الكاتب أ / يسري السيد
يبدو أن شهر أكتوبر سيتحول إلى كابوس في إسرائيل بعد 6 أكتوبر من 50 عاما في حرب أكتوبر المجيدة 1973 ثم في 7 أكتوبر 2023 في غزه، والمصادفة تصر على الحضور رغم تزحزح التاريخ يوما في العدد لكن توحد اليوم في المسمى والمناسبة وهو يوم السبت وهو عيد الغفران لدى اليهود.
يعنى مثلما حولوا بعض أيامنا إلى كوابيس استطاع المصريون والسوريون وبعدهم الفلسطينيين في قطاع غزه بعد 50 عاما أن يحولوا شهر أكتوبر من كل عام وعيد غفرانهما إلى كابوس سنوي متجدد وتذكير على أكبر حادث سرقه لوطن مغتصب من أهله
• ولمن يستغرب وأنا منهم (مازالت عندي القدرة على الاندهاش) من هذا الحشد والدعم الغربي العسكري والسياسي والاقتصادي الا محدود لإسرائيل في حربها على غزه، وغض الطرف عن سبب المشكلة الأساسي بأن هناك وطنا مغتصبا وشعبا مشردا، ومن بقي أعزل ومهدد بالقصف والموت في كل لحظة
• علينا أن نعيد قراءة التاريخ وربطه بالحاضر ليزول سبب الاندهاش لأنه لا يمكن أن تأتي الأساطيل الأمريكية والبريطانية وحاملات الطائرات… إلخ من أجل مواطني عزل في مصيده اسمها” الوطن”، ولكن الهدف واضح هو اعاده رسم خريطة الشرق الأوسط الجديد وتنفيذ صفقة القرن بالسيوف الحديدية بعد أن رفضها الحكام والشعوب صراحة أو ضمنا، بالأضافه طبعا لترويع من يفكر فى التدخل فى الصراع
• ولو كنت من أمين الجامعة العربية والقادة العرب ووزراء التعليم ورؤساء الجامعات وعمداء الكليات والمعاهد المختلفة لجعلت كتاب المفكر العالمي رجيه جارودي “الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية” كتابا مقررا على طلابنا وهو الكتاب الذي دفع حريته ثمنا لفضح الأساطير المؤسسة للسياسة الاسرائيله… ما أحوج طلابنا وأولادنا وأجيالنا في العالم العربي والإسلامي أن يعرفوا الحقائق بعيدا عن الخطب الرنانه الجوفاء من جهة أو الأكاذيب التي تجيدها آلة الدعاية الصهيونية، ومن وحي هذا الكتاب اكتب هذه الخواطر والاستشهادات
عقدة الذنب
• في البداية إذا كان البعض يفسر الحشد الغربي إلى الشعور بعقدة الذنب لدى الأوروبيين عامة والألمان على وجه الخصوص من “الهولوكست” أي المحرقة التي أقامها الزعيم الألماني هتلر لليهود وغيرها من الأساطير الصهيونية فعلينا أن نسترجع بعض الحقائق والأرقام لنكتشف زيف هذا الشعور… على سبيل المثال:-
1. إذا كان الألمان يشعرون بالذنب للدرجة التي يمنعون فيها أي متظاهر يرفع العلم الفلسطيني، ومثلهم بعض الدول الأوروبية لماذا لا يفتحون باب العودة للأولاد والأحفاد للرجوع إلى موطنهم الأصلي (ألمانيا آو بولندا أو بعض الدول الأخرى) وتعويضهم عما حدث لأجدادهم بدلا من علاج هذه العقدة بعقدة أخرى قد تكون أشد إذا عادت يوما ما “غدة الضمير” للعمل مرة أخرى، وهي الدعم اللامحدود في الاستيلاء على وطن، وطرد أهله منه (الفلسطينيون)
2. والمهم أيضا لماذا لا تمنح أمريكا مساحة من أرضها للصهاينة من المساحات المترامية عندها لأقامه وطن لهم، رغم أنها في هذه الحالة لن تخرج عن السياق وتفعل ما فعله بلفور في وعده الشهير بمنح أرض ليست له لجماعات لا حق لهم، يعنى من لا يملك أعطى من لا يستحق، فالأرض في الكيان الأمريكي ملك للهنود الحمر وأغتصبوها منهم ولا يعنى الأمر شيئا أن تعطى الأم المغتصبة جزءا مما اغتصبته لابنتها إسرائيل
3. إذا كانت المحرقة قد حدثت لليهود في أوروبا كما تقول إسرائيل وحلفاءها، فالسؤال لماذا تقصرون هذه المحرقة على اليهود فقط رغم أن ملايين غيرهم قد تعرضوا للتطهير العرقي مثلما تعرضوا، بالإضافة أن القليل من يهود أوروبا هم الذين سافرو إلى إسرائيل بعد هذا الاضطهاد، وإذا كان لهم بعض العذر فما هو العذر في استقدام الملايين من أفريقيا وآسيا في عمليات تهجير استيطاني حتى الآن رغم مخالفته للقوانين الدولية من جهة ومن جهة أخرى التهجير القسري المستمر لأصحاب الأرض
