مأزق‭ ‬إسرائيل‭ ‬وحلفائها

الكاتب أ / عبد الرازق توفيق

سقطت‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬فى‭ ‬المستنقع‭… ‬ولا‭ ‬تعرف‭ ‬طريقاً‭ ‬للخروج‭.. ‬إخفاقات‭ ‬وفشل‭ ‬ذريع‭ ‬فى‭ ‬غزة‭..‬وخسائر‭ ‬فادحة‭ ‬فى‭ ‬الآليات‭ ‬والمعدات‭ ‬والأرواح‭ ‬وعلى‭ ‬كافة‭ ‬الأصعدة‭ ‬اقتصادياً‭ ‬وسياسياً‭ ‬وأمنياً‭ ‬وعسكرياً‭ ‬ودولياً‭.. ‬بات‭ ‬الأمر‭ (‬مطرقة‭) ‬تدق‭ ‬رأس‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬فيبدو‭ ‬أكثر‭ ‬ارتباكاً‭ ‬وضعفا‭.. ‬واستعداداً‭ ‬لتقديم‭ ‬التنازلات‭.. ‬فشلت‭ ‬كل‭ ‬المخططات‭ ‬ولم‭ ‬يتحقق‭ ‬أى‭ ‬هدف‭.. ‬وحتى‭ ‬مجرد‭ ‬تحقيق‭ ‬انتصار‭ ‬شكلى‭ ‬بات‭ ‬فى‭ ‬عداد‭ ‬المستحيل‭.. ‬وحلفاء‭ ‬وداعمون‭ ‬فى‭ ‬ورطة‭ ‬حقيقية‭ ‬لكنهم‭ ‬يحاولون‭ ‬علاج‭ ‬أعراض‭ ‬المرض‭.. ‬ولا‭ ‬يفكرون‭ ‬فى‭ ‬علاج‭ ‬المرض‭ ‬نفسه‭.. ‬فالحرب‭ ‬تتسع‭ ‬وتهدد‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم‭.. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬حذرت‭ ‬منه‭ ‬مصر‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬وفشلت‭ ‬مخططات‭ ‬تصفية‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وتهجير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬قسرياً‭ ‬والتوطين‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬وجود‭ ‬قيادة‭ ‬سياسية‭ ‬مصرية‭ ‬تستحق‭ ‬التحية‭ ‬والإجلال‭ ‬لإدارتها‭ ‬العبقرية‭ ‬للأزمة‭.. ‬فما‭ ‬يحدث‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬تراجع‭ ‬مواقف‭ ‬الداعمين‭ ‬والبحث‭ ‬لإسرائيل‭ ‬عن‭ ‬مخرج‭ ‬يؤكد‭ ‬للجميع‭ ‬ان‭ ‬حسابات‭ ‬قوى‭ ‬الشر‭ ‬ورهاناتها‭ ‬كانت‭ ‬ومازالت‭ ‬خاطئة‭.. ‬فنحن‭ ‬قرأنا‭ ‬مبكراً‭ ‬تفاصيل‭ ‬المؤامرات‭.. ‬لذلك‭ ‬كان‭ ‬الاستعداد‭ ‬استشرافاً‭ ‬للمستقبل‭ ‬لبناء‭ ‬القوة‭ ‬والقدرة‭.. ‬لذلك‭ ‬بدت‭ ‬الحكمة‭ ‬والثقة‭ ‬والشموخ‭.‬


مأزق‭ ‬إسرائيل‭ ‬وحلفائها

من‭ ‬الواضح‭ ‬ان‭ ‬إسرائيل‭ ‬فى‭ ‬مأزق‭ ‬كبير‭.. ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬دخلت‭ ‬مستنقع‭ ‬غزة‭ ‬بقدميها‭ ‬بحسابات‭ ‬الغطرسة‭ ‬والقوة‭ ‬المزعومة‭.. ‬وأعتقدت‭ ‬ان‭ ‬القطاع‭ ‬صيد‭ ‬ثمين‭ ‬يسهل‭ ‬لها‭ ‬تحقيق‭ ‬كافة‭ ‬الأهداف‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تصعيد‭ ‬عسكرى‭ ‬وحرب‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‭.. ‬ولم‭ ‬تحقق‭ ‬أى‭ ‬هدف‭ ‬يذكر‭ ‬وفشلت‭ ‬بشكل‭ ‬ذريع‭.. ‬فلم‭ ‬تقض‭ ‬على‭ ‬المقاومة‭ ‬ولم‭ ‬تفلح‭ ‬فى‭ ‬إطلاق‭ ‬سراح‭ ‬أسراها‭ ‬والمحتجزين‭ ‬لدى‭ ‬المقاومة‭.. ‬ولم‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬السيطرة‭ ‬الكاملة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭.. ‬فدخول‭ ‬المناطق‭ ‬والأحياء‭ ‬فى‭ ‬غزة‭ ‬يختلف‭ ‬عن‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التمسك‭ ‬بالأرض‭ ‬بعينها‭.. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الاستنزاف‭ ‬الدامى‭ ‬والفادح‭ ‬فى‭ ‬الأرواح‭ ‬والآليات‭ ‬لقوات‭ ‬الاحتلال‭.. ‬وحالة‭ ‬الاهتراء‭ ‬والضعف‭ ‬التى‭ ‬بدا‭ ‬عليها‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬انعدام‭ ‬الروح‭ ‬القتالية‭ ‬لدى‭ ‬ضباطه‭ ‬وجنوده‭ ‬وحالة‭ ‬الذعر‭ ‬والرعب‭ ‬والأمراض‭ ‬النفسية‭ ‬التى‭ ‬أصابتهم‭ ‬ولم‭ ‬يفلح‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬سوى‭ ‬فى‭ ‬استهداف‭ ‬المدنيين‭ ‬والأطفال‭ ‬والنساء‭.. ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قتل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬20‭ ‬ألف‭ ‬شهيد‭ ‬فلسطينى6200‭ ‬منهم‭ ‬أطفال‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬4‭ ‬آلاف‭ ‬من‭ ‬النساء‭.. ‬فى‭ ‬جريمة‭ ‬أخلاقية‭ ‬يندى‭ ‬لها‭ ‬الجبين‭ ‬ومازالت‭ ‬بعض‭ ‬القوى‭ ‬الدولية‭ ‬تبارك‭ ‬استمرار‭ ‬إسرائيل‭ ‬فى‭ ‬عملياتها‭ ‬الوحشية‭ ‬والبربرية‭.. ‬المأزق‭ ‬الكبير‭ ‬الذى‭ ‬وضعت‭ ‬إسرائيل‭ ‬نفسها‭ ‬فيه‭ ‬دون‭ ‬تقديرات‭ ‬أو‭ ‬حسابات‭.. ‬بات‭ ‬يضغط‭ ‬على‭ ‬الداخل‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬بقوة‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الاخفاق‭ ‬والفشل‭ ‬العسكرى‭ ‬الذريع‭.. ‬فمازالت‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬تلحق‭ ‬الخسائر‭ ‬الفادحة‭ ‬بالجيش‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬بنفس‭ ‬الوتيرة‭ ‬وأكثر‭ ‬رغم‭ ‬قرب‭ ‬انتهاء‭ ‬الشهر‭ ‬الثالث‭ ‬للتصعيد‭ ‬العسكرى‭ ‬لقوات‭ ‬الاحتلال‭.. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعنى‭ ‬أن‭ ‬بنية‭ ‬المقاومة‭ ‬العسكرية‭ ‬مازالت‭ ‬قائمة‭ ‬دون‭ ‬تراجع‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ان‭ ‬صواريخ‭ ‬الفصائل‭ ‬الفلسطينية‭ ‬مازالت‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬العمق‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬تنزف‭ ‬بغزارة‭ ‬أمنياً‭ ‬وعسكرياً‭ ‬واقتصادياً‭.. ‬لعل‭ ‬أخطر‭ ‬ما‭ ‬يواجه‭ ‬إسرائيل‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬اللحظات‭ ‬وفى‭ ‬ظل‭ ‬الضربات‭ ‬الموجعة‭ ‬للمقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬لجيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬والعمق‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬واصطياد‭ ‬وقنص‭ ‬ضباطه‭ ‬وجنوده‭ ‬بشكل‭ ‬متواصل‭ ‬هو‭ ‬حالة‭ ‬الانقسام‭ ‬والتراشق‭ ‬فى‭ ‬الداخل‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الرأى‭ ‬العام‭ ‬الذى‭ ‬أصبح‭ ‬على‭ ‬يقين‭ ‬ان‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬تمضى‭ ‬من‭ ‬فشل‭ ‬إلى‭ ‬فشل‭ ‬دون‭ ‬وجود‭ ‬نتائج‭.. ‬ويشكك‭ ‬فى‭ ‬احصائيات‭ ‬الجيش‭ ‬عن‭ ‬خسائره‭.. ‬وعدم‭ ‬تحقيقه‭ ‬أى‭ ‬نجاحات‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ان‭ ‬أهالى‭ ‬وأسر‭ ‬الأسرى‭ ‬والمحتجزين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬لدى‭ ‬المقاومة‭.. ‬باتوا‭ ‬صداعاً‭ ‬ومسماراً‭ ‬فى‭ ‬رأس‭ ‬الحكومة‭ ‬المتطرفة‭ ‬ومجلس‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬والمظاهرات‭ ‬والضغوط‭ ‬الهائلة‭ ‬والمتزايدة‭.. ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬ضاغط‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬قتل‭ ‬الجيش‭ ‬لأسراه‭ ‬الثلاثة‭.. ‬بما‭ ‬يكاد‭ ‬يكون‭ ‬عمداً‭ ‬أو‭ ‬ارتباكاً‭ ‬وخوفاً‭ ‬وذعراً‭ ‬من‭ ‬فخاخ‭ ‬المقاومة‭.. ‬لكن‭ ‬الإعلام‭ ‬العبرى‭ ‬والدولى‭ ‬فضح‭ ‬الجانب‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬وذهبت‭ ‬كل‭ ‬ذرائع‭ ‬وحجج‭ ‬وأقاويل‭ ‬وتطمينات‭ ‬نتنياهو‭ ‬وأولاف‭ ‬جالنتس‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬أدراج‭ ‬الرياح‭ ‬لتناقضها‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬إسرائيل‭ ‬فى‭ ‬موقف‭ ‬ضعف‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬أى‭ ‬مفاوضات‭ ‬محتملة‭ ‬واستعدادها‭ ‬لتقديم‭ ‬تنازلات‭ ‬كثيرة‭.. ‬تظهر‭ ‬هزيمتها‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬وفى‭ ‬ساحات‭ ‬المعارك‭ ‬المستعرة‭ ‬بين‭ ‬المقاومة‭ ‬وجيش‭ ‬الاحتلال‭.‬
بكل‭ ‬تأكيد‭ ‬إسرائيل‭ ‬هى‭ ‬الطرف‭ ‬الأضعف‭ ‬فى‭ ‬معادلة‭ ‬الأزمة‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬76‭ ‬يوماً‭ ‬على‭ ‬عملياتها‭ ‬العسكرية‭ ‬فى‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬والمدن‭ ‬الفلسطينية‭.. ‬بات‭ ‬أسراها‭ ‬ومحتجزوها‭ ‬لدى‭ ‬المقاومة‭ ‬صداعاً‭ ‬وأمراً‭ ‬ضاغطاً‭ ‬على‭ ‬القرار‭ ‬الصهيونى‭ ‬وخسائرها‭ ‬الفادحة‭ ‬سواء‭ ‬فى‭ ‬الآليات‭ ‬أو‭ ‬الأرواح‭ ‬تزيد‭ ‬من‭ ‬أوجاع‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬بل‭ ‬وتهدد‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭.. ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬مطالبة‭ ‬واشنطن‭ ‬بتغيير‭ ‬الخطة‭ ‬العسكرية‭ ‬والاكتفاء‭ ‬بالضربات‭ ‬والقصف‭ ‬الجوى‭ ‬والعمليات‭ ‬النوعية‭.‬
بكل‭ ‬تأكيد‭ ‬إسرائيل‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬مخرج‭ ‬وطرق‭ ‬تحاول‭ ‬اخراجها‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬والمأزق‭ ‬وحفظ‭ ‬ماء‭ ‬الوجه‭ ‬بعد‭ ‬الفشل‭ ‬الذريع‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬الأصعدة‭ ‬والمستويات‭.. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يشعر‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬موقف‭ ‬المقاومة‭ ‬فى‭ ‬أى‭ ‬تفاوض‭ ‬هو‭ ‬الأقوى‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬امتلاكها‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأوراق‭ ‬التى‭ ‬تشكل‭ ‬ألماً‭ ‬ووجعاً‭ ‬لإسرائيل‭ ‬خاصة‭ ‬ملف‭ ‬الأسرى‭ ‬والمحتجزين‭ ‬والخسائر‭ ‬الفادحة‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬المستويات‭ ‬سواء‭ ‬الآليات‭ ‬والمعدات‭ ‬وأعداد‭ ‬القتلى‭ ‬من‭ ‬الضباط‭ ‬والجنود‭ ‬التى‭ ‬تتزايد‭ ‬يومياً‭.. ‬والخسائر‭ ‬الاقتصادية‭ ‬التى‭ ‬استدعت‭ ‬مزيداً‭ ‬من‭ ‬المساعدات‭ ‬والدعم‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الحليفة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭.. ‬لكن‭ ‬الرأى‭ ‬العام‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬الداعمة‭ ‬والمؤيدة‭ ‬للعدوان‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬يتصاعد‭ ‬ضد‭ ‬إسرائيل‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬الانقسامات‭ ‬فى‭ ‬داخل‭ ‬المطبخ‭ ‬والقرار‭ ‬السياسى‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬أيضاً‭ ‬وقد‭ ‬شهدت‭ ‬استقالات‭ ‬اعتراضاً‭ ‬على‭ ‬الدعم‭ ‬المطلق‭ ‬لحرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬التى‭ ‬تشنها‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬فى‭ ‬قطاغ‭ ‬غزة‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تأثير‭ ‬البربرية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬والممارسات‭ ‬الإجرامية‭ ‬على‭ ‬التأييد‭ ‬الشعبى‭ ‬لزعماء‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬الداعمة‭.. ‬فالاحصائيات‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬60٪‭ ‬من‭ ‬الأمريكيين‭ ‬لا‭ ‬يؤيدون‭ ‬بايدن‭ ‬بسبب‭ ‬موقفه‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬والتصعيد‭ ‬والعدوان‭ ‬الإسرائيلي‭.. ‬وأيضاً‭ ‬نلحظ‭ ‬تراجع‭ ‬الموقف‭ ‬الأوروبى‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬تخفيف‭ ‬حدته‭.. ‬ورأينا‭ ‬الموقف‭ ‬الفرنسي‭.. ‬ثم‭ ‬الموقف‭ ‬البريطانى‭ ‬الذى‭ ‬بدأ‭ ‬يطالب‭ ‬بأهمية‭ ‬دخول‭ ‬المساعدات‭ ‬وعقد‭ ‬هدنة‭ ‬مؤقتة‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ترفضه‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬التى‭ ‬تريد‭ ‬وقفاً‭ ‬كاملاً‭ ‬وشاملاً‭ ‬للعدوان‭ ‬واخراج‭ ‬عدد‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬من‭ ‬السجون‭ ‬الإسرائيلية‭.. ‬وأسماء‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لديها‭ ‬القبول‭ ‬لمجرد‭ ‬التفاوض‭ ‬حولها‭.. ‬لكن‭ ‬فى‭ ‬الكواليس‭ ‬تمهد‭ ‬الطريق‭ ‬لتنازلات‭ ‬كثيرة‭ ‬أبرزها‭ ‬الافراج‭ ‬عن‭ ‬رموز‭ ‬فلسطينية‭ ‬مثل‭ ‬مروان‭ ‬البرغوثى‭ ‬وأحمد‭ ‬السعدات‭.. ‬لكن‭ ‬الموقف‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬المتأزم‭ ‬والورطة‭ ‬الكبرى‭ ‬والمستنقع‭ ‬الذى‭ ‬تكاد‭ ‬تغرق‭ ‬فيه‭ ‬يكشف‭ ‬عن‭ ‬استعداد‭ ‬إسرائيل‭ ‬لتقديم‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التنازلات‭.‬
أمر‭ ‬آخر‭.. ‬لابد‭ ‬ان‭ ‬يؤخذ‭ ‬فى‭ ‬الحسبان‭ ‬وهو‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬جبهات‭ ‬أخرى‭ ‬تفتح‭ ‬ضد‭ ‬إسرائيل‭ ‬وتستهدف‭ ‬عمقها‭ ‬وحصارها‭ ‬بحرياً‭ ‬فيكفى‭ ‬ان‭ ‬ميناء‭ ‬إيلات‭ ‬لم‭ ‬تدخله‭ ‬سفينة‭ ‬واحدة‭ ‬منذ‭ ‬أسبوعين‭ ‬بسبب‭ ‬استهداف‭ ‬الحوثيين‭ ‬للسفن‭ ‬المتجهة‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭.. ‬بل‭ ‬واحتجاز‭ ‬سفينة‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭ ‬وكذلك‭ ‬استهداف‭ ‬السفن‭ ‬بصواريخ‭ ‬وضربات‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يهدد‭ ‬أمن‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الجبهة‭ ‬الشمالية‭ ‬حيث‭ ‬ضربات‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬ثم‭ ‬الموقف‭ ‬الدولى‭ ‬والأممى‭ ‬المعارض‭ ‬لإسرائيل‭ ‬وعدوانها‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.. ‬وبدت‭ ‬الدول‭ ‬القليلة‭ ‬المؤيدة‭ ‬لتل‭ ‬أبيب‭ ‬تسعى‭ ‬بأى‭ ‬شكل‭ ‬لحفظ‭ ‬ماء‭ ‬الوجه‭ ‬ولا‭ ‬تجده‭ ‬لتبرير‭ ‬موقفها‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬دعا‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكى‭ ‬جون‭ ‬بايدن‭ ‬أن‭ ‬يقول‭ ‬إننا‭ ‬نفقد‭ ‬الدعم‭ ‬الدولى‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬الأحوال‭.. ‬الموقف‭ ‬الأمريكى‭ ‬يبدو‭ ‬مرتبكاً‭ ‬ومتناقضاً‭ ‬وهناك‭ ‬تناقض‭ ‬بين‭ ‬أحاديث‭ ‬وخطابات‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬سواء‭ ‬لويد‭ ‬أوستن‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬أو‭ ‬أنتونى‭ ‬بلينكن‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬أو‭ ‬سوليفان‭ ‬مستشار‭ ‬الأمن‭ ‬القومى‭ ‬حتى‭ ‬فى‭ ‬موعد‭ ‬انتهاء‭ ‬العملية‭.. ‬كل‭ ‬منهم‭ ‬له‭ ‬تاريخ‭ ‬معين‭ ‬مختلف‭ ‬عن‭ ‬الآخر‭.. