الكاتب أ / نشأت الديهي
فى شهر فبراير الماضى كتبت هنا مقالا قصيرا كالعادة طرحت من خلاله عدة تساؤلات تدور حول “المشروعات الإصلاحية الوطنية المصرية” ولماذا لم تكتمل؟ وقلت ما نصه” لماذا لم تكتمل معظم مشروعاتنا الوطنية؟ ولماذا نخفق كثيرا فى تحقيق فلسفة الاستدامة؟ كيف تم إجهاض مشروع على بك الكبير ثم مشروع محمد على باشا ومن بعده مشروع الخديوى اسماعيل؟ أيضا لماذا تم إجهاض مشروع جمال عبدالناصر فى الخمسينات والستينات؟ فهل كانت الأسباب واحدة رغم اختلاف الظروف والمعادلات السياسية؟ هل كانت المؤامرات الخارجية وحدها هى من تسبب فى هذا الإجهاض المبكر؟ أم كانت تلك المشروعات تحمل فى طياتها عوامل عدم اكتمالها من الاساس؟
أسئلة وتساؤلات عديدة ومتداخلة تهاجمنى كالإعصار كلما فتحت صفحة من صفحات التاريخ المصرى الحديث، بيد أن تاريخنا يحتاج الى اعادة قراءة وكتابة حتى يكون تأريخًا لا يعرف المجاملات ولا الانحيازات ولا الخجل”.
واليوم أعود مجددا إلى نفس التساؤلات و أجدنى فى موضع المضطر معرفيا أعانى اضطرابا فكريا وخذلانا ثقافيا، فالقوم غائبون أو نائمون أو منسحبون يمارسون أضخم عملية خذلان فى التاريخ لأضخم مشروع وطنى تنموى مصرى فى التاريخ ! وربما انتقد بعضهم قولى هذا ونعتنى بقصر النظر والضحالة والعجز عن قراءة ما بين سطور المثقفين والنخبة من درر فكرية قادرة على قيادة المجتمع والتأثير فى مكوناته، ويتهمنى آخرون بعداوة فطرية للحريات وحقوق الانسان وسيلقى كل منهم باتهامات مبعثرة على ما يسميه البعض المجال العام وحرية التعبير والتفكير والرأى والرأى الآخر الى آخر هذه الخزعبلات التى لا تقدم ولا تؤخر، فإذا جلست قبالة أحد هذه القامات الفكرية لتستمع منه على ما لديه من إضافات ومقترحات وما يراه من ابتكار وخيال تجده ينظر اليك من طرف خفى ويتمتم بكلمات تصب فى خانات اللغو واللمم! اكتشفت – وأتمنى أن أكون مخطئا- أن هناك من يرى نفسه أهم وأكبر من الوطن وأهم من وأعمق من الأمة وأهم من المشروع الوطنى بكل مفرداته وتفاصيله ! وهناك من يرى أن الدولة الوطنية والحفاظ عليها على الطرف الآخر من النهر الذى يجلس على شاطئه بعض المثقفين والمفكرين وصناع الوعى وكأن الدولة الوطنية وحمايتها تقف ضد الابداع والحرية والخيال ! ببساطة لا أدرى كيف يقبل المثقف والمبدع أن تفلت وتتفلت من بين أنامله وقلمه كل تلك الحكايات والقصص التى يمكن أن نصنع منها أدبًا محليا ينطلق الى العالمية ! لقد شاهدت واستمعت وتابعت عشرات ومئات القصص الانسانية النادرة ترتبط جميعها بسياق ومسار المشروع الوطنى المصرى الحالي، بيد أن هذا المشروع هو فرصتنا الوحيدة التى يمكننا الانتقال من خلالها الى التقدم والرقي، لا أريد أن أخوِن أحداً أو اشتبك مع أحد، فقط يمكننى أن ألوم البعض على ما أراه تقاعسا ثقافيا وخمولا فكريا وانتظار ما لا يجيء وترقب ظهور نتائج المبارزات الفكرية بين أقطاب جنتى الارض والسماء أو الاجابة عن الاسئلة الحائرة مثل هل الملائكة إناث أم ذكور؟؟