الحوار الوطنى .. البناء على ما تحقق


عبد الرازق توفيق

لأننا أمام قيادة سياسية استثنائية ترسخ مبادئ وقيماً وطنية جديدة وفقاً لرؤى تحقق الاصطفاف الوطنى وأن يكون المصريون على قلب رجل واحد.. أطلق الرئيس السيسى الحوار الوطنى الذى يجمع كافة مكونات المجتمع المصرى من القوى والأحزاب السياسية والمواطنين أيضاً.. الجميع يتشارك فى حمل مسئولية البناء والحفاظ على هذا الوطن.. ولعل الخروج الكبير وغير المسبوق للمصريين فى الانتخابات الرئاسية كان إحدى ثمار الحوار الوطنى وقضى على «القطيعة السياسية» بين المختلفين فى الرؤى ووجهات النظر.. لنصل إلى حالة تاريخية من بناء جدار التوافق والثقة والجدية.. فالقيادة السياسية التى تؤمن ان الوطن يتسع للجميع.. وان الاختلاف فى الرأى لا يفسد للوطن قضية.. ولديه قناعة كاملة بأن الأمة المصرية لديها من الامكانات والقدرات التى تتيح لها البدائل لايجاد مسارات للتقدم فى كافة المجالات… وهو أيضاً الذى أعلن بوضوح ان مخرجات الحوار الوطنى التى سيتم التوصل إليها سيقوم بالتصديق عليها دون قيد أو شرط وهو أيضاً الذى أكد أننا سوف نستكمل الحوار الوطنى بحيوية وفاعلية.. كل ذلك يشير إلى أننا أمام قيادة تاريخية واستثنائية تفتح الباب على مصراعيه أمام جميع الرؤى والآراء الوطنية.


الدولة المصرية لديها قناعة وإيمان بأن الحوار هو السبيل الأمثل لتحقيق التوافق الوطني.. وجمع كافة مكونات المجتمع على طاولة واحدة لمناقشة كافة التحديات التى تواجه الوطن.. وأيضاً الاستفادة من الرؤى والتوصيات والمقترحات فى ايجاد بدائل نحو تحقيق مسارات التقدم الاقتصادى والاجتماعى وترسيخ الاصطفاف الوطنى الذى بات هو صمام الأمان لمواجهة كثير من التحديات والتهديدات والمخاطر خاصة فى هذا التوقيت بالغ الدقة والتعقيد.
الحقيقة ان الدولة المصرية لديها عقيدة ثابتة من أهم ركائزها الحوار فى الداخل والخارج.. فالحوار هو الطريق الآمن والأمثل لبلوغ الأهداف والابتعاد عن الصراعات والنزاعات والحروب والاتجاه إلى الحلول والتسويات السلمية كمخرجات أساسية وفاعلية للحوار.
الحوار وتغليب لغة العقل أبرز ما تحويه السياسة المصرية والدبلوماسية الرئاسية فى دعواتها لحل الأزمات والصراعات الإقليمية والدولية بل والداخلية بين الدول.. فالحوار بين الدول وتغليب لغة العقل يوفر تكلفة الصراعات والحروب والمواجهات المسلحة التى من شأنها إهدار واستنزاف الثروات والوقت والجهد والأرواح ولا تؤدى بأى حال من الأحوال إلى حلول تحقق وترسخ الأمن والاستقرار.. وتجد مصر فى كافة دول الأزمات بالمنطقة تكون دعوتها الأساسية هى الحوار وتغليب العقل والتفاوض.. وجمع الأطياف والمكونات الوطنية فى هذه الدول على مائدة واحدة من أجل إعلاء المصلحة العليا للبلاد والحفاظ على أمنها ووحدتها وسلامتها وعدم السماح باقتراحات وتدخلات خارجية فى الشأن الداخلى والأراضى والسيادة.. لذلك فإن الرؤية المصرية التى تتبنى لغة الحوار وتغليب العقل أثبتت مصداقيتها وفاعليتها وان ما نراه الآن من تنامى الصراعات والتصعيد العسكرى والاقتتال الأهلى والفتن الداخلية هى نتاج الابتعاد عن لغة الحوار والعقل.
