الكاتب أ / عبد الرازق توفيق
وعى الشعوب.. وبناء الإنسان.. وتحقيق آمال وتطلعات المواطنين.. والارتقاء بجودة حياتهم.. وتحسين ظروفهم المعيشية.. وإنهاء عقود الأزمات.. وتمكينهم من الحياة الكريمة.. والخدمات اللائقة.. وتوفير الحماية الاجتماعية لهم.. واستشعارهم اهتمام الدولة.. ووجود حلقات للتواصل بين الوطن والمواطن.. وتحقيق مبدأ التشاركية بين القيادة والشعب فى بناء وحماية الوطن.. كل ذلك من أهم مقومات تحقيق الأمن الإنساني.. الذى هو شديد الارتباط وإحدى ركائز الأمن القومي.. فالأمم تحيا بشعوبها.. وكما قال الرئيس السيسى «محدش هيحمى البلد دى غير شعبها».
قوة الداخل تنطلق منها قوة الوطن فى الخارج.. وقدرته على التأثير الإقليمى والدولي..وحماية أمنه واستقراره وقدرته على مجابهة التهديدات.. فالإنسان هو محور وركيزة القوة والقدرة.
قولاً واحداً، مصر قادرة على حماية أمنها القومى رغم التحديات غير المسبوقة التى تواجه هذا الوطن والحفاظ على مصالحها فى البر والبحر، وتأمينها فى البحرين الأحمر والمتوسط، بما لديها من قوة وقدرة وأيضاً الحكمة وعبقرية إدارة الموقف، وبحسابات دقيقة وكيفية التحرك لإجهاض أى تهديد مبكر وتحويله إلى إنجاز ومفهوم يتداول فى خطابات قادة الدولة والإدراك أن الرؤية المصرية هى الحل، وهناك دلائل كثيرة على ذلك مثل إدارة الدولة المصرية لتداعيات وتهديدات التصعيد العسكرى الصهيونى فى قطاع غزة وأهدافه فى تصفية القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين والدفع بهم إلى الحدود المصرية.. لتحقيق الوهم الصهيونى فى توطينهم بسيناء كل ذلك ذهب أدراج الرياح، وتم إجهاضه، وهو ما بات يتحدث به قادة العالم والتأكيد أنه لا تهجير قسريا للفلسطينيين، وأن حل القضية الفلسطينية يتمثل فى حل الدولتين لإنهاء هذا الصراع، وهو الأمر الذى رسخته مصر.
يقيناً وبفضل الرؤية المصرية على مدار ٠١ سنوات، والإدراك بما يواجه مصر من تحديات وتهديدات ومؤامرات ومخططات، واتخاذ الإجراءات الصحيحة لحماية الأمن القومى المصري، وامتلاك القوة والقدرة التى تقطع الطريق على محاولات المساس بأمن مصر.. لذلك فإن الدولة المصرية قادرة على حماية أمنها القومي.. وأيضاً حماية الداخل والخارج بكفاءة واقتدار وجاهزية وبفكر وحكمة وبقراءات مسبقة.
القدرة المصرية تستطيع الحماية والصيانة والحفاظ على الأمن القومى المصرى والمصالح المصرية على كافة الاتجاهات الاستراتيجية وأيضاً فى البحرين الأحمر والمتوسط، بمفهوم حماية شامل ليس قاصراً على بعد معين، ولكن بكافة مكونات القوة والقدرة الشاملة والمؤثرة، وبناء علاقات إقليمية ودولية ترتكز على التعاون والتقارب والشراكات الاستراتيجية والاحترام المتبادل، وتبادل المصالح.
مصر باتت دولة مشتبكة مع التحديات والتهديدات التى تواجه أمنها القومي، سواء التحديات الأمنية والتى تتمثل فى حدود مشتعلة على الجانب الآخر فى ظل ما تشهده دول الجوار من صراعات ونزاعات واقتتال وتصعيد عسكرى وفوضي، وتؤمن هذه الحدود من مختلف الاتجاهات بشكل محكم وتتخذ كافة الإجراءات وأيضاً التحديات والتهديدات البيئية وتداعيات التغير المناخي، مصر بات لها رؤية للمواجهة وإجراءات واضحة لعبور هذه التحديات، وتعنى بشكل كبير وغير مسبوق بهذه القضية.
الرئيس عبدالفتاح السيسى على مدار ٠١ سنوات وضع الحفاظ على الدولة الوطنية ومؤسساتها والعمل وفق رؤية شاملة على بنائها وتقويتها ووضع ثوابت ومبادئ محددة وراسخة لها بعدم التفاوض أو التعامل مع الدول الأخرى إلا من خلال مؤسساتها الوطنية الرسمية، فمصر لا تتفاوض مع كيانات خارجية موازية لدولها أو ميليشيات أو جماعات إرهابية أو مناهضة لدولها بما يتسق مع مبادئ وثوابت الدولة الوطنية المصرية، ولطالما الرئيس السيسى أكد فى الكثير والكثير من المناسبات على أهمية الحفاظ على الدولة الوطنية ومؤسساتها، وأن كل مؤسسة فيها منوطة بمهامها فى حماية وخدمة الوطن.