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ان‭ ‬موقف‭ ‬الرأى‭ ‬العام‭ ‬العالمى‭ ‬يتصاعد‭ ‬ضد‭ ‬إسرائيل‭ ‬حتى‭ ‬فى‭ ‬الدول‭ ‬الداعمة‭ ‬لها‭.. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يشكل‭ ‬حالة‭ ‬عزل‭ ‬للأنظمة‭ ‬فى‭ ‬الدول‭ ‬المؤيدة‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيونى‭ ‬وأيضاً‭ ‬عزله‭ ‬لدولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬التى‭ ‬كشفت‭ ‬عن‭ ‬الوجه‭ ‬القبيح‭ ‬وسقوط‭ ‬الأقنعة‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬وفقدت‭ ‬أى‭ ‬تعاطف‭.. ‬ثم‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬دولاً‭ ‬بدأت‭ ‬فى‭ ‬اتخاذ‭ ‬مواقف‭ ‬مثل‭ ‬ماليزيا‭ ‬بمنع‭ ‬شركات‭ ‬إسرائيلية‭ ‬فى‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬موانيها‭ ‬وأيضاً‭ ‬تهديد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسبانى‭ ‬باعترافه‭ ‬بالدولة‭ ‬الفلسطينية‭.. ‬اذن‭ ‬هناك‭ ‬عوامل‭ ‬ومؤشرات‭ ‬تقول‭ ‬اننا‭ ‬أمام‭ ‬اقتراب‭ ‬نهاية‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬وإعلان‭ ‬الفشل‭ ‬الكامل‭ ‬فى‭ ‬تحقيق‭ ‬أى‭ ‬أهداف‭ ‬وإعلان‭ ‬مشهد‭ ‬النهاية‭ ‬وإسرائيل‭ ‬تجر‭ ‬أذيال‭ ‬الهزيمة‭ ‬النكراء‭ ‬عسكرياً‭ ‬وسياسياً‭ ‬وأمنياً‭.. ‬وربما‭ ‬تكون‭ ‬نهاية‭ ‬العدوان‭ ‬قبل‭ ‬حلول‭ ‬العام‭ ‬الجديد‭ ‬أو‭ ‬فى‭ ‬بداياته‭ ‬لأن‭ ‬إسرائيل‭ ‬والعالم‭ ‬والمنطقة‭ ‬فى‭ ‬مأزق‭ ‬تاريخى‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يجرى‭ ‬فى‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬تمدد‭ ‬رقعة‭ ‬الصراع‭ ‬يهدد‭ ‬بحرب‭ ‬شاملة‭ ‬بعد‭ ‬استهداف‭ ‬الحوثيين‭ ‬للسفن‭ ‬المتجهة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬وتشكيل‭ ‬قوة‭ ‬بحرية‭ ‬تتألف‭ ‬من‭ ‬عشر‭ ‬دول‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭ ‬حماية‭ ‬أمن‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر‭.. ‬وفى‭ ‬المقابل‭ ‬شكلت‭ ‬طهران‭ ‬قوة‭ ‬بحرية‭ ‬من‭ ‬المتطوعين‭ ‬بالآلاف‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ينذر‭ ‬ظاهرياً‭ ‬بنشوب‭ ‬صراع‭ ‬أو‭ ‬مواجهة‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬شاملة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭.. ‬لكن‭ ‬لديَّ‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬التساؤلات‭ ‬المهمة‭ ‬حول‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭.. ‬عدم‭ ‬تصويب‭ ‬ولو‭ ‬رصاصة‭ ‬واحدة‭ ‬تجاه‭ ‬الحوثيين‭ ‬أو‭ ‬استهداف‭ ‬الميناء‭ ‬الذى‭ ‬تحتجز‭ ‬فيه‭ ‬السفن‭.. ‬أو‭ ‬وجود‭ ‬عمل‭ ‬عسكرى‭ ‬أمريكى‭ ‬أو‭ ‬غربى‭ ‬حتى‭ ‬هذه‭ ‬اللحظة‭ ‬رغم‭ ‬ان‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬تكشف‭ ‬كل‭ ‬صغيرة‭ ‬وكبيرة‭ ‬عن‭ ‬أماكن‭ ‬تموضع‭ ‬وتمركزات‭ ‬القوات‭ ‬الحوثية‭ ‬ورغم‭ ‬ان‭ ‬عبدالملك‭ ‬الحوثى‭ ‬هدد‭ ‬وبشكل‭ ‬مباشر‭ ‬باستهداف‭ ‬بوارج‭ ‬وحاملات‭ ‬الطائرات‭ ‬الموجودة‭ ‬فى‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر‭.. ‬وإن‭ ‬لديهم‭ ‬الإمكانات‭ ‬والقدرات‭ ‬لتحقيق‭ ‬ذلك‭.‬
