احمد عفيفي يتذكر / بابا عبده : بقينا انتيكا .. دقي يامزيكا!


هو يعني عشان فنان كوميدي كبير .. مش ممكن تلاقيه في لحظة ما .. حزين وبيعيط؟
لأ ممكن جدا .. وشفت بنفسي دموع عبد المنعم مدبولي وانا معاه في غرفته بالمسرح قبل رفع الستارة .. كانت على ما أذكر مسرحية ” راجل مفيش منه ” بعد ماكوّن فرقة المدبوليزم ، لكن كنت رايح له بعد مسلسل ” بابا عبده ” ماكسّر الدنيا في مصر .. وخدت معايا ” نهى ” بنت اختي وكان عندها 4 سنين .. كانت على طول تغني بابا عبده والمسلسل شاددها ع الأخر .. قلت لها : عارفه يانهى انا رايح اقابل مين دلوقتي ؟ .. مين ياخالو ؟ .. بابا عبده .. بفرحة واندهاش : بجد ياخالو .. طيب لو بتحبني صحيح خدني معاك .. نفسي اشوفه.
اخدتها ورحنا .. وقابلنا الاستاذ قبل الستارة بساعة .. شاف نهى وسألني : بنتك؟ .. لا يا استاذ .. بنت اختي .. وصممت تيجي معايا لمّا عرفت اني جي اقابل حضرتك.
خدها في حضنه بحنان أبوي جدا وسألها : انتي تعرفيني ياقمر ؟ ردت : انت بابا عبده .. انا بحبك اوي.
راح قايل لها بعد ماباس ايديها : وشفتي بقى ياحلوة ولاد بابا عبده عملوا فيه ايه .. بعد مابقى عجوز وكركوبة .. اوعي لمّا تكبري تعملي كده مع بابا اوماما.
ولقيت عينه مدمّعة ، وهو حاضن نهى وبيدّيها شوكولاته.
مالك يا استاذ .. ؟
رد وهو بيمسح دموعه : لا مفيش .. بس هما كلمتين قلتهم للأمورة الصغيرة عشان يبقوا حلق في ودانها لمّا تكبر .. ودي الرسالة اللي عايز اوصلها من خلال المسلسل.
انا تحت أمرك .. عايز تسألني في ايه؟
سألته : هو الجيل الجديد يا استاذ ناكر للجميل غير جيلكم ايام زمان؟
رد : شوف .. مفيش واحد مبيحبش ابوه ولا أمه .. بس الحب مش كلام ولا سلعة بتروح تشتريها من البقال .. الحب عطاء واخلاص وتفاني وتواضع واندماج الكل في واحد .. بس مفيش كلام .. الظروف الايام دي مختلفة عن ايامنا .. عقول الناس اتغيرت .. ومبقاش للأب نفس الاحترام بتاع زمان .. الولاد بقوا في وادي والاب والام في وادي تاني .. اول الابن ما يستغنى عنك ماديا بتموت عنده احاسيس الأبوة .. مش كلهم طبعا .. لكن معظم ابناء هذا الجيل بقوا كده.
قلت : لكن عفاف بنتك ” أثار الحكيم في المسلسل ” مختلفة .. اكتر واحدة بتحبك ومرتبطة بيك .. واصرارك على جوازها من ابن عمها الميكانيكي ضربة جامدة لاخوها الدكتور والتاني الصحفي.
رد : ابن عمها الميكانيكي احسن من اخوها الدكتور المتعالي اللي ممكن يخالف ضميره والقسم اللي اقسمه قبل التخرج ويستغل المهنة في التربح من مخافة القانون .. واحسن من الصحفي اللي بياخد مقالات الكتّاب الصغيرين ويحط عليها اسمه.
قلت : عشان كده سيد حجاب قال في تتر المسلسل : دنيا ولا صندوق الدنيا .. فيها ناس ألماظ ناس المونيا .. ومُثل عليا ومُثل دنيا .. ناس ياخدوا وناس يدوا ماياخدوا.
رد : شفت جمال الكلمات والمعنى وموسيقى العبقري عمار الشريعي؟
…………………
جوّاك يا استاذ مدبولي انسان تاني غير اللي نعرفه .. الكوميديان الرائع اللي بيسعدنا .. انت ليه حزين يا استاذ؟
رد : مش حزين .. لكن انسان .. مش معنى اني بضحكك على المسرح او في مسلسل .. اني حاقولك نكت دلوقتي واحنا قاعدين .. وعلى فكرة خدها قاعدة .. اعظم الكوميديانات لو بصيت جواهم حتلاقي ألم ودموع .. عشان كده بيغالوا اوي في إضحاك الجمهور .. بس عارف ليه ؟ .. عشان يقللوا او يقتلوا كمية الحزن اللي جوّاهم.
………………….
الحوار اخد دفة تانية يا استاذ مدبولي .. انا كنت عايز اكلمك عن ” ساعة لقلبك ” وحالة حب .. ويبقى حوار مبهج.
رد : عارف برنامج ” ساعة لقلبك ” اللي كان مكسر الدنيا في الاذاعة .. فكرته اساسا ومن تسميته ، تحس انه بيقولك : ارمي الجزن اللي جواك شوية واضحك معانا من قلبك .. ولو ساعة .. انت فاهم عمق المعنى ؟ ساعة واحدة لقلبك و23 ساعة لشجونك وأوجاعك. هى الدنيا كده يا استاذ.
” نهى بنت اختي نامت واحنا بنتكلم .. شالها بنفسه ونيمها على فوتيه وغطاها ” .. وقال لي : كويس انها نامت .. صغيرة اوي انها تدرك الحقيقة.
…………………..
عشان كده يا استاذ مبدولي مكنش غريب ابدا من المخرج حسين كمال انه يختارك في فيلم ” مولد يادنيا ” .. سواق الحنطور .. وكأنه اكتشف فيك انسان موجوع كسره الزمن وغلبه وبهدله.
رد : ده صحيح .. انا نفسي استغربت .. ازاى شاف فيّا اني ممكن أخلي المشاهد يبكي .. وانا اللي طول عمري بضحّكه.
قلت : الأغنية هايلة ومعبرة اوي عن الحالة .. ابدع مرسي جميل عزيز في كتابتها وكان كمال الطويل رائع كعادته في اللحن.
يرحم زمان وليالي زمان .. الناس يامتهني .. يافرحان
بصوته الجميل المعبر قال ورايا :
الدنيا كانت وردة وشمعة .. ولسه ما اخترعوش احزان.
قلت : الاغنية حلوة اوي .. انا حافظها .. نكمل مع بعض ؟
رد : صدقني ياصاحبي صدقني .. طول عمري كان ولا شىء يلحقني .. دلوقتي قال حتة مرسيدس .. تسبقني وتعفر على دقني .
قلت بعده : أه يازمان العبر .. سوق الحلاوة جبر .. احنا اللي كانوا الحبايب بيسافروا بينا القمر.
فرد مُنهيا الأغنية والحوار : بقينا انتيكا .. دقّي يامزيكا !!
…………….
أسعدتني يا استاذ
رد : أبكيتني يارجل!!

Exit mobile version