة فى يدها مفاتيح حل الأزمة وإنهاء الصراع ولن يستطيع أحد ان يفرض سياسة الأمر الواقع على مصر.. اذن الحل يكمن فى تنفيذ رؤية مصر من خلال التهدئة ووقف اطلاق النار واستئناف مفاوضات السلام وصولاً لحل الدولتين بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 4 يونيو 1967 عاصمتها القدس الشرقية وحتى يعيش الجانبان الفلسطينى والإسرائيلى جنباً إلى جنب.. لكن مصر لم ولن توافق بتصفية القضية الفلسطينية على حساب أراضيها.. خاصة سيناء التى تعد خطاً أحمر.. والتى تشهد قوة وقدرة وحماية مزدوجة لتأمينها وصونها ضد المؤامرات والمخططات والمشروعات المشبوهة والضغوط غير المسبوقة.. ومحاولات الابتزاز من خلال الحصار الاقتصادى الغربى التى تشنها مؤسسات التصنيف الاقتصادية على مصر التى أصدرت تقاريرها فى زمن قياسى ووقت متزامن وخلال 24 ساعة عن مصر بطبيعة الحال غير متفائلة عقاباً لمصر لمواقفها القاطعة والحاسمة والشريفة برفض التهجير القسرى للفلسطينيين ورفض تصفية قضيتهم ورفض توطينهم فى سيناء.. ورفض وفضح الإجرام الصهيونى الذى يستهدف سكان قطاع غزة.
مصر أيضاً حذرت العالم والدول الكبرى من استمرار التصعيد العسكرى الصهيونى الذى من شأنه ان يؤدى إلى اتساع نطاق ودائرة الصراع ويهدد بدخول أطراف إقليمية أخرى ليتحول بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلى حرب شاملة وهو ما بدت تباشيره وسحبه تلوح فى الأفق مع استمرار الإجرام الذى تمارسه قوات الاحتلال.
مصر كانت ومازالت أكثر وضوحاً وحسماً من الجميع.. وفرضت إرادتها ورؤيتها وبات العالم يتحدث بلغة مصر إلى حد كبير.. فقد أصبح دخول المساعدات حقيقة على أرض الواقع.. وبات حل الدولتين اتفاقاً وتوافقاً بين جميع الدول انه لا سبيل لإنهاء الصراع الفلسطيني- الإسرائيلى إلا بحل الدولتين وأيضاً تنبه العالم إلى خطورة استمرار الصراع مما سيؤدى إلى اتساع نطاقه وأيضاً ضرورة التهدئة ووقف اطلاق النار لكن للأسف الشديد الكيان الصهيونى المتغطرس لا يبالى بالقوى الدولية.. وتبدو مواقف الأمريكان والغرب متناقضة وذات وجهين.. وجه أول يطلق العنان لتأييد إسرائيل المطلق.. ووجه ثان يقدم للمجتمع الدولى بقناعات التهدئة والسلام وحل الدولتين وانقاذ المدنيين.. نحن أمام مهزلة دولية ومسرحية أمريكية- غربية- إسرائيلية.. لكن يبقى الثابت والمؤكد انه لا حل بدون دور مصر الذى لا غنى عنه.. وأيضاً لن تنفذ مخططات الشيطان بأى حال من الأحوال الذى يستهدف مصر والتى تقف شامخة صلبة رسائلها حاسمة وقاطعة.. بالأمس الأول انطلقت المرحلة الثانية من تنمية سيناء الشاملة بعد انتهاء المرحلة الأولى التى تكلفت أكثر من 650 مليار جنيه التى شملت مشروعات البنية الأساسية وهى المرحلة الأصعب لتبدأ بالأمس الأول مشروعات المرحلة الثانية والتى خصصت لها الدولة ميزانية واستثمارات بلغت 400 مليار جنيه والتى ستنقل سيناء إلى مركز عالمى لجذب الاستثمارات فى العديد من المجالات الواعدة وتوفر مئات الآلاف من فرص العمل وهو ما يعزز جدار الحماية الصلب لصون سيناء.. خاصة ان معادلة القوة والقدرة والردع.. للحفاظ على سيناء وتأمينها من الأطماع والأوهام تشمل قوة أعظم وأقوى جيوش المنطقة وأحد أقوى جيوش العالم وهو نموذج للقوة الشريفة الرشيدة التى تدافع عن أمن مصر القومى وسيادتها على كامل أراضيها وترسيخ الأمن والاستقرار.. والحفاظ على السلام وصون مقدرات ومكتسبات المصريين ثم قوة البناء والتنمية والتعمير التى يحتشد حولها ملايين المصريين وتهئ لهم سبل ومقومات وفرص الحياة الكريمة فيها.. وتضع سيناء كدافع لنمو اقتصادى وتنموي.. ثم المحور الثالث فى معادلة القوة والقدرة والردع لحماية سيناء هو إرادة المصريين والتفافهم واصطفافهم غير المسبوق حول قيادتهم السياسية وتفويضها باتخاذ ما تراه مناسباً لحماية أمن مصر القومى بما يجسد ثقة المصريين الكاملة فى هذا القائد العظيم الرئيس عبدالفتاح السيسى.