كل‭ ‬ما‭ ‬يجرى‭ ‬فى‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬احتمالية‭ ‬اشتعال‭ ‬الصراع‭ ‬وأيضاً‭ ‬التهديدات‭ ‬القائمة‭ ‬التى‭ ‬تطال‭ ‬الجميع‭ ‬حذرت‭ ‬منها‭ ‬مصر‭ ‬مبكراً‭ ‬وطالبت‭ ‬بالرشد‭ ‬والحكمة‭ ‬وعدم‭ ‬الطغيان‭ ‬وأيضاً‭ ‬مغبة‭ ‬تمدد‭ ‬واتساع‭ ‬رقعة‭ ‬الصراع‭ ‬وحذرت‭ ‬من‭ ‬نشوب‭ ‬حرب‭ ‬شاملة‭ ‬تؤدى‭ ‬إلى‭ ‬أزمة‭ ‬جديدة‭ ‬فى‭ ‬العالم‭ ‬المأزوم‭ ‬بفعل‭ ‬أزمات‭ ‬أخرى‭ ‬سواء‭ ‬‮«‬كورونا‮»‬‭ ‬أو‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭- ‬الأوكرانية‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬فى‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬وانه‭ ‬لا‭ ‬سبيل‭ ‬إلا‭ ‬الحوار‭ ‬والتهدئة‭ ‬ووقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬والتوقف‭ ‬عن‭ ‬الحصار‭ ‬والعقاب‭ ‬الجماعى‭ ‬وعدم‭ ‬استهداف‭ ‬المدنيين‭ ‬والأبرياء‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال‭.‬
قولاً‭ ‬واحداً‭.. ‬مصر‭ ‬نجحت‭ ‬بعبقرية‭ ‬فى‭ ‬إدارتها‭ ‬للأزمة‭.. ‬أجهضت‭ ‬مخطط‭ ‬تصفية‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وتهجير‭ ‬سكان‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬قسرياً‭ ‬واجبارهم‭ ‬على‭ ‬النزوح‭ ‬للأراضى‭ ‬المصرية‭.. ‬واتخذت‭ ‬مصر‭ ‬منذ‭ ‬الدقائق‭ ‬الأولى‭ ‬لاندلاع‭ ‬العدوان‭ ‬موقفاً‭ ‬حازماً‭ ‬وحاسماً‭ ‬وقاطعاً‭.. ‬ان‭ ‬المساس‭ ‬بالأمن‭ ‬القومى‭ ‬المصرى‭ ‬‮«‬خط‭ ‬أحمر‮»‬‭ ‬لا‭ ‬تهاون‭ ‬أو‭ ‬تفريط‭ ‬فى‭ ‬حمايته‭ ‬وان‭ ‬محاولات‭ ‬تهجير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬قسرياً‭ ‬ودفعهم‭ ‬إلى‭ ‬التوطين‭ ‬فى‭ ‬سيناء‭ ‬قد‭ ‬تجر‭ ‬مصر‭ ‬إلى‭ ‬الحرب‭.. ‬لذلك‭ ‬تجد‭ ‬ان‭ ‬جميع‭ ‬قادة‭ ‬العالم‭ ‬يتوافدون‭ ‬على‭ ‬مصر‭.. ‬وأيضاً‭ ‬بالأمس‭ ‬استقبل‭ ‬الرئيس‭ ‬عبدالفتاح‭ ‬السيسى‭ ‬ديفيد‭ ‬كاميرون‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬البريطانى‭ ‬لنلمس‭ ‬تغير‭ ‬مواقف‭ ‬الدول‭ ‬الداعمة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬وباتت‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬أهمية‭ ‬وجود‭ ‬هدن‭.. ‬أو‭ ‬هدنة‭ ‬مستدامة‭ ‬وضرورة‭ ‬إدخال‭ ‬المساعدات‭ ‬لسكان‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.‬
هناك‭ ‬مشاهد‭ ‬تكشف‭ ‬عن‭ ‬ضعف‭ ‬الموقف‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬وارتباكه‭.. ‬تظهر‭ ‬فى‭ ‬قوة‭ ‬موقف‭ ‬المقاومة‭.. ‬فقد‭ ‬تضمن‭ ‬بيان‭ ‬الفصائل‭ ‬الفلسطينية‭ ‬انه‭ ‬لا‭ ‬حديث‭ ‬حول‭ ‬الأسرى‭ ‬أو‭ ‬صفقات‭ ‬التبادل‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬وقف‭ ‬شامل‭ ‬للعدوان‭.. