تشتهر مصر بالكثير من الطقوس الفريدة والمميزة لهذا الشهر الكريم، التي دائماً تعطي للمحروسة طابعاً خاصاً بها خلال الشهر الكريم، ومنها “الخيم الرمضانية”.
وعُرفت الخيم الرمضانية في القاهرة في العصر الفاطمي، في القرن العاشر، وكان يطلق عليها اسم “بيت الشعر” وكانت تضم مسابقات وحلقات ذكر وتواشيح دينية بالإضافة إلى تقديم الأكلات الشعبية المصرية المرتبطة بذلك الشهر.
وفي هذا السياق، أشار الدكتور طارق منصور، أستاذ التاريخ ووكيل كلية الآداب بجامعة عين شمس، لـ”العربية.نت” إلى أن الخيم الرمضانية هي مظهر من مظاهر الاحتفاء بشهر رمضان الكريم في مصر، ولا يوجد له نظير في أي دولة أخرى، حيث يحيي المنشدون فيها ليالي الشهر الكريم والذكر والابتهال والأناشيد الدينية وغيرها، وكان المصلّون بعد الانتهاء من صلوات التراويح يقضون شطراً كبيراً من الليل في تلك الخيام حتى حلول موعد السحور ثم صلاة الفجر.
وأضاف: “وبهذا ينتهي ليل رمضان ما بين الصلاة والذكر والعبادات مع تناول السحور. غير أنه في العقود الأخيرة من القرن العشرين تم ظهور نوع من الخيام الرمضانية الترفيهية، بهدف الترويح عن المصريين بتقديم الفولكلور المصري المحبب للمصريين، فكنا نستمع فيها لكبار المطربين مثل محمد عبدالمطلب أو شفيق جلال أو عمر الجيزاوي وغيرهم، في إطار روحاني محبب للمصريين يخلو من الإسفاف أو الخروج عن المألوف تقديراً لحرمة الشهر الكريم. كما شارك في هذه الخيم الكثير من مشاهير النجوم المصرية، منهم أم كلثوم، ومنيرة المهدية، والشيخ على محمود.
وانقسمت ليالي رمضان في هذا الوقت إلى 3 أقسام على حسب الأيام العشرة الأوائل من رمضان، خُصصت للشيوخ المشهورين في ذلك الوقت أمثال الشيخ صدّيق المنشاوي الكبير، كما خصصت العشرة الثانية للمغنيين الشعبيين الذين تخصصوا في غناء الفولكلور والمأثورات الغنائية، أما العشرة الأواخر من رمضان فقد اعتاد الناس أن يستمعوا لكبار الفنانين المشاهير في ذلك الوقت مثل منيرة المهدية وأم كلثوم.
واستمرت الخيم الرمضانية على ذلك المنوال حتى تم إدخال ندوات أدبية بها، وقد شاع وقتها وجود أحد رموز الفكر والثقافة أو أحد الشعراء في تلك الخيم.
أما الآن فما زالت بعض الخيم الرمضانية تسير على نفس الخطى القديمة وتقدم التواشيح الدينية وعروض التنورة”.
وتابع الدكتور طارق لـ”العربية.نت” أن من أشهر الخيام تلك التي كانت تُقام في منطقة الدرّاسة بالحسين بمحافظة القاهرة. كما كانت تنتشر الخيام الرمضانية هذه في مناطق أخرى من الجمهورية، وإن كان قد غلب عليها طابع الإنشاد الديني والمواويل مع فقرات للإنشاد الصوفي والتنورة وغيرها.
وأضاف أن طرز الخيام بالشكل الذي نراه عليها من ألوان مبهجة يسيطر عليها اللون الأحمر مع الأبيض في تعشيقات بديعة إنما هي من قريحة الفنان المصري المبدع، والتي اشتهر بها الحرفيون العاملون في منطقة الخيّامية القريبة من حي الغورية بالقاهرة. ويسيطر على هذه الخيام عناصر الفن الإسلامي، والذي يتميز باستخدام الزخارف النباتية، والأشكال الهندسية أيضا. ومعظمها مصنّع صناعة يدوية، أو باستخدام أدوات الحياكة البدائية، نظراً لسماكة الأقمشة والتي قد لا تستقيم مع الماكينات التقليدية لحياكة الملابس.