الكاتب أ / عبد الوهاب عدس
مازالت النفس البشرية .. لغزا محيرا .. فنحن كثيرا ما نتساءل .. كيف نحب .. وكيف نكره .. والعجيب ان ما بداخل النفس البشرية .. لا يتغير منذ خلق الله الانسان وحتى اليوم .. مثل الحب والكراهية والانتقام والحقد والحسد والعطاء والكرم والبخل .. ونحن مهما حاولنا ان نفسر هذه الاحاسيس لا نستطيع أن نصل الى حقيقتها .. لكننا نرجعها الى الفطرة التى يولد بها الإنسان .. بداية فإن الانسان عندما يولد .. يتصل بالعالم الخارجى الذى يحيط به عن طريق الحواس الخمس .. السمع والرؤية والشم واللمس والتذوق .. ولكن ماذا عن عالم ما هو داخل النفس البشرية .. قد يكون الإلهام او الاحساس .. مثلا الانسان يحب شخصا ما او يكره شخصا ما .. او شيئا ما .. دون أن يكون لذلك سبب حسى معروف .. وبداخلنا اشياء تصنع لنا شعورا معينا .. هذا الشعور نحس به ونعرفه تماما ولكننا لا نراه بحواسنا .. كالحب مثلا وايضا الكراهية .. فلا احد يستطيع ان يصل الى الحاسة التى تسبب الحب .. او التى تسبب الكراهية .. لكن فى نفس الوقت .. فإن الانسان له ملكات وغرائز وشعور والهام .. تحرك النفس البشرية وتأثر فيها .. وهذه الغرائز والملكات والالهام .. وضعها الخالق العظيم داخل النفس البشرية منذ لحظة ولادته .. فالطفل يحس بالجوع والعطش ..ويعبر عنهما بالبكاء .. قبل ان يستطيع ان يستخدم حواسه فى اكتشاف العالم الخارجى .. وهو ايضا يحس بالحنان والدفء .. والحب والكره والقسوة والرحمة .. وهى اشياء توجد فى داخل نفسه .. منذ لحظة ولادته .. اما باقى الحواس فقد تنتظر اسابيع او حتى شهور .. حتى تؤدى مهمتها .. ومن العجيب .. كما يقول فضيلة الشيخ متولى الشعراوى .. ان النفس البشرية .. عبارة عن أحاسيس لا نستطيع أن نحللها بدقة .. ولا ان نصل اليها لنعرف ما هى .. فإن هذه النفس تحس احساسا يقينيا بوجود الله سبحانه وتعالى .. فاسم الله مثلا .. شئ لا تدركه الحواس الخمسة .. لأنه اكبر من قدرتها .. لكن تدركه حاسة داخل الانسان .. حاسة غير مرئية .. من هنا فإن كلمة الله التى هى فوق قدرة الحواس الخمس .. الإذن تفهمها عندما تسمعها .. ولا يمكن الإذن ان تفهم شيئا لا يوجد اصلا داخل النفس البشرية .. بحيث يكون التصور هنا ليس غريبا تماما على هذه النفس .. انه معروف لها بشكل لا نفهمه نحن .. ولكنه معروف .. فعندما يذكر لنا احد اسم الله .. فإن الذى يقفز الى عقولنا .. هو وجود قوة خارقة هى التى اوجدت هذا العالم .. وهذه القوة خارج نطاق العقل .. بل وخارج نطاق الحواس .. من هنا يأتى ما فى داخل النفس وهو الإلهام .. او الشعور .. لتقول لنا ان هذه القوة بالرغم من انها فوق مستوى العقل والحوار .. موجودة داخل النفس البشرية .. والنفس تفهم وتحس وجودها .. وهذا ما يؤكد .. انه يوجد شعور داخلى فى كل نفس بشرية لوجود الله .. ويبقى السؤال الذى يدق الرءوس بعنف .. كيف تنسجم النفس مع داخلها ويحدث السلام او الانسجام الداخلى .. ان عدم انسجام النفس مع داخلها كما يقول الشيخ الشعراوى .. يحطمها تماما .. بل ويقضى عليها .. لذلك فإن الإيمان بالله .. هو اقوى ما جاءت به الفطرة .. او الإلهام .. او الاحساس الداخلى الذى يجعل الانسان منسجما مع نفسه .. مطمئنا فى حياته .. فالشعور الفطرى الذى يولد مع النفس البشرية .. بأن الله موجود .. وأنه خالق كل شئ ومدير كل شئ .. يكون هذا الاحساس هو اقوى احساس فى داخل النفس البشرية وخارجها .. ولكن مادام يوجد داخل النفس البشرية ما يؤكد وجود الله .. فما الذى صنع هذا القلق فى العالم .. ولماذا يحاول بعض الناس .. ان يثبت وجود الله .. وبعض الناس ينكر وجود الله .. الحقيقة ان الذى صنع هذا هو ان الفلاسفة وكل من يحاول ان يخوض فى هذا الموضوع .. استخدم الخيال مكان المنطق .. ووضع التصور مكان التفكير .. فانطلق العقل الى الخيال .. ولابد ان نعترف بأن مدخل الشيطان الى النفس البشرية .. انه يقودها الى اشياء تبعده عن الإيمان بالله .. وتعمق فيه حب الخلود وحب المال .. والاخطر من ذلك هو ان الشيطان .. يضع الخوف فى النفس غير المؤمنة .. وان ليس هناك شئ فى يد احد غير الله سبحانه وتعالى .. ويكفى ان نسمع فى الحج اسم الله يتردد بجميع لغات العالم .. واذا ذكر اسم الله .. توحدت قلوبهم عند كلمة الله .. مع انهم غرباء تماما .. لكنهم متعارفون فى الله .. ان النفس البشرية لا ترضيها الحياة المادية وحدها .. ولا يسعدها المال فقط .. انها مزيج من الروح والمادة .. فإن اكثر الأمم تقدما فى الحياة المادية .. اعلاها فى نسبة الانتحار .. واذا كانت النفس البشرية لغزا .. فإنه توجد ثلاثة أنواع منها النفس الإمارة بالسوء .. والنفس اللوامة .. والنفس المطمئنة .. وهى التى اطمأنت الى ان الله حق .. تثق فى قدرة الله وقوته .. وبقى ان اقول ان النفس البشرية متعلقة بالله سبحانه وتعالى .. حتى التى ظلمها صاحبها فهى تتوق الى الله وتسعى اليه .. ترفع يدها الى السماء وتقول : يارب .