مصر تحصد ثمار عقيدة الحوار والتلاحم والاصطفاف.. وحقق الحوار الوطنى الذى أطلقه الرئيس عبدالفتاح السيسى نتائج هائلة وعظيمة على كافة الأصعدة لعل أبرزها هو التأكد من جدية ومصداقية الدولة فى احتضان جميع مكونات وأطياف المجتمع المصرى انطلاقاً من مقولة «نختلف من أجل الوطن ولا نختلف عليه» الأمر المهم أيضاً بناء الوعى الحقيقى والتعرف عن كثب على التحديات التى تواجه مصر والقضايا التى تحتاج إلى توافق وطنى ورسم خريطة المستقبل للانطلاق فى رحاب ومبادئ وفلسفة وركائز الجمهورية الجديدة.. أيضاً تنامى حالة الاصطفاف الوطنى وتحقيق مبدأ ان المصريين على قلب رجل واحد.. وهذه الحقيقة التى باتت راسخة اختبرت كثيراً فى مواقف عدة.. أبرزها إحباط المصريين لكل حملات الأكاذيب والشائعات والتشكيك والتشويه والتحريض والوقيعة بينهم.. وتجلت فى رسم مشهد مبدع ومبهر فى الإقبال التاريخى للمصريين على المشاركة فى الانتخابات الرئاسية حتى بلغت نسبتها 66.8٪ وهو حدث تاريخى وغير مسبوق ويجسد احدى ثمار الحوار الوطنى وتنامى الوعى الحقيقى وإدراك ما تتعرض له مصر من تحديات وتهديدات وما يحاك لها من مؤامرات ومخططات تستهدف أمنها القومى وكذلك مبدأ المصارحة والشفافية والتواصل المستمر بين القيادة والشعب واحاطة المواطن بكافة تفاصيل التحديات والنجاحات والحرص على اشراكه فى تحمل المسئولية.. ولعل الحوار الوطنى هو تجسيد حقيقى على حرص القيادة السياسية على اشراك كافة مكونات وأطياف المجتمع المصري.. قوى وأحزاباً سياسية وخبراء ومتخصصين ومواطنين أيضاً.. فالجميع شركاء فى بناء والحفاظ على الوطن.
الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كلمته عقب إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية وفوزه بولاية جديدة أكد استكمال المرحلة الثانية من الحوار الوطنى بشكل أكثر حيوية وفاعلية.. وهو ما يشير إلى تمسك وإصرار القيادة السياسية على استكمال الحوار الوطنى المثمر والبناء والذى نجح فى خلق مساحات مشتركة بين الجميع.. وإحداث حالة من الرضا والتوافق إيماناً من الجميع كما قال الرئيس السيسى «ان الاختلاف فى الرأى لا يفسد للوطن قضية وان الوطن يتسع للجميع.. ويجب ان تكون بيننا كلمة سواء.. نتوافق ونتفق على ما يحقق مصالح ومصلحة هذا الوطن ويرسم ملامح المستقبل».
الرئيس السيسى دائماً يرسخ مبادئ جديدة تجمع المصريين.. وتفرز حالة التوافق بينهم وترسخ مبادئ العدالة والمساواة والتشاركية فى تحمل مسئولية الحفاظ على هذا الوطن وتحقيق آمال وتطلعات شعبه.
من أبرز وأهم نتائج الحوار الوطنى الذى يجب ان يتحول إلى كيان وطنى لترسيخ الحوار المستدام ويصبح عقيدة راسخة يتشارك الجميع بالآراء ووجهات النظر والرؤى والمقترحات وعرض المواقف والبيانات والمعلومات وتقديرات الموقف لبناء وعى حقيقى من أجل الحفاظ على حالة اللحمة والاصطفاف الوطنى فى مواجهة تحديات وتهديدات غير مسبوقة تواجه الدولة المصرية وتفرض الالتفاف والاحتشاد خلف القيادة السياسية.