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تمسكها‭ ‬بشروطها‭ ‬السبعة‭ ‬المعلنة‭.. ‬ونحن‭ ‬أمام‭ ‬تنازلات‭ ‬إسرائيلية‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬سواء‭ ‬فى‭ ‬أعداد‭ ‬الأسرى‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬أو‭ ‬طبيعتهم‭ ‬لكنها‭ ‬متمسكة‭ ‬بالوقف‭ ‬الشامل‭ ‬والدائم‭ ‬للعدوان‭ ‬الإسرائيلي‭.. ‬إسرائيل‭ ‬تمهد‭ ‬الرأى‭ ‬العام‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬لقبول‭ ‬التنازلات‭ ‬بعد‭ ‬المشهد‭ ‬المضطرب‭ ‬بداخلها‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬العمليات‭ ‬والخسائر‭ ‬العسكرية‭ ‬الفادحة‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬الانقسام‭ ‬الحاد‭ ‬فى‭ ‬الحكومة‭ ‬أو‭ ‬مجلس‭ ‬الحرب‭ ‬خاصة‭ ‬بين‭ ‬الجيش‭ ‬ونتنياهو‭ ‬وبين‭ ‬بن‭ ‬غفير‭ ‬ورئيس‭ ‬الأركان‭ ‬هيلفى‭ ‬وكذلك‭ ‬اتساع‭ ‬جبهة‭ ‬الصراع‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬وخسائرها‭ ‬الشاملة‭ ‬خاصة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وانعزالها‭ ‬الدولي‭.. ‬لذلك‭ ‬فإننى‭ ‬أقرأ‭ ‬التراجع‭ ‬الكبير‭ ‬فى‭ ‬المواقف‭ ‬الغربية‭ ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬داعمة‭ ‬بشكل‭ ‬مطلق‭ ‬للعدوان‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬فى‭ ‬حديث‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬البريطانى‭ ‬بالأمس‭ ‬فى‭ ‬المؤتمر‭ ‬الصحفى‭ ‬مع‭ ‬سامح‭ ‬شكرى‭ ‬وزير‭ ‬خارجية‭ ‬مصر‭.. ‬حيث‭ ‬أكد‭ ‬ان‭ ‬بريطانيا‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬ضمان‭ ‬تدفق‭ ‬المساعدات‭ ‬لقطاع‭ ‬غزة‭ ‬وانه‭ ‬يجب‭ ‬زيادة‭ ‬حجم‭ ‬المساعدات‭ ‬لسكان‭ ‬القطاع‭ ‬وان‭ ‬لندن‭ ‬قدمت‭ ‬75‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬مساعدات‭ ‬لغزة‭ ‬وابقاء‭ ‬المعابر‭ ‬مفتوحة‭ ‬لنقل‭ ‬المساعدات‭ ‬للقطاع‭ ‬وانهم‭ ‬يحاولون‭ ‬ايجاد‭ ‬طرق‭ ‬لجعل‭ ‬الهدنة‭ ‬بغزة‭ ‬أكثر‭ ‬استدامة‭ ‬وهو‭ ‬التصريح‭ ‬الأخطر‭ ‬الذى‭ ‬يكشف‭ ‬عن‭ ‬ضعف‭ ‬الموقف‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬والغربى‭ ‬المؤيد‭ ‬بسبب‭ ‬الموقف‭ ‬المصرى‭ ‬الحاسم‭ ‬والقاطع‭ ‬وفى‭ ‬رفضها‭ ‬للدخول‭ ‬فى‭ ‬أى‭ ‬تحالفات‭ ‬وهى‭ ‬عقيدة‭ ‬مصرية‭.. ‬وكذلك‭ ‬الخسائر‭ ‬الشاملة‭ ‬والفادحة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬الأصعدة‭ ‬وحالة‭ ‬الاستنزاف‭ ‬التى‭ ‬تتعرض‭ ‬لها‭.‬
نتنياهو‭ ‬أيضاً‭ ‬فى‭ ‬مأزق‭ ‬كبير‭ ‬تحاصره‭ ‬الأزمات‭ ‬والاخفاقات‭ ‬والفشل‭ ‬ويستعد‭ ‬لمحاكمة‭ ‬فور‭ ‬انتهاء‭ ‬الحرب‭.. ‬وقد‭ ‬انتهى‭ ‬سياسياً‭ ‬للأبد‭ ‬ولعل‭ ‬حالة‭ ‬الانتقام‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إجرام‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬وقتله‭ ‬للمدنيين‭ ‬والأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬والحجر‭ ‬والبشر‭ ‬تعود‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬إلى‭ ‬طبيعة‭ ‬وموقف‭ ‬نتنياهو‭ ‬المأزوم‭.. ‬يحاول‭ ‬بشتى‭ ‬الطرق‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬أى‭ ‬انتصار‭ ‬دون‭ ‬جدوى‭ ‬فالفشل‭ ‬يلاحقه‭ ‬أياً‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬وسيكون‭ ‬أول‭ ‬ضحايا‭ ‬المقاومة‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬السياسي‭.‬
