“افتخروا ببلادكم”.. وأوباما يعظ.. والعالم ينتفض..!

الكاتب أ / السيد البابلي
ونعم لنا كل الحق في أن نفتخر ببلادنا.. أن نعتز بالإنسانية الكامنة في أعماقنا وفي مشاعرنا وفي قراراتنا وفي حياتنا.. وأن نفتخر بأننا البلد الذي يتقاسم مع الآخرين لقمة الخبز بسعادة وفرحة رغم المعاناة والأزمات والصراعات الحياتية.
فرغم كل الحديث عن أزمات اقتصادية وعن متاعب ومصاعب مع الدولار وصندوق النقد.. وعن إجراءات للتقشف وتخفيف أحمال الكهرباء فإن المساعدات الإنسانية المقدمة من مؤسسات ومنظمات أهلية مصرية إلي أهالينا في قطاع غزة وصلت إلي خمسة آلاف طن من إجمالي كل المساعدات العالمية إلي غزة التي تقدر بسبعة آلاف طن وهو ما يعني أن المساعدات المصرية خمسة أضعاف ما قدمه العالم..!
وافتخروا ببلادكم التي تستضيف 9 ملايين مهاجر إليها من الدول العربية الشقيقة وترفض أن تتعامل معهم كلاجئين ولا تزايد عليهم للحصول علي معونات أو مساعدات دولية وإنما تتعامل معهم علي أنهم جزء من النسيج المصري بدون أي تفرقة في المعاملة أو الحقوق والواجبات.
وافتخروا ببلادكم التي لم تتردد في دخول ثلاثمائة ألف سوداني مؤخراً إلي مصر بعد فرارهم من الحرب في بلادهم لينضموا إلي ملايين من السودانيين في مصر استوطنوها ولن يغادروها أبداً.
وافتخروا ببلادكم التي قاومت وصمدت أمام الضغوط والإغراءات ورفضت التفريط في حبة رمل أو قطعة أرض من أراضي مصر المقدسة في تأكيد علي أن أهم وأقوي أسلحتنا هو الانتماء للأرض التي تمثل الشرف والكرامة.
وافتخروا ببلادكم التي تواجه كل هذه الظروف المعقدة والمتداخلة بكبرياء وشموخ واصطفاف وطني هائل يؤكد ويعكس قيمة وعظمة بلد كبير اسمه مصر.
*
والصحافة الأمريكية ومعها عدد من الصحف الأوروبية تثير تساؤلاً مهماً تقول فيه “لماذا ترفض مصر والدول العربية الأخري قبول لاجئين من غزة؟”.
والسؤال أو التساؤل لدي المواطن الغربي قد يكون بسيطاً ومحيراً إذا لم يكن علي علم بطبيعة الأحداث والتاريخ في المنطقة وإذا لم يكن ملماً بأبعاد القضية الفلسطينية.
أما الإجابة بوضوح فهي أن مصر لا يمكن أن تتواطأ في التطهير العرقي في غزة.. ولا تقبل أن يتم نزوح الفلسطينيين خارج أراضيهم لتصفية القضية الفلسطينية وكل السوابق التاريخية تؤكد وتشير إلي حقيقة واحدة وهي أنه عندما يضطر الفلسطينيون إلي مغادرة الأراضي الفلسطينية لا يسمح لهم بالعودة.. ولذلك فإن مصر لا تريد أن تكون شريكاً في مخطط إسرائيل بإلغاء المطالب الفلسطينية بإقامة دولتهم المستقلة.. مصر لا تتخلي عن الفلسطينيين في غزة.. ولكنها تحافظ علي حقوقهم وهذا هو الأهم.
*
وظهر في الولايات المتحدة الأمريكية صوت جديد يتحدث بعقلانية بعيداً عن الانحياز الأمريكي السافر لإسرائيل.. والصوت للرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما الذي قال “إن الجميع متواطئ إلي حد ما في الحرب الجارية”. وأضاف “أن ما فعلته حماس كان مروعاً وليس هناك مبرر له. والصحيح أيضاً أن الاحتلال وما يحدث للفلسطينيين لا يطاق.. وهناك أشخاص يموتون الآن ولا علاقة لهم بما فعلته حماس”.
وأوباما كان متوازناً في حديثه. فالكل متواطئ في وصول الأحداث وتطورها إلي هذا الحد.. ولكن الأهم الآن هو إنقاذ أرواح الأبرياء.. الأهم هو وقف نزيف الدم وقتل الأطفال.. فهذا ليس وقت الحساب وتحديد المسئولية.. هذا وقت وقف إطلاق النار وإنقاذ الأبرياء.
*
وإذا كان أوباما قد انتفض للحديث والتعليق فإن تصاعد الغضب العالمي أجبر الولايات المتحدة الأمريكية علي تقديم النصيحة لإسرائيل من صعوبة تحقيق أهدافها في غزة. فالمآسي الإنسانية هناك دفعت العالم الحر أو ما بقي من ضمير العالم الحر إلي الخروج في مظاهرات حاشدة في باريس ولندن وبرلين وواشنطن تدعو لوقف الحرب وإنقاذ الضحايا.. وهي مظاهرات كانت مفاجئة لصناع القرار في هذه الدول وقد يكون لها دورها أيضاً في إجبار واشنطن علي مراجعة مواقفها لأن الولايات المتحدة الأمريكية ستكون الخاسر الأكبر من انحيازها الأعمي لإسرائيل ولتقاعسها في إنهاء الحرب.. وصوت الشعوب سينتصر.
*
أما رئيس وزراء كندا جاستن ترودر فقد جانبه الصواب في حديثه واتصاله مع بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي وتأكيده دعم كندا لإسرائيل في الدفاع عن نفسها “وفق القانون الدولي”..!
ولا نعرف ما هو القانون الدولي الذي يتحدث عنه رئيس الوزراء الكندي الذي يجيز قتل الأطفال وهدم البيوت وضرب المستشفيات وتهجير السكان..!! عن أي قانون يتحدث رئيس وزراء كندا..!! الناس دي بتضحك علينا ولا علي أنفسهم.. ولا بيستهتروا بينا..!
*
وأقف معارضاً لكل حملات المقاطعة.. فهذه الحملات لن تضر بالشركات الكبري التي دعمت وأيدت إسرائيل.. هذه الحملات لن تضر إلا برجال أعمال مصريين وبخراب بيوت كثيرة من العمالة المصرية.. والعقل يبقي دائماً فوق العواطف.
*
وإلهي أغلقت الملوك أبوابها وبابك مفتوح للسائلين.. غارت النجوم ونامت العيون وأنت الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم. اللهي عافي كل مريض. وارحم كل ميت وفك كل أسير. واشرح صدورنا ويسر أمورنا. واجعل هذه الأيام فرجاً لكل صابر واستجابة لكل دعاء.
*
وأخيراً:
** لا أتجاهل أحداً. ولكن حين أختنق أبتعد.
*
** والمسافات مطلوبة في هذه الحياة
ونصيحة لا تقرب أحداً ولا تبعد أحداً.
القلوب هي التي ستفعل.
*
** وهكذا هي الحياة. وهكذا نظل.
*
** ولا أحد يمتلك حياة كاملة
ولا قلباً خالياً
ولا رأساً خفيفاً من الأعباء
ولكن هناك من يدعو الله ثم يتوكل
ويبتسم.