الكاتب أ / فهمي عنبة
بعد أن تخطى عدد الشهداء الفلسطينيين أكثر من ٠١ آلاف بينهم ٠٠١٤ طفل و٠٠٣٢ امرأة.. فلا تتعجب من قيام الأمهات فى غزة بكتابة أسماء أطفالهن على ساق وذراع كل ولد وبنت.. فهن يفعلن ذلك حتى يتم التعرف على جثثهم وأشلائهم عندما يتم استخراجها من تحت أنقاض المنازل بعد هدمها بسبب القصف الوحشى الذى لا يتوقف ليلا أو نهارا من الطائرات والمدافع والصواريخ الاسرائيلية!!
عجز العالم عن وقف اطلاق النار فى غزة.. رغم وجود اجماع دولى على ذلك أو على الأقل اتاحة هدنة انسانية لتوفير دخول المساعدات إلى السكان المحاصرين منذ سنوات ويتعرضون لحرب ابادة منذ أكثر من شهر!!
مازالت الولايات المتحدة تساند اسرائيل فى عدوانها بكل الوسائل العسكرية والسياسية والدبلوماسية.. وتبرر لها كل ما تفعله من جرائم حرب للقضاء على الفلسطينيين وتدمير غزة وحصارها ومنع المساعدات والماء والغذاء والطاقة عن أهلها.. حتى بدا الرئيس جو بايدن «بعد تراجع العديد من حلفائه عن التأييد السافر» وكأنه يقف وحده مع اسرائيل فى مواجهة العالم.. خاصة وقد تخلى الرئيس الأمريكى عن العدالة والموضوعية وحقوق الانسان وأيد خرق القانون الدولي.. لدرجة ان هناك من ينظر إلى تصريحاته المؤيدة للصهيونية وتبريرات مسئولى إدارته لكل ما يفعله جنود الاحتلال الاسرائيلى فى غزة والضفة والقدس على ان «نتنياهو» هو من يدير البيت الأبيض ويحدد ملامح السياسة الأمريكية!!
لم يعد هناك أى شك لدى أحد فى عدم عدالة النظام الدولى والكيل بألف مكيال فى القضايا المتشابهة.. فعندما أقنعت أمريكا «بالكذب» الأمم المتحدة بامتلاك الرئيس الراحل صدام حسين لأسلحة دمار شامل قامت بغزو العراق ودمرتها بعد أن أخضعت بلاده لتفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية وفعلت ذلك مع ليبيا وتفعله الآن مع ايران.
وكل ذلك وفقا لظنون وشبهات أو لاحتمال التوصل إلى سلاح نووي.. ولكن عندما يعترف وزير التراث الاسرائيلى «عميحاى إلياهو» بامتلاك الدولة العبرية لقنابل نووية ويطالب بضرب غزة بها فى أول اعتراف صريح من مسئول اسرائيلى بامتلاك السلاح النووي.. فلا تتدخل أمريكا ولا الأمم المتحدة ولا الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا بإدانته وانه يريد إبادة شعب بإلقاء قنبلة ذرية عليه مثلما فعلت أمريكا فى اليابان.. ولا بالمطالبة بالتفتيش على منشآت اسرائيل النووية.. وعلى الجامعة العربية أن تطالب بذلك رسمياً.. ولا أدرى كيف لأجهزة الإعلام والفضائيات العربية لا تبرز هذا الأمر وتطالب بمحاكمة الوزير وعزله وشن حملة دولية عليه.. فلو خرج مثل هذا التصريح من مسئول عربى لقامت الدنيا عليه حتى يستقيل ويحاكم ويعتذر وهو فى السجن؟!
سيناريوهات احتلال غزة!!
>> بدأ الحديث عن مصير غزة بعد انتهاء الحرب حيث يقول جيش الاحتلال انه سيطر على شمال ووسط القطاع بعد أن قام بتسوية معظم مبانيها بالأرض وترحيل سكانها إلى جنوب غزة فقد تم تهجير أكثر من مليون فلسطينى من الشمال والوسط.. وقال «نتنياهو» ان قواته ستتحمل المسئولية الأمنية الشاملة فى غزة لأجل غير مسمى وذلك بعد القضاء الكامل على حماس لذلك لن يتم وقف اطلاق النار ولا موافقة على هدنة إنسانية ولا ادخال للوقود ضمن المساعدات المسموح بها.. وقال وزير حربه سنقضى على قادة حماس سنقيم نظاما أمنيا وستكون لنا حرية حركة عسكرية فى القطاع.. وقال الرئيس بايدن ان المشاورات جارية بشأن شكل الحكم فى غزة وحماس لا يمكن أن تكون جزءا من مستقبل القطاع!!
