قالت صحيفة The Washington Post الأمريكية إن اكتشاف سلالات كورونا الجديدة المتحورة أشد عدوى من فيروس كورونا في الولايات المتحدة قد يدفع خبراءُ الصحة العامة الأمريكيين إلى الحث بدرجة أكبر على تعزيز الأقنعة القماشية البسيطة التي أصبحت درعاً أساسية للحد من انتشار الفيروس أثناء الوباء.
الصحيفة تشير إلى أن تعزيز القناع قد يكون بسيطاً مثل الاستعانة بقناع ثان إضافي إلى جانب ذلك الذي ترتديه بالفعل، أو الأفضل من ذلك ارتداء قناع من القماش فوق قناع طبي. فيما يقول بعض الخبراء إن الوقت قد حان لشراء الأقنعة الأعلى جودة، مثل قناع KN95 وقناع N95، التي كان سعي المسؤولين للحفاظ على إمداداتها للعاملين في مجال الرعاية الصحية قد دفعهم لفترة طويلة لصرف الأمريكيين عن شرائها.
في هذا السياق يقول توم فريدن، المدير السابق للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها “إن وجود سلالات أشد عدوى من الفيروس يعزز أهمية العمل على زيادة احتياطاتنا وعدم الاكتفاء بفعل نفس الشيء، بل تحسين ما كنا نفعله نحن أيضاً”.
على هذا النحو، ذهب الدكتور أنتوني فاوتشي، كبير خبراء الأمراض المعدية في الولايات المتحدة، إلى الترويج لارتداء قناع إضافي خلال ظهوره مع برنامج Today، إذ قال إن طبقتين من القناع “تستقيمان بالفعل مع التوقع العام بأنهما أشد فاعلية” في الوقاية من انتقال عدوى الفيروس.
ومع ذلك، فقد عاد فاوتشي خلال ظهوره على شبكة CNN ليبدو أنه قد تراجع عن دعوته السابقة ويشدد بدلاً منها على اتباع الإرشادات المعلنة لمراكز مكافحة الأمراض، والتي لا تدعو إلى ارتداء قناعين أو أقنعة N95. وكانت المديرة الجديدة لمراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها، روشيل والينسكي، التي ظهرت إلى جانب فاوتشي، قد حذرت من أن أقنعة N95 غير مريحة للارتداء وقد تُثني مستخدميها عن ارتداء الأقنعة تماماً إذا توسع نطاق الاستعانة بها بين عموم الناس.
من جانبهم، يحث مسؤولو مراكز مكافحة الأمراض الأمريكية على اختيار أقنعة مناسبة مع “طبقتين أو أكثر من القماش القابل للغسل وإتاحة التنفس على نحو طبيعي”، وتجنب الأقنعة الجراحية وأغطية الوجه الأخرى المخصصة للعاملين في مجال الرعاية الصحية.
من جهة أخرى، كان الرئيس الأمريكي الجديد، جو بايدن، قد تبنى الأقنعة بوصفها استراتيجية أساسية للحد من انتشار الوباء، وفرض ارتداء الأقنعة في المطارات وجميع المباني الفيدرالية. لكنه لم يطالب حتى الآن بمخصصات لإنتاج المزيد من الأقنعة الطبية أو كميات كبيرة من الأقنعة عالية الجودة.
على الجانب الآخر، تنقل الصحيفة عن بعض خبراء الصحة العامة قولهم إن الحكومة الفيدرالية كان يتعين عليها إعطاء الأولوية لفتح المجال أو الشروع في تصنيع أقنعة أفضل في وقت مبكر، حتى لا يقع الأمريكيون في موقف الاضطرار إلى تدبير أمورهم بأنفسهم أو السعى فردياً لتعزيز أقنعتهم.
تأتي هذه التحذيرات في وقت تتسابق فيه الدول للحصول على لقاحات كورونا، وإتمام عملية تطعيم الشعوب، إلا أن انتشار سلالات جديدة من كورونا يبدو أسرع من عجلة اللقاحات، ما يجعل العالم مقبلاً على أيام خطيرة، إذ تشير تقديرات أولية إلى أن بعضاً من هذه النسخ المتحورة قد يكون أشد فتكاً مثل الفيروس البريطاني، وأخرى قادرة على مراوغة اللقاحات مثل الفيروس البرازيلي.
فقد أثار رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الجزع مجدداً، عندما قال إن الأدلة المبكرة تشير إلى أن نوع فيروس كورونا الذي ظهر في المملكة المتحدة قد يكون أكثر فتكاً، ويعتقد الآن أن هذا الفيروس المتحور أحد أسباب ارتفاع الوفيات في بريطانيا في الموجة الحالية، التي تخطت الـ100 ألف.
يذكر أن النوع البريطاني من النسخ المتحورة من فيروس كورونا تبين أنه ينتشر بين 30% و70% أسرع من النسخ الأقدم، إذ قدر العلماء أن النسخة البريطانية المعروفة باسم B117 تكرر نفسها أسرع مرتين من السلالة التي ظهرت من ووهان، وتلتصق بالخلايا بشكل أفضل، بفضل الطفرات التي حدثت لها.
في الوقت ذاته وجدت دراسات هذه النسخة في البرازيل، وخاصة في ريو دي جانيرو، في وقت مبكر من يوليو، اكتشفها باحثون في اليابان في مسافرين قادمين من البرازيل. تحتوي النسخة البرازيلية على أكثر من 10 تعديلات، تم العثور على العديد منها في بروتين شوكة الفيروس، الذي يربط الفيروس بالخلية، لهذا السبب يعتقد الباحثون أن السلالة ربما تكون أكثر قابلية للانتقال.
أما في جنوب إفريقيا فقد تم التعرف على طفرة جديدة في أكثر من 20 دولة، بما في ذلك كندا وأستراليا وإسرائيل، ولكن ليس في الولايات المتحدة.
وجد العلماء أن هذه الطفرة تشترك في بعض أوجه التشابه مع الفيروس المتحور في المملكة المتحدة، ومنها أنها أكثر قابلية للانتقال من النسخ القديمة.
كما لا يوجد دليل على أن هذه النسخة أكثر فتكاً، ولكن اقترح سكوت جوتليب، المدير السابق لإدارة الغذاء والدواء بالولايات المتحدة، أن هذا البديل قد يكون أكثر مقاومة للعلاجات بالأجسام المضادة