يقيناً ان حالة الحوار المصرية التى أثبتت جدواها تفتح الآفاق للجميع وتعزيز الحراك والعمل السياسى والحزبي.. وهو الأمر الذى انعكس على حالة النشاط السياسى والحزبى فى الشارع المصرى فى كافة ربوع البلاد.. فقبل وخلال الانتخابات الرئاسية شارك ثلاثة مرشحين من أحزاب مختلفة فى الانتخابات الرئاسية.. كما ان الأحزاب حصلت على خبرات من خلال مشاركتها فى العمل السياسى وكذلك فى دعم مرشحيها فى الانتخابات الرئاسية.. كما ان الحوار الوطنى هو طاقة نور وأخذ بيد الأحزاب السياسية لتحصل على خبرات كبيرة فى طرح الرؤى والأفكار والمقترحات والبرامج السياسية والاقتصادية والمجتمعية وتعزز تواجدها فى الشارع والمشهد السياسى بدلاً من حالة الانفصال والانفصام عن الواقع التى ترسخت على مدار العقود الماضية.
القيادة السياسية عقيدتها الانفتاح على كافة الرؤى والمشاركات والأفكار الوطنية التى تساهم فى دفع الوطن إلى التقدم.. وحريصة على الاستماع للجميع.. وتؤمن ان الاستثمار فى التشاركية الوطنية لجميع مكونات المجتمع المصرى هو السبيل الأمثل لتحقيق التقدم فى كافة المجالات وأيضاً صمام الأمان للحفاظ على أمن واستقرار الوطن.
الحوار الوطنى طاقة نور يجب استمرارها والاستثمار فيها للحفاظ على حالة التوافق والاصطفاف الوطنى والاستفادة من الأفكار والرؤى المطروحة خاصة أننا أمام عمل جيد فى المرحلة الأولى من الحوار الوطني.. حيث تلقى 1500 مقترح فى 90 جلسة واستغرق 347 ساعة وشارك فى جلساته 2630 متحدثاً من كافة الأطياف السياسية ومكونات المجتمع المصرى بصدر رحب وعقل منفتح ودون خطوط حمراء ونتج عنه 129 توصية وتوافقاً حول 113 قضية.. وما أسفرت عنه جلسات الحوار الوطنى رؤى قابلة للتنفيذ تتعلق بقوانين مثل القضاء على التمييز والمحليات والنظام الانتخابى وتتصدى جلسات الحوار لقضايا شائكة مثل ظاهرة الطلاق والبحث عن حلول حقيقية للتحديات والمشاكل التى تواجه المواطن المصرى والعمل على فتح آفاق جديدة للشباب بالإضافة إلى خلق مناخ أكثر حرية وتقريب وجهات النظر والتوافق بين المختلفين كل ذلك يعزز ركائز الأمن والاستقرار ويدفع بمسار البناء والتنمية إلى الأمام.. فالثمار كثيرة والحوار هو لغة البشر الراقية.. التى تحقق العديد من الأهداف والعوائد فى كافة الاتجاهات وتعظيم دور المواطن وأن يكون الجميع شركاء فى حماية هذا الوطن.
