مريم عرجون تكتب : سنة العدل في شريعة الغاب

بقلم الكاتبة الجزائرية – مريم عرجون 

الاستنباطات الزائفة التي أفرزتها رِيَبٌ عقلية من أَطْلال الحضارات المتصارعة بسبب سيادة نظام الغزو تبلورت عن إِعْتِلاء جنس على الآخر، تعصب عرقي و ذِمَّة خاطئة لمنح حقوق أفضلية أو امتيازات لجماعة بشرية على حساب الأخرى، نظام يحق فيه للسيد الشراء والبيع حيث يباع ويشترى فيه العبيد رجالا ونساء شأنهم شأن أي بضاعة مادية، إنها صورة المعاملة غير المتضارعة و العنصرية الصاخبة كالشمس و بجلاء و تَرَاءٍ بلا تفريق ولا تمييز إنجلى المُستَهَلّ الغريب على الجاهلية تحت وَقْع هذه التفرقة المُسْتَبِدّة فزعزع الدين الحنيف أسس العنصرية و أَرْدَى فوارق وصمة الدناءة نازَعَها و عتقنا من ظلمات الغَفْلَة والرُعُونَة ، وأعظم إِجْلال من الله للإنسان قد ناف به إلى حد أن أسجد له الملائكة كما قال تعالى : (إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين ،فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ، فسجد الملائكة كلهم أجمعون).

سجدة للعقل الذي لا يدركه الشيطان، إنها النَبْعَة الواحدة سُلَالَة مِّن طِينٍ و مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ نظرة التساوي وسنة العدل في شريعة الغاب الغافية في بطون التاريخ ذو وجهة مجردة و لا آصرة له في عالم الإبتلاء بمقاييس التفضيل الإلهي بين العباد و ليس هنالك مجالا للتمايز على أساس اللون أو العرق فَلِلَّـهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ و مِنْ آيَاتِهِ اخْتِلَاف أَلْوَانِكُمْ وآيَات لِّلْعَالِمِينَ أزْهَقَت العنصرية ، الطبقية ، النعرات و إستئصلت مظاهر التفرقة حين أَنْشَأَ الناس كلهم نظائر إلا بميزان التقوى فإن ربكم واحد وإن أباكم واحد ويوم لا تصاغ الفوارق، فالكل أمامه سواسية في جنسهم فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ والحقيقة أنه يوجد سوى جنس بشري واحد مرهون بأن يكون كنفس واحدة في حضارة عالمية متنوعة وإن الإقرار بوحدة العالم الآدمي في العالم المتقدم هو الترياق أَجْدَى لسُقْم العنصرية الذي يرج وتراً صَدَّاحا يُثِيرُ الانْفِعَالَ وَالتَّأثُّرَ في أغَوار الروح، فاقْرَأْ كَتَابَكَ وابحث عن الحقيقة لا عن الجمال كَفَىَ بِنَفْسِكَ حسيبا فكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه و في ضواحي الفكر الذي يمزق الملاءات عبر هذه الحياة الصاخبة، كل وجه معجزة، ذو بشرة سوداء البرونزية ذو بشرة البيضاء الوردية، الناس بنو آدم مرهونا من طبقات متعددة ، وآدم خُلق من تراب.

Exit mobile version