لا‭ ‬أملك‭ ‬إلا‭ ‬ان‭ ‬أقدم‭ ‬التحية‭ ‬للدولة‭ ‬المصرية‭ ‬وقيادتها‭ ‬السياسية‭ ‬فى‭ ‬حماية‭ ‬الأمن‭ ‬القومى‭ ‬المصرى‭ ‬واتخاذ‭ ‬المواقف‭ ‬والقرارات‭ ‬بتقديرات‭ ‬موقف‭ ‬وحسابات‭ ‬دقيقة‭ ‬وعبقرية‭ ‬فمصر‭ ‬لن‭ ‬تتورط‭ ‬أبداً‭ ‬ولن‭ ‬تنجر‭ ‬لمستنقعات‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬يستطيع‭ ‬استدراجها‭.. ‬تعرف‭ ‬تماما‭ ‬كيف‭ ‬تحمى‭ ‬أمنها‭ ‬ومصالحها‭ ‬بحكمة‭ ‬واقتدار‭ ‬وأنا‭ ‬شديد‭ ‬الانبهار‭ ‬بعبقرية‭ ‬الإدارة‭ ‬المصرية‭ ‬وحساباتها‭ ‬التى‭ ‬باتت‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬بعد‭ ‬تحذيرات‭ ‬كثيرة‭.. ‬لكن‭ ‬قوى‭ ‬الشر‭ ‬تحصد‭ ‬أشواك‭ ‬عنادها‭ ‬وغطرستها‭ ‬ومخططاتها‭ ‬الشيطانية‭.. ‬فمصر‭ ‬لا‭ ‬تحمى‭ ‬إلا‭ ‬أمنها‭ ‬القومى‭ ‬ومصالحها‭ ‬ولا‭ ‬تدخل‭ ‬فى‭ ‬تحالفات‭ ‬ضد‭ ‬أحد‭.. ‬وكان‭ ‬الأجدر‭ ‬هو‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬حلول‭ ‬أخرى‭ ‬قبل‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬تأمين‭ ‬الملاحة‭ ‬فى‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر‭.. ‬أولها‭ ‬ايجاد‭ ‬حل‭ ‬ووقف‭ ‬للعدوان‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬الذى‭ ‬تسبب‭ ‬فى‭ ‬اشعال‭ ‬المنطقة‭ ‬وتهديد‭ ‬الملاحة‭ ‬البحرية‭ ‬وادخال‭ ‬المنطقة‭ ‬فى‭ ‬نفق‭ ‬مظلم‭ ‬وزيادة‭ ‬معاناة‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬اضطراب‭ ‬سلاسل‭ ‬الامداد‭ ‬والقرار‭ ‬المصري‭.. ‬قرار‭ ‬حكيم‭ ‬ورشيد‭ ‬ويستند‭ ‬إلى‭ ‬حسابات‭ ‬وأولويات‭.. ‬ولا‭ ‬يتورط‭ ‬ولا‭ ‬يستجيب‭ ‬لمحاولات‭ ‬استدراج‭ ‬مكشوفة‭.. ‬ويدرك‭ ‬تماماً‭ ‬ان‭ ‬الهدف‭ ‬هو‭ ‬اصطياد‭ ‬مصر‭.. ‬لكن‭ ‬حكمة‭ ‬وعبقرية‭ ‬القيادة‭ ‬المصرية‭ ‬أكبر‭ ‬وأقوى‭ ‬وأذكى‭ ‬من‭ ‬الجميع‭.. ‬فكل‭ ‬ما‭ ‬يجرى‭ ‬فى‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬حرائق‭ ‬وصراعات‭ ‬يستهدف‭ ‬مصر‭.. ‬بل‭ ‬ان‭ ‬دائرة‭ ‬النيران‭ ‬والحرائق‭ ‬المشتعلة‭ ‬هدفها‭ ‬مصر‭ ‬لذلك‭ ‬تحية‭ ‬إلى‭ ‬قيادة‭ ‬عظيمة‭ ‬تدير‭ ‬بعبقرية‭ ‬وحكمة‭ ‬وادراك‭ ‬وفهم‭ ‬عميق‭ ‬ولا‭ ‬تدخل‭ ‬بمصر‭ ‬فى‭ ‬مغامرات‭ ‬بما‭ ‬يؤكد‭ ‬ان‭ ‬مصر‭ ‬ستظل‭ ‬آمنة‭ ‬مستقرة‭ ‬قوية‭ ‬وقادرة‭.‬
حل‭ ‬الصراع‭ ‬الفلسطيني‭- ‬الإسرائيلى‭ ‬ونهاية‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬احتمالية‭ ‬تجدد‭ ‬الصراع‭.. ‬معروف‭ ‬ومعلوم‭ ‬لدى‭ ‬الغرب‭ ‬وواشنطن‭ ‬ويتمثل‭ ‬فى‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬بإقامة‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬مستقلة‭ ‬على‭ ‬حدود‭ ‬4‭ ‬يونيو‭ ‬1967‭ ‬عاصمتها‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يستدعى‭ ‬استعادة‭ ‬مسار‭ ‬السلام‭ ‬واستئناف‭ ‬المفاوضات‭.. ‬لكن‭ ‬وبكل‭ ‬تأكيد‭ ‬الغرب‭ ‬ليس‭ ‬لديه‭ ‬الجدية‭.. ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬ان‭ ‬يسعى‭ ‬لعلاج‭ ‬الأعراض‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يعالج‭ ‬المرض‭.. ‬فما‭ ‬يحدث‭ ‬فى‭ ‬غزة‭ ‬والجبهات‭ ‬الأخرى‭ ‬والبحر‭ ‬الأحمر‭ ‬سببه‭ ‬الوحيد‭ ‬والمباشر‭ ‬هو‭ ‬إجرام‭ ‬وممارسات‭ ‬إسرائيل‭ ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬العلاج‭ ‬الدبلوماسى‭ ‬والسياسى‭ ‬وإرادة‭ ‬إيقاف‭ ‬العدوان‭ ‬كان‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬يسبق‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬تشكيل‭ ‬قوة‭ ‬لتأمين‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر‭.. ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬لابد‭ ‬ان‭ ‬يتحمل‭ ‬مسئولياته‭.‬
تحيا مصر

Exit mobile version