المرحلة الثانية التى تنطلق فى القادم القريب ترتكز على نجاحات وخبرات المرحلة الأولى وبالفعل ستكون أكثر حيوية وفاعلية وألفة وانفتاحاً بين الجميع لأنهم أدركوا مغزى الحوار.. وان القيادة السياسية توفر أعلى درجات الدعم وتتبنى الحوار ومخرجاته وأكدت ان المخرجات التى سيتم التوصل إليها فى جلسات الحوار الوطنى سيتم التصديق عليها دون قيد أو شرط وهو ما يعزز الديمقراطية ومشاركة الجميع وترسيخ التوافق والتقارب وسد الأبواب والمنافذ على قوى الشر المتربصة بالوطن.. وافشال مخططات التحريض والوقيعة بين المصريين.. لذلك يحسب للقيادة السياسية انها استثنائية ومختلفة عن جميع رؤساء مصر السابقين حيث نجحت فى إزالة كافة العوائق والعقبات أمام تشاركية المصريين.. ورفع سقف الحرية وترسيخ مبادئ الرأى والرأى الآخر فى أجواء من الاحترام والتقدير والمبادئ على أرضية وطنية تبتغى مصلحة مصر وشعبها.. وهذا الإدراك سوف ينعكس بالايجاب على قدرة الدولة المصرية فى الحفاظ على الأمن والاستقرار وعبور التحديات والتهديدات.. وأيضاً القدرة على استكمال مشوار البناء والتنمية والتوافق على جدول الأولويات.. وتقديم حلول جذرية يتفق عليها الجميع للتحديات والأزمات والقضايا التى ظلت عالقة على مدار عقود طويلة.
الحوار الوطنى الذى أطلقه الرئيس السيسى كان ومازال رؤية وعلاجاً لتبديد المخاوف والتردد وترسيخ مصداقية وجدية الدولة المصرية وفتح مسارات جديدة للحراك السياسى والحزبى وكسر الجمود الذى ترسخ على مدار عقود ماضية وايجاد مساحات مشتركة بين الجميع.. فهناك من يقول (لم أتوقع يوماً ان تجتمع هذه الأطياف السياسية والفكرية على طاولة واحدة ليقول الجميع آراءه ورؤاه ومقترحاته بحرية يوما ما).. لكن الرئيس السيسى حول هذا الأمر إلى واقع حقيقى على الأرض نجنى ثماره ولا نخاف من الحوار.. والنقاش لكافة القضايا بل نذيع ونبث جلسات الحوار الوطنى على شاشات التليفزيون دون حذف أو قطع بل احترام لجميع الآراء وترسيخ حقيقى لحالة التنوع والتعددية المصرية وعودة الثقة سواء بين الدولة والقوى والأحزاب السياسية أو استعادة القوى والأحزاب السياسية للثقة فى نفسها وفى قدرتها على الاسهام الوطني.
الحوار الوطنى بما حققه من ثمار ونتائج حتماً ترى القيادة السياسية حتمية البناء على ما تحقق.. فالرئيس السيسى مؤمن بأن الأمة المصرية لديها من الامكانات والقدرات التى تتيح لها البدائل لايجاد مسارات للتقدم فى كافة المجالات.. قلت وسأظل أقول ان الرئيس السيسى هو فرصة مصر التاريخية للوطن والشعب بما لديه من رؤى خلاقة وانفتاح على الجميع.. وقلب وعقل يتسع لكل المصريين فما يبذله من جهود وما يحققه من نجاحات وإنجازات وإجراءات للحفاظ على مصر فى النهاية الهدف منه الوطن وتحقيق تطلعات المصريين فى حاضر أفضل ومستقبل واعد.. الحوار الوطنى فرصة ثمينة أيضاً لتقديم كوادر جديدة فى كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. فرصة لنعرف بعضنا البعض.. ونتعرف على قدراتنا وإمكاناتنا مع الإقرار ان الثقة فى الجميع.. وان كافة المصريين يعملون لمصلحة الوطن.. هذا المناخ الايجابى غير المسبوق.. سوف يحقق ثماراً عظيمة ويقطع الطريق أمام قوى الشر ويدفع الوطن نحو المستقبل بأمان وثقة.. والفضل لقيادة سياسية لا تريد إلا الإصلاح والتقدم والقوة والقدرة لمصر وشعبها.

تحيا مصر

Exit mobile version