الحقيقة أن مفهوم الأمن القومى فى عهد الرئيس السيسى أصبح يتسم بالشمول فلا يتوقف عند تهديدات الخارج فقط، بل عرفنا فى هذا العهد ما يعرف بالأمن الإنسانى ويعنى تحقيق آمال وتطلعات وبناء الإنسان المصرى وإحداث نقلة وقفزة ورد الاعتبار له، لذلك تهتم الدولة المصرية على مدار ٠١ سنوات بتحسين جودة الحياة، وتوفير الحياة الكريمة لمواطنيها ولا يخفى على أحد أن الرئيس السيسى هو أكثر رؤساء مصر اهتماماً بالإنسان المصرى والواقع هو ما يقول ذلك، ولذلك يعد الاهتمام بالإنسان، وأمنه الشامل الاقتصادى والاجتماعى والتوعوي، أهم ركائز الأمن القومى المصري، والواقع يشير إلى هذه الرؤية التى أولت الإنسان المصرى الرعاية والاهتمام غير المسبوق أتت ثمارها فى شكل اصطفاف قوى حول الوطن والقيادة السياسية وهو ما يعد صمام الأمان الذى يحمى الدولة المصرية وأمنها القومى فى مواجهة التحديات والتهديدات والمخاطر الإقليمية والدولية.
الحقيقة أن وضع الإنسان المصرى على رأس الأولويات هو استعادة للمسار الصحيح للحفاظ على الأمن القومى المصرى باعتباره ركيزة البناء والوجود بما لديه من رضا ووعى واصطفاف حول وطنه وهو ما بدا واضحاً وساطعاً على مدار ٠١ سنوات، تجلى خلال الانتخابات الرئاسية بإقبال تاريخى حفاظاً وحماية على الأمن القومى خاصة فى الوقت الذى استشعر فيه المواطن خطورة الأحداث والصراعات والمخططات الراهنة على مصر وإدراكه لحقيقة ما يدور ويحاك ضد الأمن القومى المصري.
اهتمام الدولة غير المسبوق بالمواطن على مدار ٠١ سنوات هو تجسيد حقيقى لأولوية بناء ورفع معدلات الأمن الإنسانى وهو شديد الارتباط بالأمن القومى وأحد أهم مقوماته ومكوناته، وهناك مظاهر عديدة لاهتمام الدولة ببناء الإنسان، وتحقيق الأمن الإنساني، نستعرضها فى بعض النقاط كالتالي..
أولاً: من أهم مقومات بناء الإنسان وتحقيق الأمن الإنساني، هو قدرة الدولة المصرية فى استعادة أعلى درجات الأمن والأمان والاستقرار وهو غاية وهدف أى إنسان خاصة بعد سنوات الفوضى والإرهاب والخوف وغياب هيبة الدولة، ونجحت مصر ـ السيسى على مدار السنوات الماضية فى القضاء على الإرهاب والفوضى وإعادة القوة والاعتبار للدولة الوطنية ومؤسساتها وهيبتها وهو الأمر الذى أدى إلى توفير الأمن والأمان للمواطنين، وبناء دولة القانون والمؤسسات، هنا يستطيع الإنسان أن يمارس حياته بشكل طبيعى ومريح، ولذلك فإن ما تحقق من أمن وأمان واستقرار بعد سنوات من الفوضى والانفلات والإرهاب كان درساً فاصلاً لتحقيق الوعى لدى المواطن، وإدراكه بقيمة العيش فى وطن آمن ومستقر.. ضحى بالكثير من الشهداء والمصابين لتحقيق هذا الهدف، بالإضافة إلى ما يجرى فى المنطقة ودول الجوار من صراعات وغياب للأمن والاستقرار وتفشى الفوضى والاقتتال كانت رسالة مهمة تستدعى يقظة المواطن ووعيه وكونه يعيش فى أعلى درجات الأمن والأمان مقارنة بما يدور من حوله لذلك تمسك وبإصرار على الحفاظ على هذه النعمة التى تعد ركيزة الأمن الإنساني، ومنها ينطلق إلى تحقيق النجاحات والإنجازات له ولوطنه.
