دكتور / عمرو الليثى
بعد نكسة يونيو عام ١٩٦٧ التى أدت إلى احتلال الضفة الغربية وسيناء والجولان.. كانت العقيدة الراسخة عند القيادة السياسية فى مصر أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، وبدأت عملية إعادة بناء القوات المسلحة وبدأت ملحمة عظيمة لا تقل فى قوتها عن حرب أكتوبر ألا وهى حرب الاستنزاف التى بدأت فى نفس شهر الهزيمة بمعركة رأس العش، وتوالت بطولات الجيش ورجاله إلى عام ١٩٦٩ عندما تم تكليف الضفادع البشرية بتدمير سفن الإنزال الإسرائيلية بيت شفيع وبيت يام وضرب الرصيف الحربى.
ونجحت هذه العملية نجاحا باهرا مما دفع والدى ممدوح الليثى رئيس قطاع الإنتاج إلى إنتاج فيلم سينمائى يحاكى هذه العملية، وقد اختار الأستاذ ممدوح الليثى المخرجة الكبيرة إنعام محمد على لإخراج الفيلم، كما اختار الكاتب الكبير فايز غالى لكتابة السيناريو والحوار، وحرصت المخرجة على اختيار أبطال الفيلم مشابهين لأبطال العملية الحقيقية، لكنها اشترطت عليهم أن يجيدوا السباحة وبالفعل تم تجهيز الفيلم للتصوير وفوجئت أن الفنان محمد سعد لا يعرف السباحة وفكرت باستبداله بممثل آخر إلا أنه بكى وطلب إعطاءه فرصة لتعلم السباحة.
وكان من أهم مشاهد الفيلم مشهد وفاة الشهيد فوزى البرقوقى بعد تلغيم السفن الإسرائيلية نتيجة نقص الأكسجين، والذى أدى دوره فى الفيلم الراحل عبدالله محمود، وحكى لى الربان بحرى نبيل عبد الوهاب من أبطال العملية والذى أصر على أن يقوم بحمل جثمان الشهيد عائما مسافة ١٤ كيلو مترا، رافضا أن يترك الجثمان ينزل إلى الأعماق رغم أنه عرض نفسه بذلك لخطر محدق إلا أنه قال لى «مكنش ممكن أسيبه لوحده ولا كان ممكن أسيب العدو الإسرائيلى يمثل بجثمانه»، واستطرد قائلا «قلتله أثناء اندلاع الانفجارات بص يا فوزى شوف إنت عملت إيه.
انسابت الدموع من عين البطل نبيل عبد الوهاب وهو يتذكر تلك اللحظة التى عبرت عنها كاميرا إنعام محمد على بشكل صادق ورائع.. إن فيلم الطريق إلى إيلات هو نموذج للأعمال التى نحتاج مثلها لتبين لأجيال جديدة ماذا قدم آباؤهم من تضحيات فى سبيل تحرير أرض سيناء، وتذكر العدو الإسرائيلى أن الدرس الموجع الذى حصلوا عليه فى أكتوبر ٧٣ سهل جدا أن يتكرر إذا ما سولت لهم أنفسهم أن يستهينوا بمصر وبجيش مصر، وآن الأوان أن تدرك إسرائيل أن الشعب الفلسطينى الأبىّ أبدا لن يصمت على حقه فى أرضه المسلوبة.
وأنهم مؤمنون بنفس ما قاله جمال عبد الناصر منذ أكثر من خمسين عاما (ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة) ما دامت الدبلوماسية لم تجن ثمارها، وسدت إسرائيل آذانها عن صوت الحق وحق الفلسطينين فى أرضهم المحتلة، واستمرّت الغطرسة الإسرائيلية الكاذبة المدعومة زورا وبهتانا من الغرب، واستمروا فى قتل الأطفال الأبرياء العزل والنساء والشيوخ دون وازع من ضمير أو رحمة.