4. وإذا كان الأمريكان يقفون مع إسرائيل الآن فاعتقد أن السبب الأساسي يرجع أنها وليد لها، ورأس حربه ضد المنطقة كلها، إن لم توجد لأستحضروها وخلقوها كما يقول الرئيس بايدن نفسه “إذا لم توجد إسرائيل لأوجدناه” من جهة، ولأنها تكرار حديث لنفس السيناريو الأمريكي مع أكثر من 60 مليونا من الهنود الحمر اصحاب وسكان أمريكا الأصليين الذين تم قتلهم وتشريدهم وطردهم من بلادهم من أجل القادمين من أوروبا وباقي بلاد العالم ليقيموا الكيان الأمريكي على أرض ليست له، هو نفس السيناريو على أرض فلسطين، شعب بلا أرض وأرض بلا شعب
5. وإذا كان الضمير العالمي مستيقظا عند محرقة اليهود التي تم تضخيم اعدادها لتصل إلى 6 ملايين رغم أن اللوحة الموجودة في معسكر بولند ا الشهير” مليون ونصف “، وكانت 4 ملايين في البداية، وأي إنسان طبعا لا يؤيد جرح إنسان ، فمابالنا بحرقه ، لكن السؤال ماذا عن المحارق التي أقامها هتلر أيضا للملايين من الجنسيات والديانات الجري لا تجد من يدافع عنهم مثل الصهيونية
6. وإذا كانت أرض الميعاد هي الحجة التي يسوقها الصهاينة لليهود في العالم للقدوم إلى فلسطين، فلماذا يتناسى الجميع أن فلسطين لم تكن المكان الوحيد للصهيونية العالمية في ذهن ثيودور هرتزل مؤسس الصهيونية لأقامه وطنا لليهود القادمين من كل بلاد العالم فقد كانت هناك عدة أماكن مقترحه مثل أوغندا وقبرص وطرابلس والأرجنتين وموزمبيق والكونغو
7. يعنى حكاية أرض الميعاد خرافه صهيونية مثل خرافه المحرقة حتى لوأاعترفنا بجزء منها في إطار عنصرية الغرب وليس عنصريه العرب تجاه اليهود كما قال الرئيس عبد الفتاح السيسي لوزير الخارجية الأمريكي،
8 . إذا كان وخز الضمير يؤلم الغرب الآن، فلماذا ينام الضمير حول قتل أكثر من 100 مليون زنجي في الحرب ضد العبيد وضحايا الحرب العالمية الثانية التي تصل إلى أكثر من 50 مليون نسمة من بينهم 17 مليونا من السلافيين وكأن الهتلرية لم ترتكب فظائع إلا ضد اليهود فحسب وليست ضد الإنسانية كلها، وأين الضمير العالمي من ضحايا قنبلة هروشيما في اليابان وأكثر من 2 مليون في العراق وأفغانستان والصومال وفيتنام… إلخ راحوا نتيجة أكاذيب أمريكية وغربية
9 . أعتقد أن تحويل إسرائيل إلى دوله دينية على يد الصهاينة الجدد في إسرائيل وأمريكا وأوربا الآن قد بالغوا في تطرفهم عن تطرف جدهم ثيودور هيرتزل مؤسس الصهيونية الذي أكد أن الصهيونية مذهب سياسيي استعماري لا ديني وقومي، ولد من النزعة القومية الأوروبية وليس من رحم اليهودية بدليل أقوال هرتزل: إننا لا أخضع لأي وازع ديني وان مشروعي مشروع استعماري وبدليل قبوله لأي مكان مثل الكونغو وموزمبيق والأرجنتين… إلخ لا قامه وطن لهم
10. لا بد من البناء الفكري على آراء العديد من أصحاب الضمائر في الديانة اليهودية الذين يفصلون بين ما يحدث وبين الديانة اليهودية مثل الحاخام هيرش الذي قال إن الصهيونية تريد أن تعرف اليهودية بأنها كيان قومي… وهذه بدعه!!
11. اذا كان هرتزل وآخرون استغلوا اسطوره العودة إلى واقع تاريخي و أن فلسطين هي وطننا التاريخي الذي لا ينسى للتعبئة ، والحشد الشعبي لمشروعه في أقامه وطنا لليهود في فلسطين يكون السؤال:-
إذا كان من حق من عاش أجداده في مكان بضع سنين أن يطالب بحقه في المكان، فلماذا لا يطبق العرب ذلك في الأندلس وأوروبا وكل البلاد التي فتحوها واستقروا فيها مئات السنين، ومثلهم في ذلك العديد من الشعوب التي احتلت أو استعمرت أو اغتصبت أوطانا في سالف الزمان، أليس حقهم الآن طبقا للنظريات الإسرائيلية والغربية الآن أن يطبقوا هذه النظريات على أوطانهم القديمة؟!
• لقد تعلم الصهاينة الجدد من هتلر أن التاريخ لا يسير وفق مشيئة الروح ، لكن يسير وفق مشيئة القوة و بوسع الشعب إذا كان قويا أن يقتل كيفما شاء دون خوف من العقاب!!
• ويفعلون!!