ثانياً: حرصت الدولة المصرية على مدار ٠١ سنوات إلى إنهاء عقود المعاناة العميقة والأزمات المؤلمة.. فبعد ان تراجعت الخدمات إلى أدنى مستوياتها فى عهود سابقة.. أنفقت بسخاء على تحسين جودة الحياة للمواطنين ومستوى معيشتهم وتخفيف آلامهم فى مجموعة من الخطوات المهمة وفقاً لرؤية أعادت الاعتبار للإنسان المصرى كالتالي:
> القضاء على العشوائيات التى كان يعيش فيها قرابة مليون مواطن مصرى فى ٧٥٣ منطقة، وأنفقت الدولة من أجل تحقيق هذا الهدف ما يزيد على ٥٨ مليار جنيه.. ونقلت سكان هذه المناطق إلى مناطق حضارية تتوفر فيها سبل الحياة الكريمة والرعاية الكاملة وتسلمت كل أسرة وحدة سكنية مجانية مجهزة بالأثاثات والمفروشات والأجهزة الكهربائية ووفرت له مقومات حياة أفضل من مدارس ومستشفيات ومراكز صحية، وملاعب، وساحات خضراء، ومنافذ للسلع الأساسية، ومراكز ثقافية، وأيضاً وفرت لهم برامج للوعى والحماية الاجتماعية.
> القضاء على فيروس «سي».. وهو الكابوس الذى هدد ملايين المصريين، والذى انتشر بنسبة كبيرة، لذلك أولت الدولة فى الـ ٠١ سنوات الأخيرة اهتماماً كبيراً بإنهاء هذا الكابوس ونجحت فى القضاء عليه وباتت مصر خالية من فيروس سى فى تجربة فريدة أشادت واحتفلت بها منظمة الصحة العالمية.
> القضاء على قوائم الانتظار والتى عانى منها كثيراً مرضى القلب والأورام والعظام، والحالات التى تحتاج لمداخلات جراحية سريعة، وربما انتظر المريض ما يزيد على العام وأكثر لإجراء الجراحة، لكن الأمر تغير تماماً فالآن يتم التعامل مع المريض الذى لا يمكن تأخير علاجه وإنقاذه، لذلك لا تستغرق الآن أكثر من ٠٢ يوماً ووصلت أعداد المرضى المستفيدين من المبادرة إلى ما يقترب من مليونى مريض ناهيك عن المبادرات الرئاسية فى مجال الرعاية الصحية سواء التى تخاطب كل الفئات، أبرزها ٠٠١ مليون صحة، والكشف المبكر عن الأورام ومكافحة التقزم والأنيميا والضمور العضلى والأمراض الوراثية.. ثم التطبيق التدريجى للمشروع الحلم التأمين الصحى الشامل وكل ذلك يجسد اهتمام الدولة ببناء الإنسان المصري، وتحقيق الأمن الإنساني.
ثالثاً: يعد مشروع تنمية وتطوير قرى الريف المصرى الذى أطلقته المبادرة الرئاسية حياة كريمة هو الأعظم فى مجال بناء الإنسان، وتعويض ٨٥ مليون مواطن مصرى عما فاتهم خلال العقود الماضية، وهو يجسد اهتمام الدولة المصرية بالأمن الإنساني، وأنهى عقود التهميش والحرمان والتجاهل لمناطق كثيرة مثل الصعيد، والقرى المصرية فى كافة ربوع البلاد، وهو نقلة وقفزة غير مسبوقة فى مجال تمكين المواطن المصرى فى الريف من الحياة الكريمة..ولهذا المشروع نتائج ومردود عظيم فى مجال الأمن الإنسانى وحماية الأمن القومى والتأكيد أن الدولة متواجدة فى كل مكان بالبلاد، ونموذج أيضاً لتحقيق العدالة الجغرافية.
رابعاً: المواطن المصرى يحظى باهتمام غير مسبوق من الدولة المصرية خلال الـ ٠١ سنوات الأخيرة على كافة المستويات سواء فى مجال الخدمات والرعاية المقدمة له سواء الصحية والتعليمية وهناك مشروعات مهمة مثل تطوير التعليم والجامعات والتى شهدت إنجازات عظيمة كماً وكيفاً وباتت تخاطب كافة متطلبات العصر وبرامج تعليمية تواكب احتياجات سوق العمل المحلى والإقليمى والدولي، والتطور الكبير فى العالم، وكذلك المواطن المصرى يحظى باهتمام كبير فى مجال تقويم الخدمات العصرية مثل النقل والمواصلات، وباتت هذه المنظومة، توفر السرعة والأمان للمواطن وهى متعددة منها مرفق السكة الحديد، وخطوط المواصلات والنقل العام، ومترو الأنفاق، والقطار الكهربائى والسريع، وشبكة طرق عصرية وآلاف المشروعات القومية التى استهدفت بناء الوطن والمواطن وتوفير ملايين فرص العمل الحقيقية التى انعكست على تحقيق الاستقرار للأسر المصرية.