على العرب أن يكون لهم الرأى الأول فى مصير غزة.. وليحذروا السيناريوهات المشبوهة بعد انتهاء العدوان فهناك من يقترح ادخال قوات دولية أو إعادة سيطرة اسرائيل عليها أى احتلالها مرة أخري.. ويوجد من يؤيد أن تعود مسئوليتها للسلطة الفلسطينية ووضعها فى مواجهة مع حماس.. والمطلوب عدم السماح بكل ذلك وأن يتفق العرب على أن تكون غزة للفلسطينيين وضمن دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس!!
يبدو ان هناك اتفاقا على تصفية حماس.. وتلك ليست القضية.. فحماس حاليا تمثل المقاومة للاحتلال هى وكل الفصائل.. ولا يمكن لأحد القضاء على مقاومة شعب إلا بالتحرير.. وحماس نفسها وكذلك الجهاد وفتح وباقى الفصائل سينتهى دورها مع إقامة الدولة الفلسطينية وفقا لقرارات الأمم المتحدة والقمم العربية على حدود الرابع من يونيو ٧٦٩١ وعاصمتها القدس الشرقية.. عندها بالتأكيد لا داعى للمقاومة لأنه ستوجد دولة وحكومة وبرلمان.. فالكل سيذوب فى هذه الدولة ومؤسساتها وينتهى دور المقاومة بتحرير فلسطين.. تماما كما انتهت جميع حركات التحرر فى العالم.. اما إذا استمر العدوان والاحتلال وهو المتوقع مع حكومة يمينية متطرفة مثل التى يرأسها «نتنياهو» فلن تنتهى حماس ولا كل فصائل مقاومة الشعب الفلسطيني!!
لابد أن يوحد العرب كلمتهم فى قمتهم القادمة بعد غد فى الرياض.. ولا يتخلوا عن غزة وأهلها.. ومن الخطأ مساندة مخططات إسرائيل وسيناريوهات أمريكا للقضاء على حماس والمقاومة الآن.. لأن ذلك يعنى تسليمهم غزة «تسليم مفتاح»!!
لا تصدقوهم.. تفاءلوا.. سننتصر!!
>> بعد أن سقطت الأقنعة وانكشفت الوجوه على حقيقتها.. فهل يمكن أن نصدق ما تدعيه الدول الغربية من دفاعها عن الديمقراطية وحقوق الإنسان؟!
هل مازال «البعض» فى العالم العربى يراهنون على أمريكا وأوروبا ويؤمنون بأنهم قادرون على مساعدتهم ويستقوون بهم على حكوماتهم؟!
نعم.. علينا أن نعترف بأن لدينا فى جميع الدول العربية قصورا كبيرا فى هذا الملف ونحتاج جهدا كبيرا من دعاة الديمقراطية ومنظمات حقوق الإنسان وإلى تفهم أكبر من كافة الحكومات من المحيط إلى الخليج لتحقق طموحات شعوبها.. ولكن لا يجب أبداً أن يكون ما نطمح إليه سبباً فى هدم دولنا والاستعانة بمن لا يريدون سوى مصالحهم ويتغاضون عن الحريات وحقوق الإنسان إذا تعارضت معها ويقفون مع العدوان والاستعمار ضد الشعوب.
تأكدوا ان الغرب لا يستخدم ورقة حقوق الانسان إلا للضغط على الحكومات العربية لتحقيق أهدافه وأهمها مص دماء الشعوب ونهب ثرواتها.. فلا تصدقوهم ولا تستعينوا بهم ضد أوطانكم!!
لابد أن يعرف العرب بأنهم أقوياء ويستطيعون تحقيق النصر على الأعداء.. إقرار الديمقراطية فى بلادنا وأن نتعلم من تاريخنا القديم والحديث.. فقط علينا أن نثق فى الله وفى قدراتنا ونأخذ العبرة من القادسية واليرموك وحطين وعين جالوت وصولاً إلى العبور فى السادس من أكتوبر و»طوفان فى الأقصي» فى السابع من أكتوبر!!
عودوا إلى أنفسكم ولا تفرطوا فى أوراق الضغط التى لديكم ولا تصدقوا ان الغرب سيساعدكم لوجه الله من أجل «سواد عيونكم» ولا تحسبوا ان الصهاينة أقوى منكم انهم جبناء ومجرمو حرب وسفاحون وقتلة ولا يحفظون عهدا.. فلا تخافوهم فكل احتلال إلى زوال.. وسينتصر العرب والفلسطينيون بإذن الله.. فالله لا يحب المعتدين ولا الظالمين ولا المتكبرين.. وهم كذلك!!