الحقيقة ان كل مواطن مصرى من حقه ان يفخر بمواقف الأمة المصرية الشريفة وثوابتها الراسخة وقرارها الوطنى المستقل وسيادتها وبما وصلت إليه من قوة وقدرة وشموخ وامتلاك للردع.. وهنا لا أعنى بالردع القوة العسكرية الرشيدة ولكن أعنى قدرة الدولة الشاملة وامتلاكها للعديد من الأوراق والبدائل ومسارات التحرك والقدرة على محاصرة الأزمات والتهديدات واجهاض المخططات سواء عن طريق الدبلوماسية الرئاسية وما لديها من عبقرية وشموخ وخطاب مصرى شريف يرتكز على ثقة وقدرة وأيضاً إرادة وتفويض هذا الشعب ومؤسسات الدولة الوطنية بالإضافة إلى قدرة الدبلوماسية المصرية وهو ما يشير إلى ان العالم بات أكثر قناعة وإيماناً وطبقاً للمعطيات على أرض الواقع.. وأيضاً ما يقوله قادة الدول الكبري.. وما ينشره ويبثه الإعلام العالمى والدولى ان دور مصر لا غنى عنه وانها بحق جديرة بقيادة المنطقة.. وانه لحل قضايا الشرق الأوسط لابد ان تمر عبر البوابة المصرية.. ونستطيع ان نتابع ما ينشر فى الصحف العالمية والقنوات الدولية بل ومراكز الأبحاث والدراسات والوكالات الاخبارية التى اتفقت جميعاً ان مصر هى ركيزة الشرق الأوسط.. وانه لا غنى عن دورها.. ولا يمكن ان يستطيع أحد فرض أمر واقع عليها.. ولعل عرض وسائل الإعلام العالمية لمواقف الرئيس عبدالفتاح السيسى التى تبعث فينا الفخر والاعتزاز بهذا القائد العظيم يؤكد ان مصر لديها قوة وقدرة وعبقرية القيادة المصرية.
مصر الشريفة تقدم كافة الجهود على كافة المستويات والأصعدة السياسية والدبلوماسية والإغاثية والإنسانية جل ما لديها لدعم الأشقاء فى فلسطين وقطاع غزة وبالأمس استقبلت مصر عدداً من الجرحى والمصابين الفلسطينيين جراء القصف الهمجى للكيان الصهيونى للعلاج فى المستشفيات المصرية.. وتوفير كافة الامكانيات بتوجيهات من الرئيس عبدالفتاح السيسى فى إطار استمرار الدعم سواء بادخال المساعدات الإنسانية وأيضاً استقبال الجرحى والمصابين الفلسطينيين للعلاج فى المستشفيات المصرية بسيناء.. وفى ظل الاستهداف الصهيونى للمستشفيات فى قطاع غزة وقتل الأبرياء من المرضى والمدنيين وخروج عدد كبير من المستشفيات من الخدمة وحالة العجز فى استمرار تقديم الخدمات فى ظل قطع الكهرباء ومنع الوقود وأيضاً انخفاض الدعم الطبى والأدوية ومستلزمات العلاج خاصة ان شهداء فلسطين جراء البربرية الصهيونية وصل عددهم إلى 8800 شهيد وأكثر من 22 ألف جريح ومصاب.
أقول وبفخر واعتزاز ان مواقف مصر وقيادتها السياسية التى جمعت بين الشموخ والشجاعة والإنسانية والإخلاص والشرف ليس غريباً على مصر قلب العروبة النابض وكبيرة العرب التى لا تدخر جهداً فى دعم ونجدة الأشقاء والحفاظ على حقوقهم المشروعة وصون قضيتهم التاريخية وعدم السماح بتصفيتها ونجدة ودعم ومساندة أهالى غزة الذين يتعرضون لحرب إبادة صهيونية بلا قلب أو رحمة أو إنسانية فى ظل تأييد كامل من الغرب الذى يضرب بيد من حديد الرأى العام فى دوله.. ولا يلتفت إلى تعاطف شعوبه مع الفلسطينيين ورفضهم للإجرام الصهيونى فى قمع وكبت صارخ للحريات.. لتسقط أقنعة الحرية المزيفة وتجارة حقوق الإنسان التى يبتزون بها الدول.