خامساً: حظيت الفئات الأكثر احتياجاً والأولى بالرعاية باهتمام كبير من الدولة المصرية خلال الـ ٠١ سنوات الأخيرة لمواجهة أعباء الحياة وتخفيف معاناتهم ووفرت لهم برامج حماية اجتماعية شاملة تتضمن الدعم المالى مثل برنامج تكافل وكرامة الذى يشمل ٢٢ مليون مواطن مصريا بمعدل ٢.٥ مليون أسرة بالإضافة إلى الدعم العينى سواء دعم رغيف الخبز أو بطاقات التموين، وفرضت الظروف والأزمات العالمية اهتماماً غير مسبوق بهذه الفئات سواء لحمايتهم من تداعيات الإصلاح الاقتصادى أو جائحة كورونا، أو الآثار الصعبة للحرب الروسية ـ الأوكرانية وشملت فئات مثل المتضررين من هذه الأزمات، والعمالة المؤقتة، واهتمت الدولة بكافة الفئات مثل الصيادين وعملت على تقديم الدعم لهم ورفع مستوى معيشتهم وتوفير الحماية الاجتماعية لهم، بالإضافة إلى ذوى الهمم والاحتياجات الخاصة.
الحقيقة أن الأمن الإنسانى فى الـ ٠١ سنوات الأخيرة هو مفهوم تم تطبيقه على أرض الواقع من خلال الاهتمام بجودة حياة المواطن، وتحسين ظروفه المعيشية ولولا تداعيات الأزمات العالمية وآثارها الاقتصادية لشهدت نجاحات أكثر بكثير، لكن اهتمام الدولة غير المسبوق، يجعلها تواصل هذا الاهتمام والرعاية، وإدراكها أنه جزء أساسى ورئيسى من الأمن القومى يتعلق بمستوى رضا المواطن ووعيه، واصطفافه حول وطنه وقيادته، وإدراكه أن الواقع يتغير للأفضل، فالرهان على بناء الإنسان هو رهان رابح، ورؤية ثاقبة تفوت الفرصة على قوى الشر ومحاولاتهم تزييف الوعي، والتحريض على الهدم وتقطع الطريق أمام جماعات الظلام والتكفير والعمالة فى النيل من عقل المواطنين فالدولة المصرية موجودة وحاضرة إلى جانب مواطنيها فى كافة ربوع البلاد تقدم الدعم والمساندة فى كافة المواقف ووفق مسارات عديدة سواء جهود الدولة التى باتت تخصص ٢٢٥ مليار جنيه لبرامج الحماية الاجتماعية والدعم للفئات البسيطة والأكثر احتياجاً.
استكمال تحقيق الأمن الإنساني، وبناء الإنسان المصري، والارتقاء بجودة حياته واستكمال مشروعات عملاقة لتوفير الحياة الكريمة له هى التحدى الحقيقي، والهدف الذى يأثى على رأس أولويات المرحلة القادمة، خاصة أن الجزء الأكثر صعوبة من ملحمة البناء والتنمية تم إنجازه خاصة فيما يتعلق بالبنية التحتية، وعبور العقبات والصعاب والأزمات المتراكمة، والإصلاح فى كافة المجالات والقطاعات وإصلاح بنية كل قطاع وباتت مصر مهيأة للانطلاق لحصد الثمار، وانعكاسات ذلك على الإنسان المصرى فما تم تنفيذه خلال ٠١ سنوات خلق الفرص الواعدة لجذب الاستثمارات واكتساب القدرة على النجاح والتفكير خارج الصندوق.
الحقيقة أن إدراك الدولة على مدار ٠١ سنوات قيمة بناء الإنسان وتمكينه من الحياة الكريمة وربطه بالوطن وإشراكه فى تحمل مسئولية بناء وحماية مصر وبناء وعيه وتوفير مقومات نجاحه واكتسابه المهارات واستشعاره حجم اهتمام الدولة به سواء فى العيش والسكن والحياة الكريمة.. كل ذلك يزيد من فعالية الأمن الإنساني، الذى هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي، فالدول تحارب من قوى الشر والمؤامرات من خلال عقول شعوبها وهذه الحقيقة محصلة أحداث أكثر من عقدين سقطت فيها دول كثيرة بفعل الحروب الجديدة التى تستهدف تزييف وعى المواطن واحتلال عقله وتحريضه لتدمير وطنه من هنا فإن بناء الإنسان.. هو أهم خطوة لتحقيق الأمن الإنسانى الذى يعد ركيزة الأمن القومي.
فالإنسان الذى يعى أن هناك وطناً يحترمه ودولة منشغلة بتوفير حقوقه، بطبيعة الحال النتيجة ستكون قوة إضافية تحمى الوطن، واصطفافاً يحافظ على أمنه واستقراره ووجوده، وهو ما تفعله «مصر ـ السيسي».