بقلم الكاتبة الجزائرية – مريم عرجون
الحمدُ لله الذي به تُرفع الدَّرجات وبنعمته تتم الصالحات والصلاةُ والسلام على الرحْمة المهْداة، المغيث بالمعجِزات، المبعوث رحْمةً للعالَمين، سيدنا محمَّد، وعلى آلهِ وصحْبه أجْمعين.
بعيدًا عن العالم وكل ما يحمله من سياسة ،اقتصاد وثقافة دعونا نجوب بآفاق النفس البشريّة التي أنهكتها الحداثة الْمُتَرَسِّبَةِ وعن العالم المُسْتَتِر المتواري عَقْبَ أزمة كورونا التي إِرْتاعَت النفوس ببطشها الرهيب الغريب ، دعونا نحلِّقْ بالأمة الإسلامية القاطبة إلى مطلع نور قَدَّرَهُ مَنَازِلا بَشِيرا للقُلُوبِ يتألق بمَحْفِل الصَّفْحِ الذي ينْهَمل بِكُلِّ مثوى و إلى هَمَاهِمُ السَعَادَة و نفحات الشهر المَضَّاء سيد الشهور ، شهر الرحمة والعتق والغفران و عتق الفكر و العقول من غرور الدنيا و رَوْنَقها الصُوَرِيّ ،تلك الأَيَّام المَّعْدُودَات مَنَّ الله لا يحرم من خيرها الا مرحوم ذات الروحانية العجيبة الباعثة بالهدى للناس والبينات في النفوس من إيمان و قوة ، شهر الإتصال مع الوجدان و صقَل همم العُبُّاد والزُّهُّاد تتورم له أقدام المتهجدين النَاسكين الذين تَعْبَقُ أَنْسَامُهم المتدفقة بعطر رمضان فِي كُلِّ وَادٍ فَضْلًا لا يعرفه إلا العشاق الذين يحتضنون موسما تعبديا دينيا بطقوس مختلفة من بلد لآخر ومن شعب لآخر أُولئِكَ الذين تربطهم أواصر العقيدة الإسلامية السَخيَة بشواهد توحي بوجود الروح الإيمانية المعتادة في الاحتفاء برمضان المُضفًى بنورِ يُصحي في قلوب المتعبدين والصالحين فيض من البهجة والفرحة و معاني رحلة البحث عن التماسك والتكاتف بل سوافِرُ البحث عن مبتغى الحياة الحقيقي من وراء ما يتميز به صوم رمضان من الهجرة إلى الله أناء الليل وأطراف النهار، ليالي القرآن وأيام الفرقان إلى الجهاد المحبوب بالرسالة السامية للبشرية التي فرضت على الذين من قبلنا لتزكية النفوس، وفي هذا من الفضل لفيض من الخير والبركة ما لا تبلغ مداه العقول وهو فضل ليلة خير من ّألف شهر تُفتّح أبواب الجِنان و فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ، رمضان حبل الله المتين ضيف يجود بقطوف دانية على مشارف ديار المؤمنين مبعثاً لكوامن الشعور رحمة وبرٌّ يغسل الذنوب، ويطهر القلوب ويزكي ويشحذ النفوس بمغانمه التي تبلغنا مقامات التقوى لله و تبيض صحائف الذاكرين التائبين الصائمين.
إن هذا الدين الذي ختمه سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام لخير أمة أخرجت للناس،جعل رمضان بابا ريانا يلوح في الأفق مناخا قديسيا لأمة أثقلتهم الآثام والمعاصي فاللهم وفقها لهداك، وإجعل عملهم في رضاك، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.